دبي ـ العرب اليوم
تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة دول الشرق الأوسط في جاذبيتها لرؤوس الأموال المتدفقة من الأسواق الصاعدة، فضلاً عن تبوؤها المرتبة الأولى بين المراكز الإقليمية المفضلة للتبادلات بين أوروبا وآسيا، بحسب نتائج دراسة “انفيسكو لإدارة الأصول”.
وأظهرت نتائج الدراسة التي تم استعراضها خلال مؤتمر صحفي في دبي الاثنين، أن دولة الإمارات العربية المتحدة جاءت في مقدمة أكبر المستفيدين من التدفقات الرأسمالية إلى منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، بينما كانت دول الأسواق الصاعدة عموماً والهند وروسيا والصين بصفة خاصة أكبر مصادر تلك التدفقات متجاوزة تلك القادمة من دول الأسواق المتقدمة.
وتصدرت الأسواق الصاعدة المناطق المصدرة لرؤوس الأموال إلى دولة الإمارات بنسبة 43%، 15% منها من الهند و10% من روسيا و7% من الصين، بينما لم تتجاوز نسبة الأموال المتدفقة من الدول المتقدمة، بما فيها المملكة المتحدة وأوروبا وأميركا الشمالية 13% من الإجمالي. وبلغت حصة الأموال المتدفقة إلى الدولة من دول منطقة الشرق الأوسط نحو 35%، بينما بلغت حصة سائر دول مجلس التعاون الخليجي 9%.
وأشارت الدراسة التي رصدت تطور قطاع إدارة الأصول الاستثمارية في دول مجلس التعاون الخليجي، إلى أنه في الوقت الذي تتدفق فيه رؤوس الأموال على الدولة، يبدو أن رؤوس الأموال الموجودة في سائر دول مجلس التعاون الخليجي بما فيها البحرين وعُمان والكويت وقطر تغادر أسواقها الوطنية، ما يجعل من دولة الإمارات العربية المتحدة المحور الرئيسي لاستقطاب الأموال المتدفقة إلى المنطقة.
وتعزز الإحصاءات الوطنية مصداقية تدفق تلك الأموال إلى أسواق الدولة، حيث تشير إلى زيادة بنسبة 9% في ودائع مصارف الإمارات عام 2012، وارتفاع أسعار العقارات في الدولة بنسبة 17% سنوياً، في مؤشرين يدلان على ازدياد التدفقات النقدية المتجهة إلى أسواق الدولة.
وقالت الدراسة إن دولة الإمارات كانت قد شهدت قبل نشوب الأزمة المالية العالمية، تدفق رؤوس أموال مدعومة بالقروض (كالعقارات التي يتم شراؤها مدعومة بقروض رهونات عقارية) قادمة من الأسواق المتقدمة، لكن الصورة التي رسمها المشاركون في الاستبيان عام 2013، توحي بتدفق رؤوس أموال غير مدعومة بالقروض (كالعقارات المشتراة نقداً) التي باتت تتدفق الآن من الأسواق الإقليمية والصاعدة.
الدوافع الرئيسية
ورصدت الدراسة الدوافع الرئيسية لتدفق رؤوس الأموال الخاصة على الإمارات، لافتة إلى ثلث المشاركين في الدراسة يرون أن الدافع الرئيسي الأول يتمثل في الاستقرار النسبي للدولة، مقارنة مع أوضاع سائر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأعرب 29% من المشاركين عن اعتقادهم بأن الدافع الرئيسي الثاني يتمثل في الفرص الاستثمارية المتاحة في الدولة، وهذا هو الدافع الرئيسي لتدفق الاستثمارات الهندية والروسية والصينية إلى أسواقها، في دليل واضح على تنامي التبادلات المالية بين دول الجنوب.
وقال نيك تولتشارد، رئيس إنفيسكو الشرق الأوسط، إن دراسة عام 2013 تعتبر مؤشراً قوياً على حدوث تحوّلٍ هيكلي في مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث راحت تظهر فيها مؤشرات على تصدرها لدول المنطقة، باعتبارها المركز الإقليمي المفضل للتبادلات بين أوروبا وآسيا.
ولفت إلى أنه فضلا عن كونها مركزاً استثمارياً مفضلاً، نشطت الدولة في بناء وتعزيز علاقاتها الدولية وتشجيع استقطاب الاستثمارات من الأسواق الصاعدة، بحيث يمكن اعتبار هذه التدفقات الاستثمارية مؤشراً على تميز سياسات الدولة، وليس مجرد دليل على انتهاز الأسواق الصاعدة لفرص معينة.
وأكد أن عملية إعادة التوازن التي نفذتها الدولة عقب الأزمة المالية العالمية لعبت دوراً مهماً في انتعاش اقتصادها، نظراً لاستمرار تركيز الأسواق المتقدمة على الأوضاع الاقتصادية المحيطة بها.
صناديق الثروات السيادية
وفي سياق آخر، أكدت دراسة “إنفيسكو”، أن أكبر صناديق الثروات السيادية والحكومية في الشرق الأوسط تبحث بصورة متزايدة نماذج جديدة للاستثمار في أسهم الشركات الخاصة، مشيرة إلى أن حصة صناديق الثروات السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي تشكل نحو 35% من تدفقات صناديق الثروات السيادية العالمية، وتصل إلى 1,8 تريليون دولار.
وكشفت النقاب عن استقطاب الشركات المساهمة الخاصة التي لا يتم تداول أسهمها في الأسواق، الجانب الأكبر من المخصصات الاستثمارية لصناديق الثروات السيادية الشرق أوسطية. وفي المقابل، فإن العقارات والبنى التحتية التي يعتبرها الكثيرون بدائل استثمارية “مفضلة” لصناديق الثروات السيادية في المنطقة، تعتبر أقل أهمية.
وبحسب الدراسة، خصصت صناديق الثروات السيادية التنموية 33% من أصولها الجديدة في المتوسط للاستثمار في الشركات المساهمة الخاصة خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، في تحرك شكّل قفزة كبيرة في حجم تلك الاستثمارات، مقارنة مع 10% عام 2011.
وتوحي الدراسة بأن غالبية تلك الاستثمارات تمت عبر ضخ استثمارات مباشرة في تلك الشركات، فيما خصصت صناديق الثروات السيادية الاستثمارية 13% من أصولها الجديدة في المتوسط للاستثمار في تلك الشركات بسبب حاجتها إلى تنويع استثماراتها، وتحقيق أهدافها القاضية بتوليد عائدات أكبر، عبر تفضيل نموذج الاستثمارات المشتركة، ما يشكل زيادة ملحوظ عن نسبة 9% المسجلة عام 2012.
وأشارت الدراسة إلى أنه بالتزامن مع انتعاش أسعار النفط، أخذت صناديق الثروات السيادية التنموية تستهدف تحقيق عائدات أكبر لاستثماراتها بمتوسط يبلغ 14%، وتخصص المزيد من الأصول للاستثمار محلياً.
وعلى العكس من صناديق الثروات السيادية التنموية، تستهدف صناديق الثروات السيادية الاستثمارية، بحسب الدراسة، تحقيق عائدات بمعدل 8%، وتعتبر صناديق استثمار الأجيال المقبلة تسعى لتنمية أصولها عبر محافظ استثمارية متنوعة، مما يفسر تخفيض حصة الشركات المساهمة الخاصة في مخصصات الاستثمار، وتوزيع تلك المخصصات على نطاق أوسع بين مختلف فئات الأصول.
وأشارت الدراسة إلى أن الجانب الأكبر من المخصصات الاستثمارية لصناديق الثروات السيادية يذهب إلى الأسهم العالمية (39%)، تتبعها السندات العالمية (16%)، لافتة إلى انه فيما يعتبر التنويع الدافع الرئيسي للاستثمار في الشركات المساهمة الخاصة ، تعكس زيادة الاستثمار في تلك الشركات هذا العام، ازدياد الحاجة إلى التنويع بعيداً عن أسهم الشركات العامة وتحقيق عائدات أكبر.
وأشارت الدراسة إلى أن صناديق الثروات السيادية الاستثمارية تفضل الاستثمارات المشتركة لأن أهدافها الاستثمارية البحتة تتماشى مع أهداف مستثمري القطاع الخاص في الشركات المساهمة الخاصة، بينما تفضل صناديق الثروات السيادية التنموية الاستثمار المباشر والمستقل لتحقيق أهدافها التنموية التي نادراً ما يشاطرها معها الشركاء الاستثماريون.
أرسل تعليقك