القاهرة ـ وكالات
حذر مدير برنامج الأغذية العالمي في مصر جيان بيترو بوردينيون من أن وضع الأمن الغذائي في البلاد يتدهور وأن التكلفة السنوية يمكن أن تتجاوز أربعة بلايين دولار مع وقوع مزيد من الناس في قبضة الفقر. ويتطلب القرض الذي تطلبه مصر من صندوق النقد إجراء إصلاحات حساسة اقتصادياً للدعم المكلف للوقود والغذاء وزيادة بعض الضرائب.
وقال بوردينيون إن «وضع الأمن الغذائي (في مصر) يتدهور. وهذه ظاهرة بدأت قبل بضع سنوات بسبب سلسلة من الصدمات الاقتصادية». وأشار إلى أن هذه الصدمات بدأت مع تفشي إنفلونزا الطيور عام 2006. وكانت مصر أكثر الدول تضرراً خارج آسيا مع وجود نحو خمسة ملايين أسرة تعتمد على تربية الدواجن بالمنزل كمصدر مهم للغذاء والدخل.
وجاء بعد ذلك ارتفاع أسعار الغذاء على مستوى العالم في 2007 - 2008 وتبعته الأزمة المالية وأزمة الوقود في 2008 - 2009 ثم التبعات الاقتصادية لانتفاضات الربيع العربي في 2011 لتضيف إلى الضغوط على الأمن الغذائي في المنطقة في صورة عامة. وقال بوردينيون: «في 2009 كان معدل الفقر في مصر فوق 21 في المئة فحسب. وفي 2011 بلغ 25 في المئة، ما يعني أن الاتجاه مستمر.
ويؤكد البنك الدولي أن 20 في المئة آخرين على مقربة من خط الفقر الذي أصبح خطاً هشاً». ويعني ذلك أن حوالى 45 في المئة من سكان البلاد الذين يتجاوز عددهم مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر أو حوله.
وقال بوردينيون إن «الأزمات الاقتصادية تضع عدداً متزايداً من الناس في وضع خطر جداً. فالأسرة المصرية تنفق في المتوسط 40 في المئة من دخلها على شراء الغذاء. وبالنسبة للعائلات الأكثر فقراً وهم 25 في المئة من السكان يذهب أكثر من 50 في المئة من دخلهم لشراء الغذاء. يعني ذلك أن لديك أموالاً أقل للمتطلبات الأخرى للحياة، للتعليم، للصحة، ولكل شيء آخر».
وأكد أن تكلفة الجوع هذه تشمل تقلص الإنتاجية الاقتصادية وزيادة تكلفة العلاج في المستشفيات من ضمن آثار سلبية أخرى مثل سوء التغذية والتقزم والهزال وفقر الدم. وقال: «في 2009 كانت هذه التكلفة نحو اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي أي حوالي أربعة بلايين دولار». وأشار إلى أن الهدر يمكن أن يكون أعلى الآن مع استمرار الأمور في نفس الاتجاه، مضيفاً: «الوضع يتدهور ولا بد من معالجته فوراً لأنه اتجاه خطر جداً. لا يوجد نقص في الغذاء، بل يوجد نقص في الأموال لدى الأسر لشراء الغذاء. وأحد أخطار الانكماش الاقتصادي أن الغذاء في المستقبل يمكن أن يكون أقل توافراً».
وتخطط الحكومة لقطع الكهرباء لفترات بسبب نقص الوقود المستورد لتشغيل المولدات في محطات الكهرباء. وقالت مسؤولة البرامج في برنامج الأغذية العالمي جين ويت أن المصريين الذين ينتقلون بمرور الوقت إلى صفوف الفقراء أكثر ممن يخرجون منها. وأضافت: «إذا لم يكن لدى الناس طعام كاف أو مال يكفي لشراء الطعام فيمكن أن يبدأوا في تبني استراتيجيات تكيف مثل اقتراض الأموال، تقليل استخدام مواد غذائية معينة واستهلاك غذاء أرخص. وهذا بالنسبة إلينا علامة على العسر أيضاً». وأشارت إلى أن بعض الأسر تعجز عن إبقاء أبنائها في المدارس إذ تضطر لتشغيلهم للحصول على دخل إضافي فيما وصفته بأنه «استراتيجية تكيف حادة».
ويعتزم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إطلاق برنامجه المحلي الجديد في مصر في تموز (يوليو) وسيركز على تقديم مساعدة مباشرة بدرجة أكبر لتلاميذ المدارس وعائلاتهم من خلال برامج مثل «الغذاء في مقابل المدرسة» الذي يشجع على إبقاء الأطفال في المدارس. وقال بوردينيون: «يوجد 500 ألف مستفيد تقريباً حالياً من أطفال المدارس وأفراد أسرهم. وفي البرنامج الجديد سنزيد ذلك إلى 800 ألف». وعلى المستوى الوطني يساعد برنامج الأغذية العالمي الحكومة في برامج لرفع محتوى الخبز المدعم وزيت الطعام من المعادن والفيتامينات.
إلى ذلك قال محافظ البنك المركزي المصري هشام رامز إنه يتوقع ارتفاع الجنيه أمام الدولار الأسبوع المقبل. وتسعى مصر إلى كبح تراجع الجنيه الذي انخفض سعره الرسمي أمام الدولار نحو عشرة في المئة هذا العام. وتعاني مصر حالاً من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك قبل أكثر من سنتين. وهبط الجنيه إلى مستويات أدنى في السوق السوداء ووصل إلى نحو ثمانية جنيهات للدولار في الأسابيع القليلة الماضية.
ولم يقدم رامز سبباً لهذه التوقعات. لكن قطر أعلنت أول أمس إنها ستقدم لمصر مساعدات مالية إضافية بثلاثة بلايين دولار. كذلك ستقرض ليبيا مصر بليوني دولار من دون فائدة. وقال رامز إن البنك المركزي يركز على توفير السلع الأساسية للبلاد «لكن لا يستطيع التفريط في الاحتياط النقدي من أجل تلبية احتياجات الناس». وأضاف أن الاحتياط النقدي الحقيقي لا بد أن يكون ناتجاً من استثمارات حقيقية وتحويلات المصريين والسياحة وليس الاعتماد على ودائع من الدول الأخرى.
أرسل تعليقك