لندن ـ وكالات
توقع التقرير الأسبوعي لبنك «إتش إس بي سي» أن تتزايد الشكوك حيال توقعات الاقتصاد البريطاني خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لا سيما عقب أن أعلن وزير الخزينة البريطاني جورج أوزبورن عن خفض تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وتمديد فترة التقشف.
ومن المتوقع أن يؤدي ضعف النمو الاقتصادي إلى تصاعد حدة القلق حيال توقعات الدين بعدما أقرت الحكومة البريطانية أنها لن تحقق أهدافها المتمثلة في خفض معدل الديون لإجمالي الناتج المحلي. وإلى ذلك، تتزايد المخاوف من تداعيات خفض التصنيف الائتماني البريطاني المتميز AAA على اقتصاد البلاد وأن تتزايد الضغوط على البنك المركزي البريطاني لتغيير مسار السياسة النقدية الحالية واعتماد سياسة نقدية متشددة وصارمة جداً. ومن غير المرجح أن يقدم ذلك دعماً قوياً للجنيه الإسترليني.
وقال التقرير: إن الدولار الأميركي سجل ارتفاعات محدودة على خلفية البيانات التي جاءت أفضل من المتوقع، ويأتي ذلك بعدما سجلت أغلب مؤشرات سوق العمل في الولايات المتحدة تحسناً ملحوظاً، ما يقلل من احتمال اعتماد المجلس الاحتياطي الاتحادي جولة جديدة من التيسير الكمّي وسط تفاؤل المتعاملين بظهور أنباء إيجابية من الأسواق الأميركية. ويقول المحللون إن مؤشر الدولار دخل في مسار صاعد خلال تعاملات الأسبوع، ولكن من غير المؤكد أن تستمر إيجابية وتفاؤل السوق.
وأظهر انخفاض متواضع في بيانات التوظيف الضعف الحالي والمستمر في سوق العمل (إذ ما زال ارتفاع معدل التوظيف طفيفاً مع هبوط معدل البطالة لأسباب غير صحيحة). وإلى ذلك، اذا استمرت الأمور على هذا النحو وهو أمر مرجح جداً، فإن من المتوقع أن يعتمد المجلس الاحتياطي الاتحادي جولة جديدة من التيسير الكمي في اجتماعه المقرر الأسبوع المقبل.
وأظهرت البيانات أن معدل التوظيف، في الولايات المتحدة، سجل نمواً في نوفمبر؛ إذ ارتفعت الوظائف في القطاعات غير الزراعية بمقدار 146 ألف وظيفة الشهر الماضي بأفضل من التوقعات التي بلغت 85 ألفاً، وعدلت وزارة العمل الأميركية أعداد الوظائف التي أضافها الاقتصاد في سبتمبر وأكتوبر بخفض 49 ألفاً من الأرقام الواردة لهذين الشهرين في تقارير سابقة لتصل إلى 97 ألفاً، وهو رقم قريب جداً من التوقعات.
تراجعت نسبة البطالة إلى 7.7 % الشهر الماضي من 7.9 % في أكتوبر، وهي نتيجة جيدة جداً على ما يبدو، ولكنها ليست إيجابية بما فيه الكفاية عند التمعن بعمق. وفي الحقيقة تراجع مقياس التوظيف المحلي 122 ألفاً في الشهر، وهي النتيجة التي تسفر عادةً عن ارتفاع، وليس انخفاض، معدل البطالة.
وجاء الانخفاض في معدل التوظيف نتيجة عاملين اثنين، أولهما انخفاض معدل مشاركة القوى العاملة في سوق العمل بمقدار 350 ألفاً (معدل التوظيف مستمد من قاعدة أدنى) إضافة إلى انخفاض معدل مشاركة القوى العاملة بمقدار 0.2% إلى 63.6%، وهو مرتفع قليلاً عن مشاركة القوى العاملة من إجمالي عدد السكان الذين ينتمون إلى سوق العمل (وفوق سن 31 عاماً) إلى 63.5%. ومن أبرز العوامل المعقدة والمحتملة الأنباء "السيئة" عن المسح الأسري الناتجة عن الآثار المرتبطة بإعصار ساندي الذي تسبب بإغلاق شبه كامل لشرقي الولايات المتحدة، ليتأثر بذلك أكثر من 369 ألف شخص، الذين لم يتمكنوا من العمل نظراً لسوء الأحوال الجوية.
وفي أوروبا، خفض البنك المركزي الألماني توقعاته للناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا لعام 2013 إلى 0.4% مقارنة بالتوقعات السابقة التي بلغت 1.6%، وترك توقعات التضخم دون تغيير يذكر عند 1.5% (1.6% في القراءة السابقة).
ويأتي هذا التعديل عقب تصريحات مخيبة للآمال أدلى بها (ماريو دراجي) رئيس البنك المركزي الأوروبي تناولت التوقعات الاقتصادية؛ حيث أعلن البنك الخميس الماضي عن خفض توقعاته لاقتصاد منطقة اليورو، ما أدى إلى تراجع اليورو مقابل الدولار الأميركي. وفي ظل توقعات اقتصاد منطقة اليورو المعدلة بالخفض والصورة القاتمة للنمو الألماني، ما زالت توقعات البنك المركزي الألماني تؤثر على اليورو، والتي كان لها تأثير سلبي جداً على العملة.
وبالإضافة إلى توقعات البنك المركزي الأوروبي المعدلة بالخفض، يخشى المحللون وفقاً لتصريحات (دراجي) رئيس البنك المركزي الأوروبي أن يؤدي خفض معدلات الفائدة لدعم النمو إلى زيادة المعروض النقدي نحو خفض قيمة سعر صرف العملة مقابل العملات الأخرى.
ولم يغب عن أذهان المتعاملين في السوق تصريحات رئيس البنك المركزي الأوروبي التي أدلى بها الخميس الماضي وتخفيض تقديرات النمو في المنطقة وتنبؤات التضخم التي عززت التوقعات بخفض أسعار الفائدة، وقال رئيس البنك المركزي الأوروبي في مؤتمر صحافي: إنه جرت مناقشات واسعة بشأن خفض أسعار الفائدة في اجتماع المجلس والتي ساهمت في الانخفاضات اللافتة جداً لليورو التي أشار إليها (دراجي) في تصريحاته الأخيرة.
وحول تطور الأوضاع الاقتصادية في منطقة اليورو، جاءت البيانات الألمانية التي نشرت مؤخراً متماشية تماماً مع الاتجاه الهبوطي الذي أشار إليه صانعو السياسة في منطقة اليورو خلال الأيام الماضية. وقالت وزارة الاقتصاد الألمانية إن الإنتاج الصناعي تراجع في أكتوبر بنسبة 2.6 %، ومن المتوقع أن يظل منخفضاً حتى نهاية الربع الأخير من العام عقب التعديل بالزيادة حتى سبتمبر إلى سالب 1.3 % على أساس شهري (من سالب 1.8 %).
وهذا يشير إلى تراجع الإنتاج الصناعي على أساس سنوي إلى سالب 3.7 %، ليوسع بذلك الانكماش الأخير ويسجل أدنى مستوى له في ثلاثة أعوام تقريباً. وتأكيداً على ذلك، مثلت سلسلة الأنباء السيئة حيال اقتصاد منطقة اليورو حدثاً مهماً لسوق العملات في الأسبوع الماضي.
أرسل تعليقك