انتهاكات بالجملة،اعتداءات على الجمعيات وعلى دور الأيتام، محاسبة على أساس المظهر وإيقافات لتلفيق التهم وليس للتورط في جرائم، هذا ملخص ما ذهب إليه المحامي أنور أولاد علي المختص في الدفاع عن السلفيين أو عن الأشخاص الذين تم الزج بهم في قضايا إرهابية لانتمائهم إلى تنظيمات دينية معينة، وتحدثنا إلى المحامي الذي اختار طوعًا أن يكون أغلب منوبيه من المتهمين في قضايا انتماء وسألته عن سر هذا الاختيار وعن جملة ما عاشه منوبوه في مراكز الإيقاف وفي السجون.
وقال محدثنا "إن أقل ما يمكن قوله في هذا الخصوص إن هناك انتهاكات مسلطة على حقوق الإنسان، هناك تعذيب في مراكز الإيقاف وهناك محاسبة للناس حسب مظهرهم، فكل ملتحي بالنسبة إلى أعوان الأمن لا بد من إيقافه والتحقيق معه ومحاولة إيجاد تهمة لها لإيقاف لم يعد يطبق على من هو متهم في قضية ما أو مشتبه فيه بل أصبحت المهمة الأولى هي الإيقاف ومن ثمة محاولة البحث عن تهمة للموقوف.كل منزل يكتريه ملتحي لا بد أن يداهم ويهان سكانه ويتم اعتقالهم بطريقة مهينة ومذلة، أنهم يوقضون أصحاب المنزل بالأسلحة إلى درجة أن كل ملتحي أصبح يجد صعوبة في اكتراء منزل لتهرب المالكين خوفًا مما قد ينجر عن ذلك من متاعب وملاحقات ومداهمات وخلع للأبواب.
وأضاف أنور أولاد علي أن الاعتقالات تتم يوميًا وتقدر بالعشرات أن لم نقل بالمئات، وقال إنهم يوقفونهم لمدة معينة تتراوح بين 6 أيام فما فوق ليتم فيما بعد إطلاق سراح أغلبهم لعدم وجود إثباتات في شانهم، وذكر أنه منذ حوالي شهر كيف أن إمام خمس في أحد المساجد في حي الانطلاقة قدّم حديثًا من القيروان داهموه في منزله بالسلاح وحاول أحد أعوان الأمن قتله أمام أبناءه معللاً ذلك بأنه ممن قتلوا زملاءهم في قبلاط، وقد أطلق سراحه فيما بعد لأنه لم يثبت ضده شيئًا.
كما أنه يتم اعتقال الأشخاص لأن هواتفهم تحتوي أناشيد تدعو إلى الجهاد.أصبحنا نعيش على وقع اعتقالات بناء على محتويات الحواسيب والهواتف الجوالة، وأكد أنه لو فكرت في البحث في حاسوبك من باب الفضول عن طريقة صنع القنبلة ستجد نفسك لاحقًا في السجن بتهمة الاشتباه في المشاركة في الإرهاب، والأصل في القانون هو أنه لا يحاسب المرء إلا على ما اقترفت يداه، فلا يمكن أن نحاسب شخصًا على أفكاره.
وقال محامي السلفيين إن المسألة مرتبطة بما أصبح عليه القضاة من ضغط يمارس عليهم، فالقضاة أصبحوا أكثر خشية خاصة في قضايا الإرهاب والانتماء.ففي عهد بن علي كان هناك خمسة قضاة فقط ينظرون في قضايا الارهاب اليوم اصبح كل القضاة بمن فيهم الجدد ينظرون في هاته القضايا.ويعتقد ان هذا أمر سيئ للغاية باعتبار انه تتم إحالة ملفات عديدة على قاضي التحقيق فتثقل بها كاهله والحال أنه كان بالامكان البت فيها منذ البداية دون إحالة، وفيما يتعلق بانابته للناطق الرسمي باسم تنظيم انصار الشريعة المنحل سيف الدين الرايس ،قال ان تهمته "مفبركة" وملفقة.واوضح ان سيف الدين الرايس ارادوا الزج به عنوة في قضية ارهابية.ولعلهم طلبوا من احد الموقوفين في قضية قبلاط ان يدعي ان سيف الدين الرايس امده بكيس فيه اسلحة.وقد القي القبض على سيف الدين وبمجرد التحقيق معه ومكافحته بالموقوف الذي زج به في القضية اتضح أنها قصة مفبركة ولا اساس لها من الصحة فاطلق سراحه.
ومن بين التهم التي توجه للموقوفين حسب المحامي انور اولاد علي هي الاشتباه في انتمائهم الى تنظيم انصار الشريعة،ورود معلومات تفيد انه مشتبه في تورطهم في قضايا ارهابية هناك من يتم اعتقالهم لانهم يتبادلون أناشيد او غيرها من مقاطع الفيديو في "الفايسبوك".وغيرها من التهم التي وصفها بالمضحكة.
وأكد محدثنا ان عدد الموقوفين في قضايا ارهابية كبير بل انه لا يحصى ولا يعد،باعتبار ان الاعتقالات عشوائية وبالجملة. يوميا تعتقل العشرات واحيانا المئات،فيطلق سراح الاغلبية ويوقف البقية.اما بالنسبة الى الاعتقالات منذ ان صنفت انصار الشريعة على انها تنظيما ارهابيا محظورا فهي بالالاف وربما هي في حدود 6 الاف او اكثر.
وبسؤاله ان كان قد ناب احد الموقوفين وتبين فيما بعد انه ارهابي بالفعل،اجاب محدثنا انه انتقائي،ويختار الملفات التي سيترافع فيها بكل عناية.وملف الشعانبي مثلا اعتذر فيه للعديد من العائلات ولم ينب فيه اي متهم.واستدرك أن هناك الكثير من الظلم في مسالة الاعتقالات,هناك تعذيب في مراكز الايقاف وممارسات سيئة في السجون.
وفيما يتعلق بانابته للاسلاميين في عهد الرئيس المخلوع بن علي، أجاب أنه عرف بانابته للاسلاميين منذ عام 2002، وكان معه في ذلك الوقت كل من سمير ديلو عضو حركة النهضة والنائب بالبرلمان وراضية النصراوي و عبد الرؤوف العيادي ونور دين البحيري وسمير بن عمر وغيرهم من المحامين الذين التحقوا اليوم بالسياسة وتخلوا عن المحاماة.ليجد نفسه وحده من ضمن القدماء.لم يبق معه تقريبا اي محامي من الكبار، وقال إن عامل الخبرة منحه اكثر حرفية واكثر قدرة للدفاع في هاته القضايا.وشدد على انه مستعد للدفاع عن كل مظلوم مهما كان انتماءه أو توجهه الفكري والديني.
وبالنسبة إلى تقارير الطب الشرعي والتي تثبت في مجملها وعند وفاة اي سجين انه مات بسبب سكتة قلبية أو مرض ما ،قال إنه لنا في تونس اطباء شرعيين موجودين اليوم كقادة والحال انه ثبت تورطهم منذ العهد البائد في تغيير التقارير والتلاعب في أسباب الوفاة.هناك من مات في عهد بن علي تحت التعذيب ونفس الطب الشرعي الذي نعول عليه اليوم كان يكتب تقريرا يفيد انه مات نتيجة سكتة قلبية.
واقترح في هذا الخصوص ان تكون هناك رقابة على الاطباء الشرعيين وان يتم تغيير الوجوه القديمة بل انه من الضروري محاسبتها على الملفات القديمة.كما اقترح ان يختار الطبيب الشرعي حسب شهادة زملائه.
وختم محدثنا كلامه بأنه لابد من اصلاح مؤسساتي،وأنه يجب أن تتغير العقيدة الأمنية بصفة عامة وأن يحاط الأمنيين بأخصائيين نفسيين، يجب أن تتغير طريقة البحث والتحقيق مع المتهمين، كما أنه من الضروري الحرص على تكوين الأمنيين تكوينًا جيدًا مبنيًا على احترام حقوق الإنسان.وأكد أن ثكنة بوشوشة المغلقة تحدث فيها أشياء غريبة وعجيبة وكل الذين نابهم تقريبًا واوقفوا في بوشوشة يجهشون بالبكاء نتيجة ما يعيشونه هناك. هم ينامون قرب المجاري"زيقو"ينامون لمدة ثلاثة أيام مكبلين وغيرها من الأمور المهينة الأخرى، وقال إن ديكور مراكز الإيقاف يتغير عند زيارة المحامين وينظف مكان التعذيب وكأن شيئًا لم يكن.وهناك من من أعوان الأمن في منزل بورقيبة يمسكون بملتحين ويطلبون منهم أن يرددوا يحيا بن علي وأن يقولوا بن علي في الجنة، هناك خور كبير يجب التصدى له، وإنه على القضاء أن يؤمن أنه لا أحد فوق القانون وأن كل معتدي يجب أن يحاسب وإن كان وزيرًا أو قاضيًا أو محاميًا.
أرسل تعليقك