يشهد النشاط التجاري في القطاع العقاري فورة في نشاطه بالسعودية، حيث يعد النشاط الوحيد الذي لا يزال يحقق نتائج متميزة وملموسة وفي تزايد مطرد من الحركة من باقي القطاعات الأخرى، بعكس عمليات البيع والشراء التي تسجل مستويات محدودة في الأداء نتيجة إقرار الدولة الكثير من القرارات المؤثرة.
في حين شهد قطاع التأجير التجاري ارتفاعات غير مسبوقة وغير مبررة في الأسعار، خصوصاً إيجار المحال التجارية بشكل عام، حيث وصلت إلى مستويات كبيرة ومهولة خلال السنوات الماضية وبالتحديد الخمس الأخيرة منها، حيث تجاوزت الـ50 في المائة، الأمر الذي يراه البعض محاولة بعض المستثمرين تعويض ما يخسرونه في القطاع السكني عبر رفع سعر التجاري لخلق توازن ذاتي لهم، الأمر الذي انعكس على بعض الأنشطة التجارية التي أغلقت أو زادت أسعارها لمجاراة رفع الأسعار.
وقال إبراهيم المرضي، الذي يدير مجمعاً تجارياً بالرياض، إنه يسمع عن انخفاض حركة العقار في السعودية وهو ما أثر على أسعار العقار، إلا أن ذلك، وبحسب حديثه، لم يكن مجدياً مع القطاع التجاري الذي ظل يشهد الارتفاعات المتتالية في ظل غياب الرقابة وعدم وجود عقد تجاري موحد يجبر الجميع على الالتزام بالعقد الأساسي أو حتى وضع نسب طفيفة تكون مرتبطة بالوضع الاقتصادي، إلا أن ما يحدث الآن هو ارتفاعات غير مبررة تحدث من وقت لآخر، لافتاً إلى أنه ومنذ 4 سنوات والإيجار يرتفع بشكل شبه سنوي لأكثر من 10 في المائة رغم وجودهم في الموقع نفسه منذ فترة طويلة تزيد على سنوات.
وأضاف أن ذلك ينعكس على التكلفة بشكل عام، في الوقت الذي أصبح رفع الأسعار بين التجار سمة رئيسية يعاني منها السوق، الأمر الذي يدفع بالتضخم التجاري بعد أن يجبر التاجر على رفع الأسعار لدفع ضريبة ارتفاع قيمة العقار.
يشار إلى أن القطاع العقاري السعودي انخفضت حركته وقيمته إلى مستويات ملموسة، استجابة لرزمة الإصلاحات العقارية التي أقرتها الحكومة على شكل قرارات نافذة، أوجعت القطاع وخفضت مستوياته إلى حد كبير، إلا أن ذلك لم ينعكس بشكل كبير على أداء العقار التجاري الذي ظل بمنأى عما يحدث بالقطاع السكني.
وفي الاتجاه نفسه، بيّن حمد الدوسري الذي يمتلك أسواقا تموينية «في وقت سابق»، حيث إنه اضطر إلى إغلاقها بعد أن أصبح صاحب المنشأة يحاسبه على أرباحه عن طريق رفع الإيجار إلى مستويات مهولة وغير مقبولة، مبيناً أن الإيجار ارتفع لأكثر من 40 في المائة مقسمه على 3 سنوات، وهي نسبة كبيرة لم يستطع تحملها، وبالتالي أغلق محله رغم أنه وقبل إغلاق المحل كان يحصد المزيد من الأرباح.
ويضيف الدوسري أن الإيجار السنوي الذي كان يدفعه عند استئجاره المحل، لم يتجاوز 160 ألف ريال (42.6 ألف دولار) في مبنى يحتوي على 4 مواقع، بمقدار 40 ألف ريال (10.6 ألف دولار) للموقع الواحد، إلا أن مالك المنشأة زاد عليه الإيجار إلى الضعف ليصل إلى 320 ألف ريال (85.3 ألف دولار)، وهو المبلغ الذي لم يستطع تسديده، مبينا أن المحل مغلق منذ أكثر من سنة ولم يستأجره أحد حتى هذه اللحظة، لافتاً إلى أنه يعلم أن نكسة القطاع العقاري المحلي السكني أثرت بشكل كبير على أسعار القطاع التجاري، داعياً إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتهذيب القطاع التجاري العقاري تماماً كما حدث مع السكني.
يذكر أنه لا يوجد في السعودية نظام يقيد قيمة الإيجار، مما يعني أن عملية وضع السعر أصبحت تخضع لوضع السوق، وأن بعض الملاك يعملون على رفع الأسعار وإلهاب السوق العقاري، وهي خطوة عدها المراقبون رئيسية في دفع التضخم الحاصل في القطاع العقاري السعودي.
وفي الاتجاه المعاكس، عزا فيصل الصانع الذي يمتلك الكثير من المنشآت العقارية، سبب رفع إيجارات المحلات إلى ضغوط السوق بشكل عام، موضحاً أن الطلب هو المتحكم في وضع القيمة ورفعها أو خفضها على حد سواء، لافتاً إلى أن الحركة التجارية القوية التي تشهدها البلاد هي من تضع التسعيرة الملائمة، وأن من يضع الأسعار هو الطلب الكبير على المحال التجارية، خصوصا الواقعة في المناطق التجارية والاقتصادية.
وأوضح أن المحال الواقعة على شوارع بعرض 30 متراً فما فوقه، ترتفع فيها الأسعار أكثر من غيرها، ويرتفع السعر كلما كانت المنطقة مكتظة أو تجارية أو تقع بالقرب من الخدمات، الأمر الذي يجعل الرغبة عليها أكبر، مشيراً إلى أن الحركة الاقتصادية محلياً بشكل عام تختلف عنها قبل عقد لأقل تقدير، بمعنى أن هناك قوة شرائية كبيرة وحركة نشطة من تلك المحلات، تفرض عليهم مجاراتها، كاشفاً أن بعض التجار يعرضون على بعض الملاك عزمهم استئجار المحل المؤجر بسعر أعلى، مما يجعل المالك يخير المستأجر بين رفع قيمة الإيجار أو الخروج الفوري لتسليمه لتاجر آخر.
ويتبين أن الحركة الاقتصادية الكبيرة للسعودية التي تعتبر أكبر اقتصاد عربي، قد أثرت وبشكل مباشر على قيمة تأجير المحال التجارية فيها، خصوصاً في ظل الرخاء الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، الأمر الذي دفع بملاك العقارات في البلاد إلى الاستفادة القصوى من محالهم التي تعتبر واجهة عرض تلك التجارات، برفع الأسعار لتحقيق أكبر فائدة ممكنة من الرخاء الاقتصادي الذي تعيشه السعودية.
وفي صلب الموضوع، أوضح هاني حبتور وهو وسيط عقاري، أن تأجير المحال التجارية في السعودية يعد من أكثر القطاعات التي تشهد تزايداً في الأسعار، إذا ما قورن بالقطاعات العقارية الأخرى، وأن الوضع فيها يخضع وبشكل مباشر لميزان العرض والطلب، خصوصا المحلات الواقعة في أماكن الازدحام والنشاط العقاري، فتجد أن بعض ملاك العقارات يقومون برفع الإيجار على المستأجرين بشكل سنوي، دون أن يرفضه المستأجرون الذين يحصدون أرباحاً عالية ولا تضرهم الزيادة التي يفرضها مالك المنشأة، موضحاً أن أصحاب المحال يفسد بعضهم على بعض بعرضهم استئجار بعض المحلات المؤجرة بسعر أعلى، أو قبولهم الزيادة دون مناقشة صاحب المنشأة، وهو الأمر الذي حول عملية رفع الأسعار إلى عملية مزاجية من قبل مالك المنشأة العقارية، مؤكداً أن إيجاد صيغة عقد موحد ومراقبة الأسواق ووضع حد أعلى للزيادة على أقل تقدير، علاج سريع من شأنه أن يعيد السيطرة على القطاع التجاري العقاري.
قد يهمك ايضا
السعودية تعلن 773 مليون ريال لمستفيدي «القرض العقاري المدعوم» خلال أغسطس
أرسل تعليقك