الرياض ـ وكالات
عكست إيجارات المحال التجارية توجه القطاع العقاري بشكل عام وسجلت تراجعا في مدينة جدة في حدود 25 في المائة خلال العام الجاري وفقا لرئيس طائفة العقار في المحافظة، ما عزاه لتغير النمط الشرائي لدى الأسر السعودية في المدن الكبرى بشكل عام من محال التجزئة الصغيرة داخل الأحياء إلى المراكز التجارية الكبرى، إضافة إلى تأثر النشاطات التي كان يمتلكها وافدون تحت غطاء الأسماء السعودية من القرارات الأخيرة لوزارة العمل وارتفاع التكلفة عليهم وانعدام الجدوى من استمرارهم خصوصا في القطاعات التي لا تدر أرباحا عالية تمكنهم من تعويض ما خسروه.
وظلت الشوارع التجارية الكبرى حسبما أوضحه خالد الغامدي رئيس طائفة العقار في جدة على أسعارها مع تراجع طفيف في الإقبال عليها.
وأكد أن الشوارع التجارية التي تقع وسط الأحياء السكنية خصوصا في الأطراف أصبحت تعاني الكساد، ما أثر في قيم الإيجارات بعد خروج كثير منها من السوق وهبطت إيجارات نحو 25 في المائة وسط إقبال الأسر على الشراء من المراكز التجارية الكبرى للفوارق السعرية التي تمتاز بها ووجود كامل الاحتياجات في مكان واحد يسهل على الجميع التبضع منها.
وأضاف رئيس طائفة العقار في جدة: "يعي الجميع أن محال التجزئة تحديدا يمتلكها وافدون متستر عليهم، بعض منها أرباحها محدودة لم تحتمل دفع زيادة في الرسوم الحكومية التي تضاعفت أخيرا ما حدا بها للخروج النهائي من السوق والبحث عن نشاطات أخرى تمكنهم من العمل بها".
واوضح أن محال التجزئة بشكل عام في طريقها للإقفال مع مرور الزمن بعد سيطرة الهايبرات والمراكز التجارية الكبيرة على السوق واجتذابها للأسر وافتتاحها الفروع في كل أرجاء المدن، ما سهل الوصول إليها وقضى على منافسيها.
وتابع: "مبلغ الإيجار يمثل نسبة لا بأس بها من رأس المال لمحال التجزئة الصغيرة، وهذه المشاريع هي التي تعاني استنزاف رأسمالها بالإيجار حيث يشكل هذا عبئا إضافيا عليها، وأي تكاليف إضافية تدفعها للخسارة ومغادرة النشاط".
ويرى حسين اليافعي - مستثمر في قطاع التجزئة- أن الإقبال على افتتاح المحال التجارية تراجع أخيرا بعكس السابق حتى إن بعض المراكز العقارية الكبيرة التي لا تقع في شوارع تجارية معروفة أصبحت تقدم عروضا لتسويق المحال فيها، فبعضها يعفي المستأجر لمدة سنة كاملة من الإيجار مقابل توقيع عقد استئجار لمدة خمس سنوات ومع ذلك بعضها تظل خالية لمدة تصل إلى عام.
وأشار إلى أن البدء في المشاريع التجارية لم يعد سهلا كما في السابق، فمن يمكنه استخراج سجل تجاري لم يعد يتسرع لأي مشروع لا يدر أرباحا عالية، فالسجل يحرمه من إعانة البطالة ويحمله تكاليف حكومية متعددة وتسجيل موظف سعودي في التأمينات الاجتماعية.
مشيرا إلى أن تلك الخطوات لوزارة العمل ستخفف من التستر، لكنها تعيق الشباب السعودي الراغب في بدء عمله التجاري مع تحمل رسوم كبيرة تعيقه خصوصا في السنوات الأولى للمشروع.
هذا ويسيطر ارتفاع المعروض في المساحات التأجيرية التجارية على المشهد العام لهذا النوع من العقارات ويفرض بشكل محكم قيداً على تحركات الإيجارات بحيث تتجه إلى الانخفاض إذا لم تبقَ ثابتة، ويحاول الملاك واالمسوقون العقاريون بذل جهود حثيثة لاقتناص طلبات استئجار مساحات تجارية للحد من تراجعات جديدة لإيجارات عقاراتهم، وبالفعل فقد نجحت هذه العملية إلى الآن في تحقيق نوع من الاستقرار الحذر قد يصل الى الانخفاض مع زيادة المساحات التأجيرية، وقد أسهم فيه بشكل كبير التأخر الحاصل في تسليم عدد كبير من المشاريع التجارية وبخاصة عدد من المولات والمحال التجارية.
توقعت دراسة إحصائية أن تبلغ المساحة التأجيرية الإجمالية في الأسواق والمراكز التجارية في جدة بحلول عام 2014 نحو (1.6 مليون متر مربع)، محققةً زيادة بواقع 600 ألف متر مربع، في الوقت الذي لفتت فيه الدراسة إلى أن المعروض من المراكز التجارية لا يقابله طلب حقيقي من المستأجرين. واعتبرت الدراسة أن مستقبل المراكز التجارية في جدة يواجه تحديات حقيقية، في ظل هجرة المستأجرين الارتكازيين وإحجام المصارف عن تمويل مشاريع البناء الجديدة أو مشاريع التوسع في المجمعات التجارية والأسواق القائمة بالفعل.
هذا ولا تزال المولات والمراكز التجارية تتصارع من أجل البقاء بعد أن هجر المتسوقون غالبية القديم منها متوجهين إلى المراكز الجديدة التي تهتم بالترفيه أكثر من التسوق.
ورغم أن جدة معروفة بأنها المدينة التجارية الأولى في المملكة إلا أن مراكزها تشهد تراجعاً في المساحات القابلة للتأجير باستثناء المراكز التي تم إنشاؤها حديثاً، الأمر الذي يدفع بكثير من المستثمرين إلى القلق من مستقبل المراكز التي يجري بناؤها الآن.
ويقف إجمالي المساحة التأجيرية في جدة حتى الربع الأول من العام الجاري عند مليون متر مربع من المتوقع أن يرتفع إلى 1.6 مليون متر مربع بحلول عام 2014، بحسب إحصاءات شركة "جونز لانج لاسال" للأبحاث والاستشارات العقارية.
إن مشكلة المولات والمحال التجارية في جدة التي دخلت السوق في العام الماضي أو تلك التي يجري إنشاؤها، أنها تمت إضافتها للسوق بدون الأخذ في الاعتبار حجم الطلب أو الاتجاه الذي يسير فيه، ووفقا للغة الأرقام يأتي قطاع التجزئة السعودي هو الأكبر على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي من حيث المساحة وهو أمر طبيعي مقارنة بعدد السكان والمساحة الكلية للمملكة، حيث يستحوذ على 42 في المائة من حجم سوق التجزئة الخليجية.
أرسل تعليقك