ناشد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجهات المانحة، أن «تساهم بسخاء» لجمع 4.27 مليار دولار بغية انتشال 17.3 مليون من اليمنيين، من براثن الفقر والعوز والجوع والمرض، بينما دعا رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، الدول والمنظمات المانحة والشركاء، إلى عدم «خذلان» اليمنيين، مؤكداً أن حل الأزمة الإنسانية «يكمن في وقف الحرب الكارثية» التي أشعلتها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران. جاءت هذه المناشدة من غوتيريش، خلال مؤتمر التعهدات من أجل اليمن الذي استضافته الأمم المتحدة، أمس الأربعاء، مع كل من السويد وسويسرا، لتوفير تمويل التغذية لنحو 7 ملايين شخص، بالإضافة إلى المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والحماية لأكثر من 11 مليون شخص، والرعاية الصحية لما يقرب من 13 مليون شخص، والتعليم لأكثر من 5 ملايين طفل. وحصلت الأمم المتحدة على تعهدات قيمتها 1.3 مليار دولار لخطة المساعدات، وفقاً لما نقلت «رويترز».
وقال غوتيريش في مستهل المؤتمر، إن «تبرعاتكم هي شريان حياة أساسي للشعب اليمني»، داعياً جميع المانحين إلى «تمويل النداء بالكامل، والالتزام بصرف الأموال بسرعة» لأنه «يجب علينا، من منطلق المسؤولية الأخلاقية وكرم الإنسان ورحمته بأخيه الإنسان، وبوازع التضامن الدولي، ولكون الأمر مسألة حياة أو موت، أن ندعم الشعب اليمني الآن».
وأشار إلى أنه «ربما يكون اليمن قد انحسرت عنه عناوين الأخبار؛ لكن المعاناة الإنسانية فيه لم تهدأ وطأتها». وذكَّر بأنه «منذ 7 سنوات يواجه الشعب اليمني الموت والدمار والتشريد والتجويع والإرهاب والانقسام والعوز، على نطاق هائل»، ملاحظاً أن «عشرات الآلاف من المدنيين -بينهم ما لا يقل عن 10 آلاف طفل– قضوا، وغدت الحياة بالنسبة لملايين النازحين داخلياً صراعاً يومياً من أجل البقاء، وتردى الاقتصاد إلى أعماق جديدة من اليأس». وعلاوة على ذلك، فإن الحرب في أوكرانيا لن تؤدي إلا إلى «تفاقم كل ذلك، مع الارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية والوقود، وغيرها من الضروريات».
ويواجه الملايين في اليمن الجوع الشديد، واضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض حصص الإعاشة إلى النصف، بسبب نقص الأموال، ويلوح في الأفق احتمال خفضها مجدداً. ويعيش اثنان من كل 3 يمنيين -أي 20 مليون رجل وامرأة وطفل- في فقر مدقع. وقال غوتيريش: «وراء هذه الحقائق والأرقام الرهيبة، يوجد بلد في حالة خراب، نسيجه الاجتماعي ممزق وآماله في المستقبل محطمة»، محذراً من أن تصاعد الأعمال العدائية يهدد بزيادة الحاجات الإنسانية وتقليص آفاق السلام. وإذ أشار إلى أن المانحين ساهموا خلال العام الماضي بأكثر من 2.3 مليار دولار في خطة الاستجابة في اليمن، أضاف: «بسبب سخائكم، تلقى ما يقرب من 12 مليون شخص مساعدة منقذة للحياة كل شهر، في عام 2021».
- رئيس الوزراء اليمني
في كلمة عبر الفيديو، قال رئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك، إن مواطنيه «يواجهون بعد 7 سنوات من الحرب ظروفاً معقدة تفوق قدراتهم على تجاوزها»، مضيفاً أن «الدعم الإنساني الذي قدمتموه خلال الأعوام الماضية مثّل نافذة أمل لليمنيين عامة، ووفرت الأموال التي رصدتموها مساعدات منقذة للحياة في مختلف المناطق في اليمن». وإذ تطلع إلى «استمرار وزيادة الدعم»، حذَّر من أن «أي تقليص لبرامج الدعم الحيوية سيضاعف من الضغوط والتحديات على المواطن اليمني». وأوضح أن هذا المؤتمر هو بمثابة اختبار للإنسانية، وليكون برهاناً على التضامن الدولي، ولإيصال رسالة طمأنة للشعب اليمني بأن «الأشقاء والأصدقاء من الدول والمنظمات المانحة والشركاء لن يخذلوه». ودعا إلى وضع دعم الاستقرار الاقتصادي على رأس الأولويات. وتابع يقول: «ندرك جميعاً أن الحل للأزمة الإنسانية يكمن في إيقاف الحرب، والانتقال إلى مسار سياسي شامل للسلام. فآثار الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي كارثية، على كل المستويات».
- وضع حد للأعمال العسكرية
من خلال العمل مع أكثر من 200 منظمة إنسانية –معظمها من المنظمات غير الحكومية اليمنية– تم الوصول إلى المجتمعات المحلية الضعيفة في كل مديرية من مديريات اليمن البالغ عددها 333 مديرية. وزاد: «وسعنا نطاق عملياتنا في مأرب بدعم إضافي من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، الذي خصص بالفعل أكثر من 230 مليون دولار لليمن منذ عام 2015».
ودعا الأمين العام إلى معالجة الدوافع الكامنة وراء الحاجة إلى المساعدة الإنسانية، وكسر دوامة العنف وتغيير مسار اليمن، موضحاً أن «هذا يعني تحقيق الاستقرار في الاقتصاد واستعادة الخدمات الأساسية»، كما «يعني دعم الجهود التي يبذلها مبعوثي الخاص لمساعدة الأطراف على إيجاد حل سلمي للصراع، ويعني وضع حد فوري للأعمال العسكرية. ولا وجود لحل عسكري».
وناشد الأطراف أن يختاروا السلام، مذكِّراً جميع أطراف الصراع في كل مكان بأن يحترموا التزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني.
وأعلن الرئيس السويسري إغناسيو كاسيس، أن بلاده ستساهم بـ15.8 مليون دولار للمساعدات في اليمن. وقال: «حان الوقت لنضاعف جهودنا. نحن بحاجة إلى ضمان التمويل الكافي للاستجابة الإنسانية. ويجب أن نضمن وصول مساهماتنا إلى المحتاجين في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نتحدث هنا عن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»؛ مشيراً إلى أن «فريقاً إنسانياً سويسرياً توجه إلى اليمن قبل عدة أسابيع، وأبلغ عن مخاطر بسبب انهيار البنية التحتية الحيوية المحدودة».
وقالت وزيرة الخارجية السويدية، آن ليندي، إن المؤتمر «يمثل فرصة للمجتمع الدولي ليظهر أن الالتزام الإنساني لا يزال ثابتاً»، مضيفة أنه «لا يجب نسيان شعب اليمن في الوقت الذي يتجه فيه كثير من اهتمام العالم حالياً نحو صراعات وأزمات أخرى. في وقت تزداد فيه الحاجات الإنسانية في اليمن، هناك حاجة إلى الدعم الدولي أكثر من أي وقت مضى، ويجب أن يستمر. هذه مسؤولية مشتركة لنا جميعاً». وأعلنت أن بلادها سترفع مقدار التعهدات من السنة الماضية، وسيصل التخصيص الأولي لعام 2022 إلى أكثر من 35 مليون دولار.
- الدعم الأميركي
وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن الولايات المتحدة ستقدم نحو 585 مليون دولار من المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، موضحاً أنه بذلك تكون قدمت حتى الآن «نحو 4.5 مليار دولار منذ أن بدأت الأزمة قبل أكثر من 7 سنوات... وسط كل الأزمات الإنسانية في العالم، لا يزال كرم الشعب الأميركي ثابتاً. تماشياً مع التزام الرئيس بالمساعدة في تخفيف هذه المعاناة، يعد إعلان اليوم أكبر مساهمة أميركية فردية حتى الآن للاستجابة الإنسانية في اليمن. كما يعكس هذا الإعلان حجم الأزمة التي يواجهها الشعب اليمني». وأوضح أن المساعدة تشمل أكثر من 561 مليون دولار من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وأكثر من 23 مليون دولار من مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية.
وشدد على أن «المساعدات الإنسانية لا يمكن وحدها أن تعالج جذور هذه الأزمة»، داعياً أطراف النزاع إلى «وقف الأعمال العدائية لإفساح المجال لحل سياسي دائم وشامل لهذا النزاع من أجل مصلحة الشعب».
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك