أكدت دراسة علمية أن الابتكار والتطوير المؤسس على البحث العلمي يؤدي إلى زيادة الإنتاجية بنسبة تتراوح ما بين 50 و70 في المائة.
وتطرق الدكتور محمد مراد عبد الله مدير مركز دعم اتخاذ القرار بشرطة دبي في دراسة له بعنوان " تطوير القدرات الوطنية في مجال البحث العلمي المرتكزات الاستراتيجية .. والمؤشرات الكمية " إلى رؤيته للنهوض بالبحث العلمي في الدولة كونه قاطرة التقدم والنماء وقوة للدولة واقتصادها ومكانتها بين الأمم.
وأوضح الدكتور محمد مراد أنه آن الأوان للانتقال من مرحلة نشر التعليم وبناء قاعدة عريضة من الجامعيين المؤهلين والمبتعثين العائدين من أرقى الجامعات والمعاهد العالمية إلى مرحلة بناء منظومة استراتيجية متكاملة لتطوير القدرات الوطنية في مختلف المجالات البحثية باعتبارهم هم الأساس في تبوء الإمارات العربية المتحدة المكانة الرفيعة التي حققتها بين بقية الأمم في العديد من المجالات.
وحدد مراد في دراسته المسار الاستراتيجي لعملية التطوير التي يتعين أن تبدأ بالوصف الدقيق للوضع الحالي أيا كان واقعه ومقارنته بما بلغته الأمم المتقدمة والأمم الأخرى خاصة تلك القريبة منا أو المشابهة لها ثم تحديد ملامح التصور المأمول الذي يتسق مع مكانة دولتنا ورؤية قادتنا وطموح شعبنا يلي تلك الخطوة الأهم والأصعب التي تتمثل في كيفية الانتقال من الوضع الحالي إلى التصور المأمول والأمل المنشود من خلال تحديد الأدوات والأساليب والإجراءات التي تمكننا من تحقيق ذلك في ظل الإمكانات التي يمكن أن تتاح والمحددات التوازنية التي يتعين أن تؤخذ في الاعتبار.
واستعرض الدكتور مراد بعض الحقائق التي تعكس الواقع الحالي في العالم العربي الذي نحن جزء منه ومنها أنه لا توجد دولة عربية واحدة يتخطى حجم إنفاقها على البحث العلمي مليار دولار في السنة ولا توجد دولة عربية واحدة تتخطى نسبة الإنفاق على البحث العلمي من إجمالي الناتج القومي 0.5 في المائة في حين أن متوسط هذه النسبة في الدول المتقدمة يتراوح ما بين 2.0 و3.5 في المائة سنويا.
وتضمنت الدراسة مجموعة من المؤشرات الكمية العاكسة لمختلف جوانب ومرتكزات البحث العلمي التي يمكن استخدامها للتعرف على واقع البحث العلمي الحقيقي وقدر التقدم المتحقق ونقاط القوة ومكامن الضعف في هذه المنظومة إضافة إلى إمكانية إجراء المقارنات المرجعية والمعيارية بشكل دوري ودقيق.
ومن وأهم المؤشرات التي طرحها الدكتور محمد مراد العائد على الاستثمار في البحث العلمي أو إنتاجية البحث العلمي ومردوداته ومعاملات التركز في التخصصات العلمية و عدد الباحثين في مجالات العلوم الأساسية والتطبيقية لكل مليون نسمة ونسبة الأبحاث المنشورة في المجالات العلمية الرصينة ونسبة مشاركة القطاع الخاص في الإنفاق على البحث العلمي ومعدلات الزيادة في النشر في الدوريات العلمية العالمية وغيرها من المؤشرات الكمية المحددة التي يمكن استخدامها في تخطيط عملية تطوير القدرات البحثية في الدولة.
وأشار الدكتور محمد مراد عبدالله إلى أن استيراد مخرجات البحث العلمي الجاهزة " في صورة سلع كاملة التصنيع" هي مرحلة زمنية مرت بها الدولة وستنتقل بعدها إلى مرحلة المشاركة في البحث العلمي العالمي واستغلاله اقتصاديا وتعظيم عائده ليصبح البحث العلمي رافدا جديدا وقويا من روافد الاقتصاد الوطني فالبحث العلمي الرصين هو صناعة للحياة وتحقيق للتقدم ومواجهة الأخطار والأمراض.. وقد ثبت يقينا أن رقي الأمم لا يرتبط بعدد سكانها ولا مساحة أرضها ولا موقعها أو تاريخها وإنما بقدر تقدمها في مجال البحث العلمي وتعد السويد وفنلندا وسنغافورة أمثلة على ذلك.
وضمن الدكتور محمد مراد دراسته عددا من التوصيات القابلة للتطبيق والتي يتوقع أن يكون لها تأثير إيجابي لتطوير القدرات البحثية في الدولة ومنها الدعوة إلى وضع استراتيجية متكاملة للارتقاء بالبحث العلمي في دولة الإمارات العربية المتحدة ومناشدة الجهات المعنية دعم الهيئة الوطنية للبحث العلمي حتى تتحمل مسؤوليتها الكبيرة وتقود جهود النهوض بالبحث العلمي في الدولة .
وطالبت الدراسة بعقد مؤتمر دوري سنوي للباحثين المواطنين لتعزيز الروابط بينهم ومناقشة طموحاتهم وإزالة العقبات التي تعترضهم وناشدت الدولة زيادة نسبة الإنفاق على البحث العلمي بمعدل زيادة قدره 0.5 في المائة سنويا لتصبح 5 في المائة من الدخل الوطني السنوي خلال السنوات العشر القادمة حيث أن أعلى دولة في العالم حاليا تتفق 4.7 في المائة ومطالبة الجهات المعنية بإيجاد المصارف البحثية الرشيدة لهذا الإنفاق حتى يكون البحث العلمي داعما للتنمية وليس هدرا لروافدها.
ودعا الدكتور محمد مراد إلى إنشاء مركز اتحادي وطني للترجمة العلمية وتوفير الإمكانات البشرية والمادية المناسبة له إلى جانب تحديد يوم سنوي ليكون يوما للبحث العلمي يتم خلاله تكريم الباحثين والمخترعين والجهات الممولة والمشرفين على إصدار الدوريات العلمية وعرض انجازاتهم وتثمين إبداعاتهم وتشجيع الآخرين على الحذو حذوهم.
نقلًا عن " وام"
أرسل تعليقك