بغداد - العرب اليوم
قبل يومين، حمل داود (اسم مستعار) معوله ليحفر في مكان منعزل من صحراء محافظة النجف العراقية، باحثا عن جثمان والده الذي توفي بكورونا قبل شهر ونصف.ورغم أن ظرفا مماثلا يكون حزينا عادة، إلا أن داود 24 عاما، كان مبتهجا لأنه وجد الجثمان، وتمكن من نقله بسلاسة نسبية إلى مدفن العائلة في محافظة كربلاء، بعد أن سمحت الحكومة العراقية لذوي المتوفين بكورونا بنقل جثامينهم من "مقبرة كورونا" إلى أماكن دفن أخرى من اختيارهم.
لكن داود كان من "المحظوظين" الذين وجدوا جثامين ذويهم في المقبرة، عكس آخرين اضطروا إلى نبش عدد كبير من القبور، وكشف وجوه الموتى، بحثا عن جثث ذويهم بدون جدوى، والذين دفنهم عناصر في الحشد الشعبي في هذا المكان المنعزل.وقال داود لموقع "الحرة" كنت موجودا حينما دفن والدي، لدي صديق بين عناصر الحشد سمح لي بالصلاة عليه قبل دفنه، لهذا أنا أعرف مكان الدفن بالتحديد".
لكن آخرين دفنوا بدون وجود ذويهم، وبعضهم لم يحدد مكان دفنه في السجلات، مما أدى إلى فوضى عارمة وغضب حينما سمح لأقربائهم أخيرا بالبحث عنهم "أحد الأشخاص حفر أربع مقابر قبل أن يجد والده"، يقول داود مضيفا "آخرون لم يجدوا ذويهم حتى الآن.
وأظهرت مقاطع فيديو تداولها عراقيون صورا محزنة لشباب غاضبين يبحثون عن المتوفين وهم يحملون المعاول، وفي أحد تلك المقاطع، ينهال أحد الشباب بعتب غاضب على "المرجعية والحشد والمعممين والحكومة".
ويظهر مقطع آخر نعشا داخل حفرة في الأرض، وهو موضوع بطريقة قريبة من السطح ومائلة، بشكل يخالف قواعد الدفن المعتادة في العراق، ويعلق أحد الأشخاص على المشهد بكلمة "مو شرعي (غير موافق للشرع)".
وقبل أيام، وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي كتاب شكر وتقدير لـ"مقاتلي اللواء الثاني" من الحشد الشعبي، الذين "تطوعوا لدفن المتوفين بكورونا"، واللواء الثاني هو الاسم الرسمي لقوات "الإمام علي" التابعة كما يعتقد للعتبة العلوية في النجف.
لكن موجة الغضب التي أثارتها الفيديوهات أدت إلى اتهامات لتلك القوات بـ"التربح" من دفن متوفي كورونا، وقال أحد المدونين إن القوات تحصل على مبلغ 8 ملايين دينار (نحو 6 آلاف دولار) مقابل دفن كل متوف.
وأقدم ذوو متوفين غاضبون على إحراق أحد الغرف المستخدمة من قبل كوادر المقبرة، قبل أن تلقي قوات الشرطة القبض عليهم.
ونفى مصدر مسؤول في تلك القوات الحصول على أي مقابل مادي للدفن، مؤكدا أنه "عملية تطوعية بالكامل"، لكنه قال أن وزارة الصحة وخلية الطوارئ دعمت اللواء بـ"بعض الوقود والخيم والمستلزمات اللوجستية الضرورية لعملية الدفن".
وقال داود ، إنه شاهد "حفارات آلية تستخدم لحفر القبور، ثم تنقل الجثامين المحمولة على نقالات مثل المستخدمة في الملاعب إلى سيارات بيك آب، وتوزع على الحفر".
وفي كثير من الأحيان، لا يحتفظ الدافنون بسجلات، ولا علامات مميزة على القبور، وربما هذا هو "سبب الفوضى "بحسب داود، ويقول المصدر في الحشد إن "بعض الفوضى حصلت في البداية، لكن بعدها أصبحت الأمور أكثر نظامية.
قد يهمك أيضا:
"القطرية" تسيّر أولى رحلاتها إلى مدينة النجف العراقية
الخطوط الجوية الملكية الأردنية تدشن أولى رحلاتها إلى مدينة النجف العراقية
أرسل تعليقك