قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاثنين انه لن يسمح بتنامي نفوذ جماعات مسلحة "خارج اطار الدولة"، متعهدا "ضبط" تصرفات عناصر الحشد الشعبي المؤلف بمعظمه من فصائل شيعية مسلحة موالية.
وتنامى نفوذ هذه الفصائل، لا سيما الشيعية منها، منذ انهيار العديد من قطعات الجيش العراقي في مواجهة الهجوم الكاسح لتنظيم الدولة الاسلامية في حزيران/يونيو، وسيطرته على مساحات واسعة من البلاد. ولجأت الحكومة الى "الحشد الشعبي" لمساندة القوات الامنية في محاولة استرداد المناطق التي يسيطر عليها التنظيم الجهادي، ومعظمها ذات غالبية سنية.
وأتت هذه التصريحات خلال كلمة للعبادي في مجلس النواب الذي شهد اليوم اعلان الكتل السياسية السنية عودتها الى المشاركة في اعمال البرلمان، بعد تعليقها ذلك الشهر الماضي ردا على قيام مسلحين يعتقد انهم من الفصائل الشيعية، باغتيال شيخ عشيرة سني ومرافقيه في بغداد.
وقال العبادي "اقولها بصراحة، أنا رئيس وزراء العراق، القائد العام للقوات المسلحة، في مجلس النواب، وحاسبوني على هذا الكلام: لن نسمح بتشكيلات عسكرية سواء ميليشيات او غير ميليشيات، جماعات مسلحة (...) خارج اطار الدولة".
وأضاف "لن نسمح لميليشيات في ما بيننا"، طالبا "مساعدة الجميع ووقوف مجلس النواب ضد هذه الظاهرة التي تحاول اضعاف الدولة العراقية".
وشدد على وضع "اسس جديدة" لضبط القوات الامنية و"الحشد الشعبي".
وقال "نضع أسسا جديدة للضبط. الجيش والشرطة لدينا طرق قانونية للضبط ومحاسبة المقصرين. الحشد الشعبي باعتباره مؤسسة جديدة لم يكتمل بناء كل مؤسساته، وبالتالي بدأنا الضبط داخل الحشد الشعبي"، بما يشمل "ضبط المقاتلين من ناحية ذهابهم الى الجبهة، رجوعهم من الجبهة، حمل اسلحتهم، اذا كان هناك تجاوز كيف نحاسب".
واشار العبادي الى ان "التجاوزات" تحصل غالبا بعد استعادة مناطق كان يسيطر عليها الجهاديون.
وقال "للاسف اكثر التجاوزات التي تحصل في المناطق التي تحرر هو ليس اثناء العمليات العسكرية، بل بعد العمليات العسكرية"، معتبرا ان ثمة "انتهازيين (...) يحاولون الاساءة بعد التحرير، يأتون ويحرقون منازل ويسرقون منازل مواطنين".
وسبق لمنظمات حقوقية دولية ان اتهمت الفصائل الشيعية بارتكاب اساءات بحق السكان المدنيين من السنة، لا سيما في المناطق التي تتم استعادتها. وغالبا ما تشمل هذه الاعمال حرق منازل او منع سكان من العودة اليها.
واتت تصريحات العبادي في يوم تشن القوات العراقية ومسلحين من الفصائل الشيعية وابناء عشائر سنية، عملية واسعة لاستعادة مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، ومناطق محيطة بها. وكان رئيس الوزراء تعهد ليل الاحد "حماية" المدنيين في المناطق المذكورة.
وتأخذ فصائل شيعية على سكان سنة في تكريت ومحيطها، التعاون مع تنظيم الدولة الاسلامية او تسهيل مهمته. كما تتهم بعض العشائر بالمشاركة في "مجازر" ارتكبها التنظيم بحق جنود شيعة في المحافظة.
من جهة اخرى، أكد الجنرال الاميركي جون آلن منسق التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" الاثنين ان لا جدول زمنيا للهجوم الذي تستعد القوات العراقية لشنه ضد التنظيم الجهادي في العراق وخصوصا المعركة المرتقبة في الموصل.
وقال الجنرال آلن أمام مركز ابحاث "اتلانتيك كاونسل" في واشنطن "علينا ان نقاوم اغراء تحديد جدول زمني" للهجمات المرتقبة ضد الجهاديين مثل معركة الموصل.
واضاف "الاهم من الجدول الزمني هو الاستعداد"، مشددا خصوصا على ضرورة التحضير لمرحلة ما بعد المعركة لجهة القدرة على تلبية احتياجات سكان المناطق التي تستعاد من التنظيم الجهادي.
وفي هذا الصدد قال الجنرال الاميركي ان الاستعدادات يجب ان تشمل تشكيل قوة شرطة لضمان "امن" السكان، وتعيين سلطات محلية لحكم المدينة وتمثيل الحكومة المركزية والاهتمام باللاجئين الراغبين بالعودة الى ديارهم واعادة الخدمات العامة.
في غضون ذلك، اعلن تحالف القوى الوطنية الذي يمثل غالبية القوى السنية، عودة نوابه الى المشاركة في اعمال البرلمان.
وقال التحالف في بيان تلاه احد اعضائه خلال الجلسة "ان للتطمينات التي استلمناها من اطراف التحالف الوطني الاخرى (ممثل القوى الشيعية والذي ينتمي اليه العبادي) التي اكدت حرصهم والتزامهم ببنود وثيقة الاتفاق السياسي، الاثر الايجابي الذي دعانا اليوم (الاثنين) الى اتخاذ قرار بانهاء تعليق الحضور في جلسات مجلس النواب وحرصا منا على انجاح الحكومة طالما التزمت ببرنامجها ووثيقة الاتفاق السياسي".
وقال النائب عن تحالف القوى عبد العظيم العجمان لقناة "العراقية" الحكومية، ان قرار استئناف المشاركة اتخذ خلال اجتماع للقوى السنية مساء الاحد "وتم التصويت على عودتنا"، بستة وعشرين صوتا مقابل 16.
وكانت القوى السنية علقت منتصف شباط/فبراير مشاركتها في البرلمان، غداة قيام مسلحين بخطف الزعيم العشائري السني قاسم سويدان الجنابي برفقة ابن شقيقه النائب زيد الجنابي في جنوب بغداد. وقام المسلحون بالاعتداء على النائب قبل اطلاق سراحه، في حين عثر على جثة الشيخ ونجله وسبعة من مرافقيه مصابة بطلقات نارية في شمال العاصمة.
واتهم اقارب الشيخ السني فصائل شيعية مسلحة بالوقوف خلف العملية.
واثارت الجريمة والتوتر الذي تسببت به، مخاوف من دخول البلاد في ازمة سياسية مذهبية، في خضم الحرب التي يخوضها العراق ضد تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على مناطق معظمها ذات غالبية سنية.
واعلن العبادي من مجلس النواب "اننا نتهيأ لعملية كبرى في محافظة الانبار" ذات الغالبية السنية. ويسيطر التنظيم المتطرف على غالبية ارجاء هذه الانبار، كبرى محافظات العراق، والتي تتشارك حدودا طويلة مع سوريا والاردن والمملكة العربية السعودية.
أ ف ب
أرسل تعليقك