منع الاختلاط في شاطئ مغربي يثير جدلا واسعا
آخر تحديث GMT02:56:12
 العرب اليوم -

منع الاختلاط في شاطئ مغربي يثير جدلا واسعا

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - منع الاختلاط في شاطئ مغربي يثير جدلا واسعا

شاطئ "حامة الشعابي"، شمالي المغرب
الرباط_العرب اليوم

حافظ شاطئ "حامة الشعابي"، شمالي المغرب، على هدوئه، طيلة سنوات، فيما كانت أوقات ارتياده مقسمة بين الرجال والنساء، بدون اختلاط، لكن هذا الموقع السياحي أثار جدلا واسعا في البلاد، مؤخرا.

ودأب زوار هذا الشاطئ في منطقة دار الكبداني الأمازيغية ضواحي مدينة الناظور، على الغطس في بركة مياه ضيقة، على مقربة من الشاطئ.

لكن هذا المكان أضحى مثار جدل واسع في اليومين الأخيرين، عندما اتهمته هيئة مدنية بـ"التطرف"، في حين قال نشطاء محليون إن الأمر يتعلق بأعراف وتقاليد، مؤكدين أن الأمر لا علاقة له بالتطرف.

وذكر المدافعون أن البركة التي يدخل فيها الناس لأجل الغطس، صغيرة للغاية، ولذلك، يفضل المرتادون أن يجري تخصيص وقت للرجال، وآخر للنساء فقط.

في البدء كانت اللوحة، أو اللافتة، موضوعة في مدخل الشاطئ، تُرشد الزوار  إلى أن حوضا صغيرا لمياه معدنية حارة بالقرب من الشاطئ، والتي تسمى محليا بـ"حامّة الشعابي"، لا يمكن أن يدخله الرجال والنساء في الوقت ذاته.

وجرت العادة في هذه المنطقة أن تدخل النساء المكان في الفترة الصباحية من الثامنة صباحا إلى الثانية بعد الظهر، في حين يمكن للرجال قصد الحوض الطبيعي من الثانية إلى الثامنة والنصف مساء.

كما كتب على اللافتة، التي انتزعتها السلطات من مكانها بعد الجدل، أنه "تمنع" حامة الشعابي على النساء يوم الجمعة بأكمله.

لافتة مقلقة ودعوة للتطرف

وارتأت "الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب" (غير حكومية)، أن تشتكي لوزير الداخلية بالخصوص، مضامين ما جاء في تلك اللافتة "المقلقة"، و"حلول جهة غريبة مدمرة للمجتمع محل الدولة في تنظيم حياة المواطنين".

وقال منسق الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب، أحمد الدريدي، إن "ما كتب على اللوحة أو اللافتة، دعوة لكل الأشكال التي يمكنها أن تخلق سلطة معنوية لأحد غير السلط المُضمنة في الدستور وفي القانون، وهو تدخل في الحريات الفردية، ومنع لحرية التجول".

وتابع الدريدي في تصريحه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن المغرب "دولة قانون ولا نعترف بشيء اسمه الأعراف، ولنا قوانين تنظم الحريات العامة"، مشيرا إلى أن "أي أعراف وتقاليد يجب أن تتلاءم مع مواثيق حقوق الإنسان، فليس هناك استثناء أو حقوق خاصة، بل الحقوق كونية وتشمل الجميع".

ووصفت رسالة للجبهة المذكورة، اطلعت"سكاي نيوز عربية" على نخسة منها، ما كتب على اللافتة بـأنه "يهدف إلى نشر الإرهاب و الكراهية والتمييز في الفضاء العام، وشكلا من أشكال التحريض على التطرف".

وربطت الرسالة ذاتها بين ما تشير إليه اللافتة في تلك المنطقة، وبين "أجندة الإسلام السياسي"، مذكرة بـ"تفجيرات 16 ماي التي اكتوى بها المغرب".

عرف المنطقة والساكنة منفتحة

يقول ناشطون محليون في منطقة الكبداني إن التهمة ليست باللائقة، قائلين إن الأمر لا علاقة له بالتشدد الديني.

وفي ردها على رسالة الجبهة، استنكرت "جمعية آيت سعيد للثقافة والتنمية" (غير حكومية وتنشط في المنطقة المذكورة)، واستغربت في آن "ربط الأمر بتوغل الخطر الإرهابي، والانغلاق، والتطرف، وبأحداث 16 مايو؛ بعيدا عن البحث عن الحقيقة".

وأوضح الكاتب الأمازيغي، ورئيس الجمعية، سعيد بلغربي، أن الأمر يتعلق "بمجرد لافتة عادية وضعت عند المدخل للتنبيه إلى نظام عرفي موروث منذ القدم في المنطقة والذي يسعى إلى تقنين هذا الفضاء من خلال وضع توقيت خاص بالنساء وآخر خاص بالرجال".

وتابع بلغربي، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن تلك "اللافتة وضعت فقط بعدما عُبّد الطريق الساحلي، حيث عرف المكان استقطاب العديد من السياح، أما قبل ذلك فلم تكن هناك لافتة لأن السكان المحليين كانوا على دراية بضرورة احترام تام لهذا العرف العريق".

وفي المنحى نفسه، قالت الجمعية إن منع الاختلاط معمول به منذ عقود طويلة، وهو يدخل في إطار أعراف المنطقة المُنظّمة للحياة العامة والفضاءات المشتركة.

وأشار بيان الجمعية، إلى أن "الحملة أثارت استياء سكان المنطقة ومختلف الفعاليات، لا سيما أن ساكنة المنطقة معروفة بانفتاحها وحسن الضيافة واحترامها للزوار ونبذ كل مظاهر التطرف والتزمت"، موضحة أن "الأمر لا يتعلق مطلقا بالتحريض على الكراهية والتمييز والتشجيع على الإرهاب، كما يُروّجُ لذلك، بل يتعلق الأمر بإجراء تنظيمي وتقني ينظم عملية الولوج إلى الحامّة وليس إلى الشاطئ؛ لأنه لا يمكن الاختلاط في حوض مائي لا تتعدى مساحته 10 أمتار ".

تنظيم قديم وليس تطرفا

قبل سنوات لم يكن هذا الشاطئ، الذي يضم ذلك الحوض المائي الطبيعي الساخن، معروفا سوى لدى الساكنة المحلية الذين يقصدونه للعلاج من أمراض جلدية، حتى أضحى اليوم يستقطب زوارا من مختلف مدن المملكة، بعد إحداث طريق ساحلي وطني معبّد يربط الناظور بمدينة تطوان شمالا.

ولذلك كان "تنظيم هذه الحامّة، أو الحمام الطبيعي، على هذا الشكل قديما"، بحسب الكاتب العام لجمعية الريف لحقوق الإنسان (غير حكومية)، أحمد رشيدي.

ويرى رشيدي، في اتصاله بـ"سكاي نيوز عربية"، أنه "يمكن للعرف أن يكون مصدرا من مصادر التشريع، وبالتالي الاستناد عليه في تنظيم الحياة العامة".

على هذا الأساس، فتخصيص نصف يوم للنساء والنصف الآخر للرجال؛ يعد "أمرا مقبولا، على اعتبار أن السماح بالاختلاط سيحرم نساء المنطقة من الذهاب إلى الحمام، لأن المكان ضيق"، بحسب الناشط.

وسجل المصدر  أن "تخصيص يوم الجمعة كاملا للرجال، فيه تمييز واضح في حق النساء، وأمر ينتهك حقوق المرأة".

وأضاف أن ذلك "لا يرتبط بأي فكر متطرف، والدليل أن الشواطئ المحاذية للحامة لا يوجد فيها هذا الأمر".

ونبه الناشط إلى "أن اللوحة الإشهارية مجهولة المصدر، ولا يظهر أي شيء يربطها بالبلدية أو أية جهة أخرى".

"الحامّة" طبيعية وقبلة سياحية

يقول الكاتب الأمازيغي، سعيد بلغربي "ليست هناك معطيات تاريخية ثابتة حول تاريخ اكتشاف هذه الحامة، فقط هناك مقالة للباحث سفيان أشن ابن المنطقة، تفيد بأن الدراسات العلمية تشير إلى وجود نشاط بركاني بالمنطقة يعود إلى عصر ميو- بليوسين والعصر الرابع، إذ تتخذ أشكالا وعناصر جيولوجية متعددة، والتي ساهمت في ظهور العيون الحرارية".

وأضاف المصدر نفسه، أن "النشاط التكتوني المعقد الذي تترجمه العديد من الالتواءات والانكسارات، ونشاط زلزالي مهم قرب النشاط البركاني؛ كلها عوامل تضافرت لكي تؤدي إلى ظهور هذه العيون الحرارية في المنطقة".

وعلى مستوى الدور الاستشفائي والعلاجي للحامّة، أو الحوض المائي الساخن، فإن "هناك دراسة علمية أنجزها الطبيب الإسباني إكناسيو كوارتيو سنة 1940، يشير فيها إلى دور حامة الشعابي في القضاء على العديد من الأمراض الجلدية"، بحسب الباحث.


قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

مقتل 6 أشخاص غرقا والسلطات المصرية تغلق "شاطئ الموت"

 

اكتشاف جثة حوت أبيض نادر للغاية في أستراليا

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منع الاختلاط في شاطئ مغربي يثير جدلا واسعا منع الاختلاط في شاطئ مغربي يثير جدلا واسعا



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab