برلين - العرب اليوم
تقترب السيارة من الجدار الصخري وتقل المسافة بينهما شيئاً فشيئاً. غير أن السائق لا يعبأ بذلك ويستمر في توجيه السيارة على الممر الصاعد، بالرغم من أنه لا يرى من الزجاج الأمامي للسيارة سوى السماء، أو بالأحرى يمكن أن يراها؛ لأنه يحدق بناظريه في الشاشة الموجودة بالكونسول الأوسط أثناء ضغطه على دواسة الوقود برفق، حيث تعرض هذه الشاشة - بدلاً من خريطة نظام الملاحة - بثاً مباشراً لما يدور حول السيارة أثناء القيادة. وتقوم كاميرات فيديو بنقل كل ما يحتاج إليه السائق للمناورة بالسيارة على هذه الشاشة.
ولتفادي خطر حدوث أضرار بجسم السيارة، عادة ما كان يضطر الراكب الأمامي أو أحد مرافقي السائق إلى النزول من السيارة وتوجيه سائق السيارة المخصصة للأراضي الوعرة عن طريق إشارات اليد لتجنب العوائق والحواجز. ولكن الآن تعول العديد من شركات سيارات الأراضي الوعرة على أنظمة الكاميرات مثلما هو متوافر في سيارات تويوتا Land Cruiser، والتي تتيح للسائق إمكانية مراقبة سيارته من جميع الجوانب، بحيث يمكنه المناورة بأمان عبر حقول من الصخور وجذوع الأشجار.
وإلى جانب وسائل الحماية الميكانيكية لجسم وقاع السيارة تتوافر أيضاً أنظمة إلكترونية تعمل على تسهيل المغامرة بالسيارة في الأراضي الوعرة. ويحظى ما يُعرف باسم "نظام المساعدة على نزول المنحدرات" بشعبية كبيرة وانتشاراً واسعاً، حيث أوضح كريستيان أنوسوفيتش المتحدث الإعلامي باسم شركة مرسيدس – بنز الألمانية ذلك بقوله :"عندما يقوم السائق بتفعيل هذا النظام عند السير على المنحدرات الحادة، فإنه يتم كبح السيارة أوتوماتيكياً، وتتباطأ سرعتها حتى تسير بسرعة المشي على المنحدر". وتشتمل باقة تجهيزات سيارة مرسيدس من الفئة M الجديدة على نظام المساعدة على نزول المنحدرات.
وبعدما تم تركيب هذا النظام، الذي يُعرف باسم (Hill Descent Control) حالياً في معظم سيارات الأراضي الوعرة، فإن أنظمة التحكم الإلكتروني أصبحت تغزو نطاقات القيادة الأخرى بشكل متزايد؛ فمثلما يحدث مع السيارات العائلية العادية التي يمكن مواءمتها على طابع أكثر رياضية عن طريق ضغطة زر، فإنه يمكن أيضاً برمجة الكثير من سيارات الدفع الرباعي للاستخدم في الأراضي الوعرة عن طريق الضغط على أحد المفاتيح. وعادة لا يؤثر هذا النظام، الذي تم طرحه في البداية تحت اسم (Terrain Response) في سيارات لاند روفر، على برنامج تعزيز الاتزان الإلكتروني وتوزيع قوة نظام الدفع الرباعي فقط، لكنه يقوم أيضاً بالتحكم في نظام التعليق الهوائي - إن وجد - وكذلك في الخلوص الأرضي لمجموعة الحركة والتعليق. كما أنه يقوم أيضاً بالتحكم في درجة حساسية دواسة الوقود ونظام التوجيه في بعض الأحيان.
وفي تلك الأثناء يعمل نظام تعزيز الاتزان الإلكتروني في الأراضي الوعرة بشكل مغاير لطريقة عمله على الطرق السريعة، وأوضح أحد مطوري شركة فولكس فاغن ذلك بقوله :"مع موديلات الأراضي الوعرة، مثل السيارة Tiguan، فإننا نسمح بانغلاق العجلات لفترة قصيرة للغاية أثناء السير في الأراضي الوعرة، على عكس ما يحدث على الأسفلت، لأنه يتراكم أمام الإطارات حاجز صغير من الأتربة والأحجار، والذي يزيد من تأثير عملية الكبح".
ولكن ليست كل الأنظمة تعمل بشكل إلكتروني في الأراضي الوعرة؛ حيث تشتمل باقة التجهيزات المهمة للاستخدام الشاق على أنظمة أخرى مثل صندوق تروس نسب التخفيض والأقفال التفاضلية الميكانيكية. فعن طريق المستوى الإضافي لناقل الحركة يمكن زيادة القوة مع السرعات المنخفضة، وباستخدام الأقفال التفاضلية يمكن توزيع القوة على عجلات أحد المحاور بشكل أفضل. ولكن منذ تزايد عمليات التحكم في أنظمة الدفع الرباعي بشكل إلكتروني، فإن استخدام هذه الحلول الميكانيكية قد تراجع بشدة، كما حل محلها نفس دوائر التحكم، التي يستخدمها أيضاً نظام تعزيز الاتزان الإلكتروني.
كما سعى المطورون أيضاً إلى ابتكار أنظمة مساعدة ووظائف إضافية جديدة تماماً. ويتضح مدى التطور الذي وصلت إليه هذه الأنظمة الجديدة من خلال النموذج الاختباري DC 100، والذي كشفت شركة لاند روفر من خلاله - أثناء مشاركتها في فعاليات معرض فرانكفورت الدولي للسيارات - عن ملامح مستقبل السيارة Defender. وتشتمل تجهيزات سيارة المعرض على إطارات مزودة بمسامير قابلة للإخراج تحول دون تعرض السيارة للانزلاق وكذلك ماسح للأراضي الوعرة، والذي يقترح على السائق أفضل طريق وسط الممرات الصعبة في الأراضي الوعرة. وأوضح المطور أنتوني هاربر أن باقة التجهيزات المستقبلية تشتمل أيضاً على نظام سونار من أجل الخوض في المياه، ويقول :"بينما يضطر قائدو السيارات الأخرى لتشمير أرجل السروال، والخوض بأرجلهم في المياه لقياس عمقها، فيكفي هنا القيام بضغطة واحدة على الزر". ولكن هل سيتم طرح هذا النظام ضمن باقة التجهيزات القياسية؟ ويجيب أنتوني هاربير على هذا السؤال بقوله :"لم نقم بتركيب أي نظام غير واقعي تماماً في النموذج الاختباري DC 100".
ويتمكن العملاء اليوم بالفعل من طلب شراء باقة متنوعة من أنظمة المساعدة الأخرى والتجهيزات الإضافية. وتمتد باقة العروض من المفاتيح المقاومة للماء، والتي تظل تعمل حتى بعد الاستحمام في الأنهار الجبلية، ووصولاً إلى ما يُسمى بوسائل حماية قاع السيارة. وأوضح أندرياس لامبكا، المتحدث الإعلامي باسم شركة بي إم دبليو، :"يتم هنا استخدام ألواح خاصة أسفل المحرك وناقل الحركة والجزء الخلفي من السيارة من أجل حماية الأجزاء والمكونات الحساسة في قاع السيارة. وعندما تصطدم السيارة من أسفل أو يضطر السائق للمرور فوق حجر مرتفع بعض الشيء بين العجلات، فلا تتعرض السيارة في هذه الحالة لأية أضرار"، حتى مع عدم وجود نظام مساعدة إلكتروني.
أرسل تعليقك