الفساد  بحر أم مطر

الفساد .. بحر أم مطر؟

الفساد .. بحر أم مطر؟

 العرب اليوم -

الفساد  بحر أم مطر

مظهر محمد صالح

تفتـرض النظريـة الاقتصادية المفسـرة للفساد بان الاجور والرواتب العالية هــــي الوسيلة التي تحول دون تعاظم ظاهرة الرشوة واتساع نطاقها لسببين رئيسين: اولهما،خشية مايترتب على ممارسة الفساد من مخاطر قانونية تقود الى فقدان فرصة العمل ومن ثم خسران مصدر الدخل الاساس، فضلاً عن الغرامات والتبعات المالية التي يفرضها القانون والتي قد تفوق مبلغ الرشوة المتحصلة بمرات عديدة.وثانيهما، حرص موظف الخدمة العامة على المثابرة للحصول على مرتبة وظيفية اعلى، تعظم من دخله الامر الذي يتطلب منه قدرا متماسكا من النزاهة والانضباط لبلوغ المركز الوظيفي الاعلى.

وبين هذا وذاك اقدمت على سبيل المثال دولة غانا في غرب افريقيا على تعديل هيكل الرواتب والاجور الحكومية، ذلك بزيادة المرتبات في العام 2010 لضمان نزاهة موظفيها الحكوميين، اذ حظيت شرطة غانا بنسبة عالية من تلك الزيادة وبراتب مضاعف بأمل ان تنخفض مستويات تعاطي الرشوة هناك.

وعلى الرغم من ذلك، وبناء على المسوحات التي اجرتها منظمة الشفافية الدولية،فقد اتضح ان 91 بالمئة من استطلاعات الرأي، بينت ان الرشوة قد تزايدت بعد زيادة المرتبات، لاسيما في قطاع الشرطة.

حيث اعرب سواق الشاحنات عن مرارتهم بان عدد المرات التي تستوقفهم الشرطة على الطرق الخارجية قد ازداد ليصبح مرة كل ثماني دقائق وبواقع 16 مرة بعد ان كانت قبل زيادة الرواتب نحو 7مرات .

بالمقابل تؤكد سلوكيات العمل في العالم الصناعي المتقدم ان خفض الضرائب على ساعات العمل الاضافية للعمال لم يؤدِ الى انخفاض في ساعات العمل بالضرورة، بل على العكس يواصل العمال ساعاتهم الاضافية لتعظيم دخلهم وتراكم ثرواتهم، لكون ان مجهوداتهم في تعظيم الدخل ترتبط بتزايد انتاجيتهم.

وعلى العكس وجد ان تعظيم الدخل وزيادته تلقائياً من دون ان ترافقه مجهودات في ارتفاع انتاجية العمل هو امر لا يمنع من تعاطي الرشوة بغية الاستمرار السهل في تعظيم الدخل والثروات الفردية بالطرق غير المشروعة والتي يرافقها توافر الرغبة في الجشع و حب المال.

ويؤكد علم اقتصاد الاجرام، وهو فرع من اجتماعيات علم الاقتصاد الذي تزدهر به مدرسة شيكاغو في الاقتصاد، ويتصدر ذلك عالم الاقتصاد كاري بيكر في تبني مفهوم المقاييس العقلانية المفسرة لجريمة الرشوة اوغيرها من الافعال السالبة المؤذية للمجتمع.

فتقاس المنافع المتحققة عن جريمة الرشوة في ضوء العقوبة المفروضة وشدتها.

وان الجُناة لا يتصرفون عشوائيا او يلجؤون الى الوسائل او الطرق العقلية المختزلة جداً.

فالمرتشي ليس مسيراً بعواطفه، كما ترى المدرسة الاقتصادية السلوكية وتعتقد به وانما الفرد المجرم او المخالف هو مُخير في ارتكاب الرشوة و بعقلانية عالية ترتبط بقوة القانون وقوة انفاذه.

ختاماً، لم اجد ابلغ مما قاله عالم النظرية السياسية في جامعة غانا الاستاذ( فان غامو)بعد ان اثبت فشل النظرية الاقتصادية التقليدية في الفساد بتبني فكرة رفع معدلات الرواتب والاجور لمحاربة الرشوة بقوله:» مهما كبر البحر فانه سيظل يتلقي زخات المطر...!!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفساد  بحر أم مطر الفساد  بحر أم مطر



GMT 14:19 2023 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

العراق فاتحاً ذراعيه لأخوته وأشقائه

GMT 10:32 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

أعلنت اليأس يا صديقي !

GMT 14:36 2022 الأحد ,13 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:09 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 20:31 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 12:52 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

قرار المحكمة الصهيونية مخالف للقانون الدولي

GMT 18:56 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab