أحمد المالكيّ
بعد إعلان الأسد ترشحه للرئاسة السورية يُعتبر هذا الإعلان صفعة قوية على وجه المعارضة والمجتمع الدولي، بالإضافة إلى أن تقدم قوات الأسد على الأرض جعل الأزمة السورية ترجَحُ كفتها لصالح الأسد ونظامه، وأصبح العنوان الرئيسي في الأزمة السورية الآن هو فشل المعارضة السورية في الصمود أمام نظام الأسد والدعم الإيراني والروسي له.
ويُعتبر خروج المعارضة من حمص بعد حصارها هزيمة كبرى للمعارضة، التي خرجت بعد تدخل أطراف إيرانية شاركت في المفاوضات باسم النظام السوري، وحاولت المعارضة والجيش الحر حفظ ماء الوجه وقتها، وقال "الجيش الحر": "ان اتفاق حمص هو مبادلة للاسرى مع نظام الاسد"، وكان من ضمنهم ايرانيون، وخروج المعارضة من حمص هو خسارة لها رغم انهم قالوا ان هذا الخروج للاستعداد والعودة مرة اخرى، واعتقد ان ذلك سوف يكون صعبًا في الوقت الجاري، وخاصة ان هناك قتالاً دائرًا في بعض المناطق بين "الجيش الحر" و"داعش"، التي تريد اقامة دولة لها في سورية والعراق، حسب زعمهم، ولكن الجميع يعلم ان قوات "داعش" مدعومة من الاسد.
أحمد الجربا رئيس "الائتلاف الوطني السوري المعارض" الذي ذهب إلى الولايات المتحدة الاميركية لمحاولة ايجاد حل للازمة السورية، والحصول على دعم من الاسلحة لمواجهة نظام الاسد قال في واشنطن "ان ترشح الاسد للانتخابات ينهي الحل السياسي للازمة السورية"، ونسي الجربا ان الحل السياسي لم يعد له مكان في الوقت الجاري بعد فشل "جنيف 1" و"جنيف 2" لحل الازمة السورية.
والحقيقة ان هذا الفشل مسؤول عنه كلا الطرفين، سواء نظام الاسد او السيد احمد الجربا واصدقاؤه، لانه للاسف الطرفان لم يقدما ايّ تنازلات لحل الازمة السورية، واصبح كل طرف يبحث عن كيف ينجح في فرض شروطه على الآخر، وكيف يحقق مصالحه على حساب الشعب السوري صاحب القضية الحقيقية، والذي يعاني ويُهجَّر كل يوم الى خارج الوطن لدرجة انه، حسب تقارير للامم المتحدة، اصبح هناك لاجئ سوري كل دقيقة والازمة السورية الان ليست فقط في الاسد، بل هناك مشكلة كبرى في الجماعات التي سوف تتقاتل اذا رحل الاسد ونظامه، لان هذه الجماعات سوف تسعى كل جماعة منها لمحاولة السيطرة للحصول على الحكم واقامة الدولة التي تريدها، والسيد احمد الجربا عندما زار الولايات المتحدة الاميركية قال "انه بمجرد خلاصنا من الاسد سوف ينتهي 75 في المائة من مشكلات سورية"، وهذا غير صحيح، مشكلات سورية لن تتوقف بسبب الجماعات "الارهابية" التي لن تتركها بسهولة.
نظام الأسد ما زال يقاتل من اجل بقائه، وهناك تصريحات لمستشارة الاسد بثينة شعبان هاجمت فيها "الربيع العربي" في الدول التي قامت فيها ثورات، وقالت "ان الربيع العربي ليس الا شتاءً داميًا ووهابيًا وارهابيًا، وان بعض وسائل الاعلام الناطقة بالعربية لعبت دورًا في الترويج له، وسيرت الدفة بما يخدم مصالح من يستهدفون الامة العربية"، حسب قولها، وقالت بثينة شعبان "ان ما نحتاجه اليوم هو الوضوح الاكبر في معرفة العدو من الصديق، والتخلص من الافكار التي زرعها الاستعمار في ثقافتنا، وان دولا مثل سورية وروسيا وايران ولبنان تمتلك مرجعية اعلامية تراقب وتفضح الخطط العدوانية الغربية على الشعوب"، وهذا هو رايها هي، تحاول ان تبرر وجود النظام التي تنتمي اليه، وتحاول من خلال تصريحاتها كسب تعاطف من يرى هذه التصريحات، وهذا هو نظام الاسد الذي ذهب في مفاوضات جنيف 2 بوفد اعلامي وهو يحاول استخدام الآلة الاعلامية لكي توضح انه نظام مظلوم، وان المعارضه تدعي كذبا عليهم وعلى نظامهم، وهناك تصريحات اخرى لوزير الاعلام السوري عمران الزعبي الذي قال: ان الانتخابات الرئاسية التي تعتزم بلاده عقدها رغم الانتقادات الدولية، على حد قوله، هي "استحقاق داخلي وطني لا صلة لاحد خارج حدود الدولة به"، ووصف الزعبي المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات من اي جهة بانها "ليست ممارسة سياسية، بل عُزلة سياسية" وهذا هو وزير الاعلام في حكومة الاسد عمران الزعبي، الذي هو دائمًا صاحب تصريحات تثير الجدل، والذي قال قبل ذلك "ان الوفد الحكومي في جنيف 2 لن يقدم تنازلات في المفاوضات، وانهم لن يستطيعوا ان ياْخذوا في السياسة ما لم يأخذوه بالقوة، وانهم لن يحصلوا على تنازل لا في هذه الجولة ولا في اي جولة"، وهذه التصريحات من قبلُ اثارت غضب وحفيظة المعارضة، وكان لديها تخوف من المشاركة في "جنيف 2".
وأكّدت مجموعة "اصدقاء سورية" التي اجتمعت في لندن رفضها للانتخابات في سورية ووصفتها "بالمهزلة"، وأعلنت انها سوف تتخذ اجراءت جديدة لتغيِّر الواقع على الارض، ولكن روسيا لم تستطع الصمت امام هذه التصريحات، وتحدثت ودافعت عن النظام السوري، ووصفت روسيا تصريحات مجموعة "اصدقاء سورية" بأنها "تصريحات هدامة"، و"تشعل الموقف".
ويبقى ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" عن قيام إيران بالاستعانة بمقاتلين أفغان، وحصولهم على 500 دولار شهريًا للقتال بجانب قوات الأسد، لتقليل الخسائر في صفوف "الحرس الثوري" الإيراني و"حزب الله"، وهذا مؤشر يدل على ان ايران مصممة على الوقوف بجانب نظام الاسد بينما المعارضة تبحث عن من يمولها بالسلاح لتغيِّر موازين القوى على الأرض، التي بدأت تتغير بالفعل ولكن لصالح نظام الأسد ومن يدعمه، سواء كانت روسيا أو إيران.