فيضانات كليميم فاجعة كبرى في غياب للدولة

فيضانات كليميم فاجعة كبرى في غياب للدولة

فيضانات كليميم فاجعة كبرى في غياب للدولة

 العرب اليوم -

فيضانات كليميم فاجعة كبرى في غياب للدولة

الحسين بوحريكة

إنّ الكتابة في موضوع كهذا في هذه الظرفية الحزينة جاء انطلاقًا من إحساسنا بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا كهيئات حقوقية، وكذلك تفاعلًا مع النقاش الدائرفي أوساط رواد الشبكة العنكبوتية، وخاصة حول الصور والفيديوهات المؤثرة للضحايا وبالأخص الذين انتظروا الإغاثة لساعات طويلة، ولم يجدوها، فأين هي الدولة ؟

هذا السؤال هو عمق الإشكال، وللإجابة عليه لا يتطلب أكثر من البحث في ذاكرة الأيام في منطقة وادنون على الأقل، وسأعود بالذاكرة إلى الوراء من باب المقارنة، ففي ثمانينيات القرن 20 كانت المنطقة معرضة للنكسات الواحدة تلو الأخرى وضحاياها كثر، لا يتسع المجال لذكرهم، وكانت الدولة دائمًا تتحجج بضعف الإمكانيات، وفي المقابل كان الأهالي يواجهون المخاطر فينقذون، ويساعدون، ويقسمون اللقمة فيما بينهم ومع عابري السبيل، وبقي الحال على ماهو عليه لأزيد من عقدين من الزمن، فكانت المساعدات التي تقدمها الدولة محتشمة، ومتأخرة، ولا يأتي منها إلا ما استطاع أن يفلت من أيدي من أوكل لهم تقديمها ووقائعها كثيرة للتاريخ الذي لا ينسى ..هُدّمت بيوت، ودُمرت أراضي زراعية وأُبيد قطعان الماشية، وجُرفت أمتعة منازل، وضحايا بشرية، ولم يقدم لهم غير الكلام الكثير إلى أن تنضاف مأساة، لمآسيهم. واستمر نفس الخطاب إلى اليوم، رغم ما وصل إليه العالم من حولنا، نفس الأسلوب في الكلمات، والحركات، والوجوه، وعلى نفس طريق الكسب غير المشروع، أموال مرصودة للبنية التحتية للوقاية من الكوارث، وتنمية المنطقة، تتقاسمها تماسيح هنا، و"عفاريت" هناك في عاصمة القسمة، هي أموال لشعب لا زال يعاني ويلات الفقر، والبطالة، والأمراض المختلفة ..، ولا يقتصر على ما هو مادي بل حتى ماهو تنظيمي، فهذه الفاجعة الكبرى التي ألمت بالمنطقة من الممكن وقفها لو كان جهاز الدرك في مستوى اليقظة المطلوبة في هكذا حالات، وإلا كيف يسمح لسيارات بالمرور من قناطر منحدرة  تغمرها المياه بسهولة كبيرة جدًا، هل سيسمح لسيارة بإكمال المسير مثلا ..تجاوز صاحبها السرعة المسموح بها دون تغريمه مخالفة، وأحيانًا الحجز على السيارة، ووسائل أخرى يعرفها رواد الطريق، أم أن الأمر مرتبط بأناس لا نبالي بهم إلا عندما نريد أن نسوق خطابًا للخارج أو ما يسمى بلغة المصالح الأصدقاء للاستفادة من قروض هنا وهناك في عمليات الاستفتاء، والانتخاب أو عند تعرض مصالح الأغنياء للخطر ألم يكن من الممكن أن تتحرك وزارة التجهيز بإمكانياتها صوب مختلف النقط السوداء لوقف الكارثة في إطار المسؤولية، ألم يكن ممكنًا تكاثف جهود مختلف المصالح من أجل وقف أو على الأقل تخفيف الكارثة، ألم تظهر مسؤولية المنتخبون في سوء التسيير، وسوء إدارة الأزمة، ومن خلال التطبيل للتنمية والتغييرالذي لا وجود له إلا في عقول من يسعون إلى نفخ الأرصدة الخاصة التي وصلت حد التخمة، لقد ظهرت أن الأموال التي صرفت وتتجاوز 300 مليار في إقليم كليميم  "كليميم المدينة وبويزكارن، تيمولاي وتكانت، والقصابي، وأسرير، وواعرون وتغمرت وغيرها"، وهذه الأموال لم تنفع مع أول محنة حقيقية خلال الخمس سنوات أي منذ بدء برنامج التأهيل وتنمية الإقليم، هل ماوقع سيساعد على جلب رؤس الأموال كما يدعي رؤساء المجالس المنتخبة، بكل تأكيد لا، لأن رأس المال "جبان" بطبعه، ويحتاج إلى ضمانات، فكل المرافق تأثرت مع العلم أن نسبة الأمطار التي تساقطت لم تتجاوز 30ملمتر، كيف لأي مستثمر أن يطمئن على أمواله في ظل وجود عقليات تفكر بأنانية مطلقة تغلب المصالح الخاصة على المصلحة العامة ..لقد فضحت التساقطات هذا الخطاب البئيس والمفلس، وأظهرت أن النداءات التي كانت تطلقها الهيئات الحقوقية المحلية مبنية على وقائع ثابتة لتجاوزات وإختلالات مست مختلف أشكال تدبير المرافق في الإقليم .

إنّ هذه الفاجعة تتطلب منا اليوم وبشكل عاجل، فتح تحقيق معمق يستهدف بحث مكامن الخلل وتحديد المسؤوليات، وتحميل المخلين، والمقصرين المسؤولية، وإتخاد الإجراء القانوني المناسب تماشيًا مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهوفي نفس الوقت رسالة إلى ذوي الضحايا المكلومين، أن القانون لا يستثني أحدًا، وأن الوقت لمن يريد أن يبني لا أن يهدم ويعرض حياة الناس ومصالحهم للخطر، لابد من تكريس دولة المحاسبة، فهذه مصالح وطن لازال يئن تحت وطأة لوبيات ماكرة تشتغل ليل نهار في تهريب أموال الشعب، فحسب إحصائية بنك التسويات الدولية حجم الأموال المهربة من المغرب تتجاوز 10 مليارات دولار في السنتين الأخيرتين، وهذا بكل تأكيد يهدد مستقبل البلاد، ويرهنه لعقود طويلة للدائنين الذين يسعون إلى تحطيم كل أمل في الإقلاع نحو التنمية والتقاسم العادل للثروة . 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيضانات كليميم فاجعة كبرى في غياب للدولة فيضانات كليميم فاجعة كبرى في غياب للدولة



GMT 14:19 2023 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

العراق فاتحاً ذراعيه لأخوته وأشقائه

GMT 10:32 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

أعلنت اليأس يا صديقي !

GMT 14:36 2022 الأحد ,13 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:09 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 20:31 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 12:52 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

قرار المحكمة الصهيونية مخالف للقانون الدولي

GMT 18:56 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab