محمد الشيخ
أتذكر اليوم ونحن نشهد نجاح عملية انتقال المنتخب السعودي من إدارة اتحاد الكرة برئاسة أحمد عيد إلى إدارة الدكتور عادل عزت، إصرار الأمير عبدالله بن مساعد على التحضير لهذه اللحظة الفارقة والخطيرة من خلال فكرته التي تقوم على ضرورة أن تتسلم الإشراف على المنتخب في تصفيات المونديال شخصية من خارج الاتحاد حتى تكون عملية التحول بين الاتحادين سلسة وطبيعية ولا تلقي بظلالها على "الأخضر".
لا أنسى أيضاً محاولات أحمد عيد التسويف في عملية التنفيذ، ومساعيه في تضييق زاوية العبور على عادل البطي الذي كان اسمه مطروحاً للمهمة، قبل أن يتقدم باعتذاره بعد استنزاف الوقت، ليصبح الباب مفتوحاً لطارق كيال الذي نجح في مهمته بالربط بين المرحلتين ولم نشعر بأي فراغ في العملية الانتقالية.
لا يمكن كذلك أن أقفز -وأنا استحضر ذلك المشهد- على نظرية المؤامرة التي سوّق لها بعض الإعلاميين الغارقين في بحر الألوان بتمريرهم لفكرة أن اقتراح عبدالله بن مساعد إنما يأتي لإقصاء أحمد عيد والاستحواذ على المنتخب عبر تحليلات ساذجة يشم منها روائح التعصب الكريهة، وانبعاثات الكراهية النتنة.
نجاح مهمة "الأخضر" في تايلاند -التي وصفها المدرب فان مارفيك بأنها المباراة الأهم في تاريخ المنتخب السعودي الحديث- له أسباب كثيرة، لكن في مقدمة كل الأسباب الانتقال السلس بين الاتحادين، وهي الحالة التي تحدث لأول مرة للمنتخب، إذ كانت تحتاج لرؤية بعيدة وسديدة، وهو ما بدت عليه رؤية عبدالله بن مساعد الذي تجاوز فيها الجميع.
أصحاب النفوس المريضة بالتعصب، والعقليات المتكلسة بالجهل عادوا بعد الفوز على تايلاند لاستحضار اسم أحمد عيد -وهو يستحق ولا شك- لكن استحضارهم له جاء بطريقة مكشوفة ورخيصة، إذ ظنوا أنهم باستحضاره سيسحبون البساط من تحت أقدام عادل عزت وأعضاء اتحاده، بأسلوب ينم عن متاجرة رخيصة باسم "الأخضر"، في الوقت الذي خرج فيه عزت بكل عقلانية وثقة ووطنية وإيثار، مهنئاً الاتحاد السابق عضواً عضواً، ومؤكداً بأن الانتصار هو انتصار للوطن وليس للأشخاص.
تأتي الآن مواجهة العراق بعد غدٍ الثلاثاء في ملعب "الجوهرة المشعة" بكل ثقلها وأهميتها حاملة معها عدة رسائل مهمة، والأهم من بينها أن يغص الملعب بالحضور -وهو ما سيكون حتماً- لتؤكد جماهيرنا بمختلف ميولها أن علاقتها مع "الأخضر" أكبر من أن تتم المرابحة بها من بائعي المواقف والمتاجرين حتى في المبادئ.