الرجاء وخفافيش الظلام

الرجاء وخفافيش الظلام

الرجاء وخفافيش الظلام

 العرب اليوم -

الرجاء وخفافيش الظلام

بقلم - بدرالدين الادريسي

هل تركنا شيئًا لم نقله عن الرجاء البيضاوي مـتأزمًا ومنشرحًا، مدانًا بلغة الأرقام ومتحديًا للإفلاس المعنوي ، أو بالأحرى ما هو الباب الذي لم نتجرأ على فتحه لنرصد هذا الذي يحدث داخل القلعة الخضراء؟

ألا يمكن أن يكون هذا الذي يصدره الرجاء عن نفسه مجرد تمويهات تشغل بال الآخرين وتلهيهم عن تحليق النسور ، لم يحدث أن شغلنا الرجاء مرة عبر تاريخه الطويل، بأزماته وانكساراته وبكل هذه الوساوس التي استوطنت زواياه، ولكن هي حقيقة لا بد وأن نقبل بها مهما كانت موجعة أو صادمة، حقيقة أن الرجاء البيضاوي لا يعاني فقط من أزمة مالية خانقة وهو قادر برجالاته ومرجعياته والملايين ممن يهيمون بحبه أن يعبر هذه الأزمة، ولكنه يعلني من شيء أكبر، يخنق الشرايين ويصيب بالذبحة الصدرية ويستعصي على الحل، إنه يشكو من هذا الطعن المسترسل من الخلف من أناس يتشدقون بحب الرجاء، من هذا الحبك الخفي للمؤامرات التي تستهدف أمن وآمان الرجاء.

لا أنصب نفسي مدافعا عن سعيد حسبان ولا عن الذين سبقوه أو حتى الذين سيأتون بعده، فما هي عادة أحمد الله عليها، أنني انتصر للكفاءة وللشغف وأيضًا للغيرة التي لا تثمن، إلا أنني أعتبر هذا الذي يصيب الرجاء ويحيط بها ويلبد سماءها على الدوام، شيئ يفوق حسبان وأوزال والرجال طيبي الذكر ممن تشرفوا بقيادة هذا الرمز الكروي الجميل وممن لهم علاقات رائعة معي، ما يصيب الرجاء حملة مبرمجة ومسعورة تتلاعب بالأرقام المالية وبهشاشة فكر اللاعبين وبهشاشة بعض المتيمين وبتاريخ ومرجعية الرجاء في مشهد مستفز يفتقد لروح الفروسية، فقد كنت اتمنى ولو للحظة، أن تكون لهؤلاء الذين يحبكون المؤامرات ويؤلبون الجماهير ويتلاعبون بحاضر فريق كبير، أن تكون لهم الشجاعة ليكشفوا عن وجوههم وليخرجوا للعلن ليعلنوا معارضتهم لحسبان ولمن يقف خلفه، فما كنت صراحة سأشجب صراعًا مفتوحًا للأفكار وما كنت لأقلل من شأن أن تتضارب الرؤى في ما بينها، لأن ذلك سيخلق زخما فكريا تستفيد منه الرجاء.

وفي برشلونة وريال مدريد والأندية المرجعية، هناك من يقود الفريق من موقع المسؤولية متحملًا أمانة تحقيق النجاحات الواحد بعد الآخر، وهناك في الجهة المقابلة معارضة قوية لا تتأخر في إخراج العين الحمراء، متى تأكد لها أن من يديرون الفريق يسيرون به نحو الهاوية، شيء من الشجاعة وكثير من النخوة في المجاهرة بالاختلاف لا بالعداء، واتصور أن ثقافة وأمانة الانتماء على أصوله تحظران هذا الذي تعيشه الرجاء اليوم، الضرب من تحت الحزام وغرس الرماح في الظهور وجبن في المواجهة والمقارعة.

وأنا مع حسبان عندما يبدي تصلبا في صياغة صك الرحيل وفي الإقرار بالفشل، وكنت معه أيضًا عندما قرر ذات وقت أن يتراجع عن قرار عقد جمع عام استثنائي لتقديم استقالة جماعية، فالأمر لم يكن على علاقة مباشرة بكون الرجاء وقتها كان منافسًا على لقب البطولة، ولكنه كان بدافع اليقين أن من يدفعه للرحيل تماسيح تسبح في مياه فاسدة، أناس ليست لهم الشجاعة لكي يناوروا بوجوه مكشوفة، أشخاص ضالعون في أزمة الرجاء وما أنبهم ضميرهم لغاية الأسف، عدميون لا يستطيعون أن يأتوا بالحل لمعضلة الخصاص.

حتمًا سيأتي وقت للمساءلة والمصارحة في إطار ما يكفله القانون للرجاء وفي إطار ما توصي به التشريعات الرياضية وحتى الأخلاقية ، وفي تلك اللحظة بالذات اتمنى لو يتحلى الجميع بالشجاعة ليتصارحوا وليواجهوا بعضهم البعض بالحقائق كافة ، بوجوه عارية لا أقنعة تخفيها، فلو جاز القول عندها أن سعيد حسبان لم يكن رجل تلك المرحلة مهما قدم من دفوعات تبرئ الذمة وتخلي الطرف، اتمنى لو يقول الرجاويون بلسان واحد أن ما عاشه الرجاء هذا الموسم وكان بكل صدق كان شيئًا معيبًا، لم يكن سببه قلة ذات اليد ولكن كان سببه أشخاص استباحوا ما يحرضه العشق وما ينهى عنه الحب الصوفي للرجاء.

ولئن كان هناك من يتمنى لو يطوي الموسم الكروي الجاري أوراقه، ليتوقف الوجع وليبنى كل هذا الذي تكبده المناصرون والأحباء من آلام ومن غارات عدوانية للماضي، فإنني ملح في التأكيد على أن صورة هذا الذي حدث يجب أن تظل مثبتة في الذاكرة الرجاوية لا تبارحها، حتى لا يعود خفافيش الظلام للعبتهم وحتى لا يقال أن الرجاء لا يتعظ ويسمح لنفسه بأن يلدغ مرتين من نفس الجحر ومن نفس طواحين الهواء.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرجاء وخفافيش الظلام الرجاء وخفافيش الظلام



GMT 12:37 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

مرج الفريقين يتفقان!

GMT 04:31 2022 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

كأس العرب هيا..

GMT 17:33 2020 الخميس ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة مارادونا

GMT 11:04 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

" أبيض أسود

GMT 11:21 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

كيف ساعدت رباعية الاهلي في كانو رينيه فايلر ؟

GMT 21:26 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

١٠ نقاط من فوز الاهلي على سموحة

GMT 21:47 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

كيف قاد فايلر الاهلي للسوبر بمساعدة ميتشو ؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:59 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

خاسران في سورية... لكن لا تعويض لإيران

GMT 08:06 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«بنما لمن؟»

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 09:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 08:55 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab