بقلم - عبدالله بن بخيت
لم أشهد أن احتفل نادي الهلال بلاعب بمقدار احتفاله باللاعب الإماراتي عموري، أتابع الرياضة في حدود كأس العالم والمباريات المهمة كمباراة الهلال والنصر ومع ذلك صم ضجيج صراع الهلال والنصر على اللاعب آذاني، لماذا حظي هذا اللاعب بهذا الاهتمام وما قدراته، لا يبدو أن عموري لاعب أكبر من حجم المنطقة التي يلعب بها، لم أسمع أن تلقى عرضاً من نادٍ إنجليزي أو أسباني وغيرها من الفرق الثرية، لا أظن أن عموري هو القضية أو محور الصراع.
بدأ الصراع على عموري من أيام شارع العطايف والخزان، في الزمن الذي أطلق فيه المرحوم الأمير عبدالرحمن بن سعود تحديه العظيم لنادي الهلال سيد ذلك الزمن، منذ ذلك الحين أصبح الصراع بين الهلال النصر خارج الملعب أكثر منه داخل الملعب، لو أعدنا سيرة ماجد عبدالله وسيرة سامي الجابر سنعرف لماذا هذه الضجة على عموري. أعلى نادي النصر من أهمية ماجد عبدالله حتى بلغت ذرى النجوم فاضطر الهلال أن يفعل نفس الشيء بسامي الجابر، إذا تركنا التاريخ يتحدث وحده خارج الضجيج لاكتشفنا أن ماجد وسامي لم يكونا أبداً أفضل اللاعبين في تاريخ المملكة ولا في تاريخ الفريقين، ثمة قائمة طويلة تسبقهما، لكن الحظ يلعب دوراً كبيراً في إعلاء ناس وتغييب آخرين. بعض الأسماء تقع في قلب الصراع بالصدفة فتكسبت المجد، ستجد هذه الصدفة في كل مكان، عندما تعود للتاريخ سترى أن حكاماً وزعماء وفنانين وصلوا ما وصلوا إليه بصدفة.
قبل الاحتراف كان اللاعب والإداري والمشجع أسرة واحدة، لا يفترقون إلا بالاعتزال أو الموت، الهلالي هلالي حتى الموت وهكذا النصراوي، نادراً ما يتحول إلى فريق آخر. في عصر الاحتراف أصبح النادي اسماً وشعاراً وتاريخاً فقط، اللاعب لم يعد جزءاً من النادي، أصبح من الأدوات المتحركة مثل الجهاز والآلة، يستخدم في ظروف معينة ثم يستغنى عنه، مثله مثل باص النادي، يمكن بيعه حتى على الخصم، من تهتف له الجماهير هذا الموسم ربما تهتف ضده في الموسم المقبل.
صراع الهلال والنصر على عموري يعود إلى عقلية ما قبل الاحتراف، ما زال صدى صراع ناصر كرداش مع سلطان بن مناحي على أرض الملعب وصراع عبدالرحمن بن سعود مع صحافة الهلال ماثلاً في اللاشعور الجمعي لجماهير الفريقين. العالم تقدم والتقاتل بين الهلال والنصر بقي وفياً لجذوره القديمة، لا يعرف كيف يتوارى، صار عصياً على الموت والتلاشي وفي المناسبات المهمة يعود إلى السطح بالقوة التي شاهدناه عليها في حالة عموري.
أتوقع أن تستمر آلة الهلال الإعلامية في تمجيد عموري وستسعى آلة النصر الإعلامية إلى الإقلال من قيمته عندئذ سوف ينتصب عموري في المتحف نفسه الذي ينتصب فيه ماجد عبدالله وسامي الجابر.