كارط كيشي

"كارط كيشي"

"كارط كيشي"

 العرب اليوم -

كارط كيشي

بقلم - يونس الخراشي

لنكن واقعيين، فإذا كان هناك إجماع لدى المسؤولين عن الرياضة في المغرب بأنهم وفروا الأموال للرياضيين دون أن ينجح هؤلاء في مهمتهم، فإننا نقترح عليهم أن يتركوا مواقعهم لـ"كارط كيشي"، ذلك أن بإمكانها توفير المال بطريقة أفضل، ودون أن تأتي في آخر المطاف لتلقي باللوم على من يسحب بها ما يحتاجه.

الأمريكان الذين تبؤوا الصدارة في دورة ريو دي جانيرو الأولمبية، بدورهم وفروا المال لرياضييهم، متمثلا في الإعداد الجيد، والإقامة الجيدة، والمواكبة الجيدة، والتواصل الجيد، لأن ذلك واجب، وهذا الأخير يكون بالضرورة، سيما إذا كان من يفعله مجرد متطوع، لا يرغب في جاه أو سلطان.
ثم إن المال الذي يقول هؤلاء المسؤولون إنهم وضعوه رهن إشارة الرياضيين جاء من المنحة الملكية ومن جيوب المغاربة أيضا، وبالتالي فلا معنى لأن يقول أحد "اللي علي درتو، الفلوس وجدتهم"، مع أن الذي كان مطلوبا منه بالتحديد هو أن يكون قائدًا جيدًا، وليس مجرد "آلة لسحب المال" عند الحاجة إليه.

الذي وقع، يا سادة، ودون لف ولا دوران، هو أننا في المغرب افتقدنا، وما نزال مع الأسف، للحاضنة الجيدة للرياضة؛ ونعني بها المجتمع النامي، الذي يتمتع بالتعليم الجيد (مشتل الرياضة المدرسية)، والصحة الجيدة (سند اللياقة السليمة بدنيا ونفسيا)، والبنيات التحتية الجيدة (ملاعب القرب)، وبتكوين الأطر الجيدة (التكوين المرجعي)، والتتبع الجيد (الإحاطة المعلمة)، وكل ما يحيط بالرياضيين ويجعلهم يشعرون بأنهم مواكبين وفي رعاية ستوصلهم، بفضل مجهوداتهم، إلى منصات التتويج.

نعم إن الذين يتوجون في الألعاب الأولمبية ثلاثة فقط في كل نوع رياضي، مع استثناء في الملاكمة، غير أن الألعاب في حد ذاتها فرصة لقياس الذات مع الآخرين، ومعرفة مستواها في العالم، ومن ثم استخلاص النتائج الضرورية، والعمل بناء عليها لتطوير الإمكانات، وصولا إلى نتائج أفضل في المرات المقبلة.

وقد اكتشفت الرياضة المغربية مستواها في دورة ريو الأولمبية، وعرفت؛ سواء من داخل القرية الأولمبية، أو في الملاعب والقاعات، أو في ميادين التداريب، أو في الأسواق والطرقات، أو في وسائل النقل، أو حتى في بناية المركز الإعلامي بشقيه المكتوب والمسموع والمرئي، أنها تفتقد إلى الحاضنة التي تمكنها من الرقي إلى العالمية.

لقد كان الرياضي المغربي، مثل غيره من الرياضيين في واقع شبيه، يكتشف كل يوم، صباحه مسائه، وهو ينظر إلى الرياضيين من دول راقية، أنه إزاء منافسين لديهم طاقاة قريبة من طاقته نوعا ما، غير أنهم مسنودين بواقع لا يمتلك منه أشياء كثيرة ذات أهمية كبيرة جدا بالنسبة إليه، ما يجعله يفتقد شيئا فشيئا نسبا من معنوياته، ويذهب إلى الميدان وهو أقرب إلى الخسارة منه إلى الربح. فهو من جهة محاط بمسؤول لا يفهم في علم القيادة، ويتحدث معه بأسلوب محبط، وإن بشكل غير مباشر. وهو من جهة ثانية محاط بإداري ملول، يشعره باليأس وهو يراه بطيئا ومتثاقلا، ولا هم لديه سوى الراتب الشهري، "ومريضنا ماعندو باس". وهو من جهة أخرى هو محاط بإعلامي يفهم، سبحان الله، في كل شيء، ويعلق على كل شيء، ويتحدث في كل شيء "بينهم العبد لله". وهو محاط، أيضا، بضمير جمعي لا يعرف للممارسة الرياضية واقعا، ولكنه يريد ممن يمثله أن يفوز بالذهب، وما لم يفز به فإنه "ما يسوى ما يصلح".
وما الحل إذن؟.

عندما طرحت السؤال على وزير الرياضة، لحسن السكوري، وأنا أجلس إلى جانبه في القرية الأولمبية، قبل أيام، كنت أقول لنفسي، قبل أن يأتيني رده: "ألا أغالط نفسي وأنا أسأل رجلا لا يفهم في الرياضة الكثير، ولم يبق له في الوزارة الكثير، ولن يفيدني ولا الرأي العام برده في شيء كثير؟".

من هنا يبدأ الحل، يا سادة. عندما نضع الرياضة بين يدي رجالاتها، على أن يقدموا لنا مقترحاتهم بخصوص إعادة هيلكة كل شيء في رياضتنا، بما يأخذ بعين الاعتبار الواقع المغربي، بكل تجلياته، بعيدا عن الأوهام التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وبعيدا عن منطق "كارط كيشي".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كارط كيشي كارط كيشي



GMT 10:34 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

صور روسيا 2018

GMT 13:23 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

"السيما والكياص"

GMT 14:39 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

يوميات روسيا 23

GMT 15:13 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

يوميات روسيا..22

GMT 11:01 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

يوميات روسيا..20

فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 02:31 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال قوي يضرب جزر الكوريل الروسية ولا أنباء عن خسائر

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 05:53 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أكبر معمرة في إيطاليا عمرها 114 عاما

GMT 08:49 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 05:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

محكمة روسية تصادر ممتلكات شركة لتجارة الحبوب

GMT 07:55 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي يودي بحياة 9 فلسطينيين بينهم 3 أطفال في غزة

GMT 05:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر في البرازيل لـ10 قتلى

GMT 12:22 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

مدير منظمة الصحة العالمية ينجو من استهداف مطار صنعاء

GMT 02:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب الفلبين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab