سعيد علي
قال مدرب منتخب ألمانيا، واكيم لوف، إن "تتويج بلاده بلقب النسخة العشرين من كأس العالم، لم يأتِ نتيجة تجمع تحضيري لمدة خمسين يومًا فقط، بل هو عمل امتد لعشر سنوات، انطلق مع زميله كلينسمان، وواصله هو بنفسه، بمهمة عالية، دون أن يحول بينه وبين التتويج باللقب الهزائم السابقة".
إن التمعن في كلمات لوف، يُؤكِّد أن أي عمل ينطلق من نقط ما، ويستمر بكل ثبات، يعطي في النهاية ثمار النجاح، وهذا ما يمكن أن ينعكس على منتخب "المانشافت"، فالألمان انتظروا 24 عامًا للتتويج باللقب الرابع، بعد إحرازهم للثالث في العام 1990.
ويلاحظ من خلال مسار المنتخب الألماني، في الدورات الماضية من كأس العالم بدءًا من دورة أميركا 94، أن "المانشافت"، رغم إحرازهم للقب العالمي، فقد فشلوا في الحفاظ عليه، وخرجوا من دور الربع.
والمشهد ذاته، يتكرر في "مونديال" فرنسا 98، لكن الآلة الألمانية كانت قريبة من إحراز اللقب في دورة 2002، إلا أن القوة البرازيلية كانت حاضرة للتتويج باللقب، ولكن هذا الصعود لم يحافظ عليه المنتخب الألماني في نسخة 2006، التي أقيمت في البلد، حيث اكتفى بالمركز الثالث، والسيناريو ذاته أعيد في دورة جنوب أفريقيا في العام 2010.
لكن رغم كل هذا، يبدوا أن رغبة الألمان في تزيين خزينتهم بالكأس الرابعة، كانت حاضرة في أرض "السيليساو"، ليتوجوا باللقب رغم ندية الخصم الأرجنتيني، وبالعودة إلى مشوار "المانشافت" في هذا "المونديال"، يمكن استخلاص مجموعة من العبر والدروس؛ أولها أن كلام واكيم لوف صحيح، فالطريقة التي ظهر بها المنتخب الألماني والروح الجماعية، كانت السمة الأساسية التي ميزت المنتخب عن باقي المنافسين، فـ"المانشافت" لم يراهنوا على نجم معين مثل البرازيل، الذين اعتمدوا على نيمار، أو الأرجنتين على ميسي وزميله ديماريا.
إن البنية الجسمانية للألمان، أكدت أن "الفريق اعتمد بشكل كبير على الجانب البدني لكل لاعب، وهذا ساهم بشكل كبير في تغيير نتائج "المانشافت" في هذا "المونديال"، ويبقى الدرس الأساسي الذي قدَّمه الألمان للعالم، وهو أن بلوغهم إلى القمة العالمية وقفت خلفه دراسات علمية قام بها الاتحاد الألماني للعبة، حيث أكد أن "خمسين طالبًا في إحدى المعاهد المتخصصة في الرياضة، قاموا بدراسة لمدة سنتين، كانت الغاية منها دراسة وتحليل أبرز الخصوم المرشح ملاقاتهم لمنتخب "المانشافت"، ولاسيما منتخب البرازيل، الذي أنهار أمام "المانشافت" بسباعية مقابل هدف واحد.
كما أن فوز ألمانيا، بنسخة البرازيل، جاء لينهي احتكار منتخبات أميركا اللاتينية، عندما يُنظَّم "المونديال" في القارة الأميركية، فإذا كانت منتخبات أميركا اللاتينية نجحت في الفوز بالكأس العالمية في سبع نسخ نُظِّمت في القارة الأميركية، فإن النسخة الثامنة، والتي أقيمت هذه السنة في البرازيل، خرجت عن العادة بتتويج الآلة الألمانية، وبذلك يؤكد "المانشافت"، أن الكرة العالمية شهدت تغييرات عديدة، ولم تعد تؤمن بمنطق النتائج والأسماء، بل بالعمل على المدى الطويل والاستعانة بالبحث العلمي.