محمد خالد
كشفت الجمعية العمومية الأخيرة لنادي "الرجاء البيضاوي" لكرة القدم، عن مفارقات غريبة ومليئة بالتناقضات، يعيش على وقعها أحد أعرق الأندية المغربية، ما جعل اللبس والحيرة والغموض عناوين بارزة ترسخت في أذهان من حضر هذه الجمعية العمومية التي مرت على غير العادة في أجواء هادئة وخالية من النقاشات الجادة والهادفة.
ولعل أبرز ما أصاب المتابعين بالحيرة، الأرقام المالية الواردة في التقرير المالي للفريق لموسم 2013-2014، فهي تارة تتحدث عن تحقيق النادي لفائض مالي مهم، وتارة أخرى تشير إلى ارتفاع مديونيته بشكل مخيف، ومن جهة ثالثة تحمل بين طياتها عجزا مهما في الموازنة السنوية تم تغطيته بإضافة الهبة الملكية التي حصل عليها النادي بعد تألقه في مونديال الأندية إلى مجموع العائدات، وهي خطوة أثارت الكثير من الجدل حول صوابها وشرعيتها القانونية.
صحيح أن الرجاء حطم أرقامًا قياسية من حيث دخله ومصاريفه خلال الموسم السابق، بوصوله إلى أرقام غير مسبوقة في تاريخ كرة القدم المغربية، لكن هذه الأرقام لا تعكس بأي وجه من الوجوه حقيقة وواقع النادي على المستوى المالي.
فكيف لناد حقق أرقامًا بهذا الحجم أن يظل مستخدموه وإداريوه دون رواتب وأجور لأشهر عدة ؟ وكيف لفريق ميزانيته بملايين الدولارات، أن يقترض من أعضاء مكتبه المسير لأداء بعض مصاريفه ؟ حيث أشار التقرير المالي إلى أن ديون النادي لمسيريه تفوق 700 ألف دولار، وأخيرا وليس آخرا كيف لفريق تحصل على أعلى دخل لناد رياضي في المغرب، أن يتم الحجز على حافلته وحسابه البنكي في أكثر من مناسبة بسبب الديون؟
إن منطق العقل يؤكد على أن "الرجاء البيضاوي" مطالب بإعادة النظر في سياسته المالية في أسرع وقت ممكن، تفاديا لسكتة قلبية قد تكون عواقبها وخيمة على النادي على المديين المتوسط والبعيد، فقاعدة الديون ترتفع سنة بعد أخرى، علما أن الفريق لن يستفيد من المداخيل الاستثنائية التي حققها في الموسم المنقضي بفضل مشاركته الناجحة في مونديال الأندية، ما يفرض عليه البحث عن موارد مالية أخرى لتأمين متطلباته.
وحاول رئيس النادي محمد بودريقة التقليل من حجم الأرقام الواردة في التقرير المالي، وبعث بإشارات مطمئنة للمنخرطين والجماهير حول الوضع المالي للفريق، مشيرا إلى أن المبالغ المشار إليها كديون هي مجرد التزامات مستقبلية سيتم دفعها تدريجيا، غير أن تفسيراته لم تزد الأمور إلا غموضا والتباسا، رغم أن منخرطي النادي صوتوا على التقرير المالي بالأغلبية المطلقة.
لقد حقق بودريقة حلمه بالرفع من ميزانية الرجاء إلى أرقام كبيرة حسب ما وعد به في حملته الانتخابية لرئاسة النادي قبل موسمين، لكنه في المقابل لم يعمل على تهيئة الأرضية الصلبة لهذا الارتقاء الصاروخي السريع، ما يهدد بانهيار امبراطورية "الرجاء العالمي" في أي لحظة إذا لم تكن هناك خطة إنقاذ سريعة ومحكمة تستجيب للواقع وتنسجم مع الإمكانات المتاحة للنادي.