التنوع الثقافي لا يُفسد للود قضية

التنوع الثقافي لا يُفسد للود قضية

التنوع الثقافي لا يُفسد للود قضية

 العرب اليوم -

التنوع الثقافي لا يُفسد للود قضية

الدكتورة رهام زهير المومني
بقلم : الدكتورة رهام زهير المومني

كثيراً ما يتبادر إلى أذهاننا فهم ومعرفة طبيعة حياة الأشخاص وخاصة الذين نلتقي بهم لأول مرة صدفة، أصدقاء وزملاء عمل، سياسيين، فنانين، علماء، قادة، قد نُعجب بهم لمواقف معينه، أو لأنهم تركوا بصمات واضحة في حياتهم وحياة الآخرين، إما لكسب المعرفة، أو لفضول عن تفاصيل حياتهم التي نشأوا بها وميّزتهم عن غيرهم، فنبدأ بالبحث عن ثقافتهم وبيئاتهم وسلوكهم وشخصياتهم وإدراكهم وطريقة تعاملهم في مواقف معينه، وما هي المبادئ والقيم المتبناة عندهم، ترى نفسك قد إنغمست بها وأخذت بعض الأفكار التي تعجبك، وسلكت نفس الطريق، فتتبادلان الثقافة التي قد تغير من حياة الطرفين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لأننا ندرك تماما أننا مجموعة إنسان نؤثر ونتأثر بما نراه ونسمعه ونشعر به، فيبدأ سريان البرمجه في عقلك لرفض ما هو موجود وإستنباط ما هو غير موجود لتجد نفسك في النهاية تحمل ثقافات متنوعه تمنحك مزيد من حرية الفكر والإستقلاليه والقوة في ظل وجود عالم مليء بالتعددية والإختلاف.

الثقافة هي مجموعة أنماط مشتركة من سلوكيات ومعرفة وفهم تكونت من خلال التنشأة الإجتماعية، فتعلمنا كيف نأكل ونلبس ونتحدث وما نؤمن به وما نطبقه وما نعتقد أنه صواب أو خطأ، وهي في الواقع تمتدّ لأبعد من ذلك بكثير،فكلنا جزء من مجموعات ثقافية مختلفة وهوّيتنا الثقافية تتطور وتتغيّر بتغيّر الظروف والقيم والمعتقدات التي نتعرّض لها، فهي عنصر ديناميكي معقّد،وتُبنى وتتأثر بمجموعة من العوامل الأخرى المحيطة بنا مثل الجنس، العمر، القدرات البدنية والعقلية، الطبقة الإجتماعية، المعتقدات الدينية والروحية، وجميعها تخلق ما يُعرف بالتنوّع الثقافي،والسبب وراء إختلاف أطباع البشر وسماتهم واهتماماتهم حتى وإن كانوا أفرادًا في مجتمع واحد أو حتى عائلة واحدة أن كل شخص متفرّدًا ومتميّزًا عن غيره من أعضاء المجموعة الثقافية الواحدة ويحمل أكثر من سمة ثقافية.

إذا هي مزيج من الأفكار والمشاعر والمواقف والمعتقدات التي تشترك فيها المجموعة الواحدة والتي قد نولد ضمن بعضها مثل المجموعة العرقية التي ننتمي لها، وقد نختار البعض الآخر مثل المعتقدات السياسية، وقد نتنقل بينهما وتبني عدّة عادات وتقاليد وتوجهات ثقافية جديدة، والتنوع الثقافي إما أن يكون داخلي مرتبط بالمواقف التي نولد بها ولم نقم باختيارها ولا نستطيع تغييره، وإما خارجي يمكن أن يتغير مع مرور الوقت، فلولا التنوع لما شاركت ليبي بمشروع ونجحنا، ولا عملت بشركة مديرها أمريكي، ولا كان زميلي بالمشروع مصري، ولا كان جاري عراقي، ولا كانت صديقتي من فلسطين، ولا زميلي بالعمل الخيري من لبنان، ولا سمحت لإبني بالدراسة بألمانيا، ولا كان طلابي من الخليج العربي، ولا كانوا أقاربي من سوريا.

في كثير من زياراتنا لدول مختلفة في العالم نتعلم منهم، نأخذ ما يناسبنا وما نحن مقتنعين أنه الأفضل، تتكون لدينا ثقافات خاصة بنا وجديدة ضمن القيم التي نشأنا عليها، وهذا لا يعني أننا فقط يجب أن نعيش ضمن العادات والتقاليد، فكم منها بلا معنى ولا فائدة، زرت سنغافورا لمدة شهر، دورة تدريبية وتعرفت على مجموعة تضم متدربين من جنسيات وديانات مختلفة من 36 دولة من مختلف دول العالم وفقط 3 دول عربية، كنا كعائلة وفريق متجانس متحاب في بلد متقدم حضاري يحترم التعددية وثقافة الحرية والإنضباط والعمل وإحترام وجهات النظر والمساواة وإحترام الوقت والنظام والنظافة والإلتزام بالدور،ذهبنا مجموعة بعد إنتهاء الدوام لتناول الطعام في أحد المطاعم ووكلوني بمهمة الطلب، فطلبت الكثير على قول “يزيد ولا ينقص” إستهجنوا ذلك وأعطوني درس بأن التبذير حرام، ويجب أن يكون حسب الحاجه، عكس ما تعودنا عليه في ثقافتنا، وتعلمنا الكثير من بعض، في كثير من عاداتنا أصبحت عبئ وتمنع من التقدم والرقي.

إذا كانت لدينا القدرة على تقبّل الثقافات المختلفة وإحترامها والتعلّم منها نكون وصلنا إلى ما يسمى “بالإستجابة الثقافية” وهذه تتطلّب إمتلاك درجة كبيرة من الإنفتاح على وجهات النظر المختلفة، والأفكار وتجارب الآخرين ونكون قد إكتسنا مهارة تقبل وإحترام التنوع الثقافي من خلال تطوير سلوك إيجابي تجاه الثقافات الأخرى وتطوّير الوعي الذاتي لفهم الثقافات المختلفة عنا وتقبّلها بفهم ثقافتنا أولا،وعدم الحكم على الآراء والقيم والعادات المختلفة عنا على أنّها خاطئة يجب أن نقبل فكرة أنها مختلفة، وأن نفهم وجهة نظر الآخر حتى وإن بدت غير مريحة، وعدم فرض قيمك وعاداتك على الآخرين باعتبارها هي الأصح لأنه ليس هنالك ما هو صحيح أو خاطئ في الثقافات، فلكلّ أفكاره الخاصة، ويجب أن نعرف المزيد عن الثقافات المختلفة حول العالم ومعتقدات وقيم وعادات شعوب أخرى مختلفة عنك، وتتعرف على أشخاص جدد من ثقافات مختلفة.

من الطبيعي أن يكون هناك إختلاف في العالم، وهذا الإختلاف لا يعني أنّك على حق والآخرون مخطئون أو بالعكس، إنها فقط وجهات نظر مختلفة ومعتقدات متباينة تشكّلت عبر التاريخ وبناءً على عوامل متعددّة،المطلوب منا لنتعايش ونرتقي عقلية متفتحة ومتقبلة للتغيير.. إحترام ثقافات غيرنا وتقبلها لأنك لن تقبل لأحد أن يتحدث عن ثقافتك بسوء فإختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنوع الثقافي لا يُفسد للود قضية التنوع الثقافي لا يُفسد للود قضية



GMT 10:46 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 10:58 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 09:30 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

صيحة البسوس وشهرة نساء بني تميم في العصر الجاهلية

GMT 02:18 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab