بقلم ـ محمد إبراهيم
تعودنا في كل مرة أن تلجأ الحكومة السودانية للحلول السهلة وأن تمد يدها إلى جيب المواطن المغلوب على أمره، فإن الحكومة ممثلة في قطاعها الإقتصادي أعلنت عن رفعها الدعم عن المحروقات مالايدع مجالًا للشك أن إرتفاع جميع الأسعار بلا إستثناء تبعًا لإضافة تكلفة النقل والترحيل التي يضعها التجار كل مرة بصورة لاتراعي حجم الزيادات المعلنة في ظل عدم رقابة الحكومة على السوق، فكم من زيادة أعلنتها الحكومة آخرًا وعلى أرض الواقع تتضاعف دون حسيب أو رقيب.
إن المواطن البسيط لايعنيه حديث الاقتصاديين بأن الحكومة لديها إشكالية في دفع مرتبات الموظفين وعجز حقيقي تمر به البلاد، وبالتالي القرار الذي اتخذته لتعويم الجنيه السوداني من أجل مصلحة الاقتصاد الكلي، كل هذه التبريرات لا تُسمن ولا تغني من جوع، في ظل تمتع الوزراء والمسؤولين بالمخصصات والحديث عن تقشف غير مرئي لايحسه الشارع العام والوزير يمتلك بالإضافة إلى سيارته اثنتين أخريات لخدمة أبنائه ومنزله وأخرى لـ"جلب الخضار".
كل شيء يحدث يبدو غير مبرر لاتخاذ مثل هذه القرارت الخطيرة ومعلوم لـ"راعي الضأن في الخلاء" أن أسعار البترول والقمح متندينة عالميًا فكيف ترتفع في السودان والمسؤولين يتحدثون كل يوم عن ارتفاع إنتاجية الذهب والبترول، أين تذهب هذه الأموال. والأدهى والأمر أن الحزب الحاكم "المؤتمر الوطني" يعقد اجتماعًا صبيحة القرارات الكارثية ويُعلن مباركته لما يحدث ويقول إن المواطن عليه أن يتحمل الدواء من أجل العلاج، عن أي دواء يتحدثون وهم غير مصابين بأمراض الفقر والعوز التي يعاني منها المواطن المسكين.
في بداية العام 2013 في سبتمبر/أيلول شهد السودان رفع الدعم عن المحروقات والتي أعقبتها احتاجات كبيرة من المواطنين بخروجهم إلى الشوارع في كل البلاد، والاحتجاجات تلك خرجت طواعية ولم تكن خلفها أحزاب سياسية باعتراف قوى المعارضة نفسها، بل كانت تعبيرًا لرفضهم للقرارات الكارثية التي حولت البلاد إلى حجيم ومكان طارد لايصلح للعيش، وأفضت تلك الإحتجاجات إلى مقتل العشرات من المواطنين السودانين والتي لاتزال التحقيقات جارية حول أعدادهم الحقيقة والمحاكم مازالت تطالب أولياء الدم بقبول "الدية" الفدية في ظل تمسك أغلب أولياء الأمور بحق القصاص من أفراد وضباط الشرطة الذين حصدوا أرواح الأبرياء بدم بارد، وللأسف رغم الإدانة التي تمت لأفراد وضباط الشرطة برأتهم المحكمة في نهاية المطاف ما دفع بعضهم إلى رفع شكاوى إلى مفوضية حقوق الإنسان، فإلى متي يستمر هذا العبث، ألم تتعظ الحكومة من هبة "سبتمبر/أيلول الماضية ومن ويلات الربيع العربي