دور الأجهزة الرقابية في وقاية المجتمع من الفساد

دور الأجهزة الرقابية في وقاية المجتمع من الفساد

دور الأجهزة الرقابية في وقاية المجتمع من الفساد

 العرب اليوم -

دور الأجهزة الرقابية في وقاية المجتمع من الفساد

بقلم - الدكتور عادل عامر

إن البلدان التي تتمتع بحريات سياسية واسعة مع استبعاد أثر المتغيرات الأخرى قد حققت أداء أفضل في توفير التعليم الأساسي والصحة والحد من تضارب المصالح وتنفيذ سياسات سلمية واحترام المواطنين والحكومة أو سياسات الدولة ولكي يتمتع المواطنون بثمار الديمقراطية والاقتصاد القائم على آليات السوق

كما أن منع الفساد مسألة مهمة في السياق الاجتماعي والسياسي، كما يتضح ليس فقط من الحالات الأخيرة من الفساد، ولكن أيضا عن طريق زيادة الوعي بهذه المشكلة. إذ يسبب الفساد أضرار اقتصادية خطيرة تتعارض مع المنافسة العادلة ويضعف الثقة في سلامة وسير عمل الإدارة العامة. من أجل محاربة الفساد على كافة مستويات الإدارة، فمن المهم تعزيز اليقظة تجاه النشاطات المتصلة بالفساد، مع التركيز على منع مثل هذا النشاط بالتدابير الوقائية، بما في ذلك آليات وضع رقابة فعالة والتي تكون ضرورية لمواجهة العديد من العوامل التي تساهم في الفساد.

فلابد من أن تتوفر لهم المؤسسات والآليات المناسبة التي تمكنهم من التعامل السليم مع الأجهزة الحكومية ومساءلتها ومحاسبتها وبمعنى آخر فإن مبادرات الإصلاح ترتكز على تعزيز الحكم الديمقراطي الرشيد في الحياة الاقتصادية وهذا هو جوهر التوجهات والسياسات الجديدة للإصلاح الإداري والمتعلقة بضبط المشتريات الحكومية والمناقصات العامة والحد من مخاطر التواطؤ وذلك عن طريق توفير كافة المعلومات اللازمة عند طرح المناقصة او الممارسة الحكومية

مع تجنب وضع الحواجز غير الضرورية التي قد تقلل من عدد مقدمي العطاءات عن طريق ووضع حدود دنيا من الشروط تتناسب مع حجم ومحتوى العقود أن استفحال الفساد الإداري لا يرجع إلى ضعف النصوص الجنائية، ولكن في أغلب الأحوال يرجع إلى عدم مراعاة بعض الأجهزة الرقابية للإجراءات الجنائية،

مما يخلق ثغرات ينفذ منها المتهم من العقوبة، يساهم الفساد في تدني كفاءة الاقتصاد العام، حيث انه يحد من الموارد المخصصة للاستثمار ويسيء توجيهها أو يزيد من كلفتها، وكذلك أضعاف مستوى الجودة في البنية التحتية العامة

من هنا تحرص مصر على محاربة الفساد الاداري والمالي لأنه يشكل آفة خطيرة في جميع ميادين الأمن والاقتصاد والتنمية ويؤدي إلى انهيارها مما يسبب اعاقة تقدم البلد ونهب ثرواته ومنع حركة العمران التقدم والرفاهية الاقتصادية.

يعد الجهاز الإداري أول المتأثرين من الفساد الإداري على اعتبار أنه مسرح الجريمة، إذ تقوم مظاهر الفساد بالضغط على الجهاز الإداري للخروج بقرارات غير رشيدة وليست في مصلحة الهدف العام للجهاز الإداري وبالتالي إضعاف كفاءة وفعالية المنظمة.

كما يؤدي الفساد الإداري إلى أضعاف قواعد العمل الرسمية ونظمه المعتمدة في الجهاز الإداري المعني والحيلولة دون تحقيقه لأهدافه الرسمية كلياً أو جزئياً وحرف إمكاناته المادية وطاقاته البشرية عن هذه الأهداف وخلق التشويش بدل الانتظام في عمليات اتخاذ القرارات فيه. كذلك من شأن الفساد الإداري أن يضعف دور القيادات وفاعليتها داخل الأجهزة الإدارية

التدابير القانونية البحتة وحدها لا يمكن أن تكون فعالة تماما في مواجهة الفساد. بل يجب أن تشكل جزءا أساسيا من استراتيجية يتضمن انظمة قانونية تعمل بشكل جيد، واللوائح وكذلك العملية الإدارية والمؤسسات التي يتم من خلالها تنفيذها. التجربة وهذا يتطلب النظام القانوني مستقل ويعمل، بالإضافة إلى وجود قضاء فعال، ومساءلة، محمية من التدخل السياسي.

والرقابة الادارية أصبحت هي الفارس الوحيد في هذا البلد الذي يحارب الفساد بعد ان سيطر رجال مبارك على باقي الاجهزة الرقابية وجعلوها ادوات لطي ملفات الفساد في الكتمان، هؤلاء تعودوا على الصمت وعلى حماية الفاسدين، فلذا لم يبق في الساحة الا هذا الجهاز الوطني يحارب شياطين الفساد في بر مصر كله.

فلقد أصبحت هيئة الرقابة الادارية هي سلاح الشعب المصري الوحيد في مواجهة لوبيات الفساد وهي تعمل بدون مساندة من أحد فهي تحاول أن تقوم بما يمنحها القانون من سلطات أو ما يكلفها به رئيس الجمهورية، وهي مسئولية كبيرة يجب أن تجد معاونة من باقي الأجهزة ومن شركاء المجتمع في مكافحة هذه الآفة الخطيرة

بناء علي ذلك لا شك أن قضية مكافحة الفساد تعد القضية الرئيسية بالنسبة لجميع دول العالم سواء كانت دول متقدمة أو نامية , فالفساد بأشكاله المختلفة ظاهرة منتشرة في جميع الدول ولكن بدرجات متفاوتة من حيث مدى خطورته على النظم الإدارية و الاجتماعية  و الاقتصادية و السياسية القائمة , وأيماناً من الدول والمنظمات الدولية بخطورة الفساد وأثاره المدمرة على إمكانيات الدول والمجتمعات والشعوب فقد سعت الأمم المتحدة إلى وضع اتفاقية دولية لمكافحة الفساد بغرض تنسيق الجهود الدولية لمكافحته من خلال تعزيز النظم الوطنية لتكون انطلاقه لجميع الدول وأفراد المجتمع الدولي للسعى الحثيث نحو محاصرته ومكافحته .

وبالفعل وضعت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها رقم 58/4 المؤرخ في 21/10/2003 وقد انضم لهذه الاتفاقية العديد من الدول ومن بينها مصر أيماناً منها بأن قضية مكافحة الفساد وخصوصاً عقب ثورتي 25 يناير و30 يونيو لم تعد شأناً داخلياً خالصاً بل ان الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود الدولية لمواجهته وكذا تدعيم النظم الداخلية حتى تكون أكثر فاعليه في مكافحته.

تضمن الدستور المصري المعُدل عام 2014 فصلاً للهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من المادة 215 حتى المادة 221. المواد من 215 حتى 217 تضمنت تمتع الأجهزة الرقابية بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها وتمنح ضمانات واستقلالية وحماية لأعضائها بما يكفل لهم الحياد والاستقلال ويعين رئيس الجمهورية رؤسائها بعد موافقة مجلس النواب لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمره واحدة ولا يُغفى أي منهم من منصبة إلا في الحالات المحددة بالقانون وتعد من تلك الهيئات البنك المركزي ، الهيئة العامة للرقابة المالية ، الجهاز المركزي للمحاسبات ، هيئة الرقابة الإدارية.

المادة 218 " تلتزم الدولة بمكافحة الفساد وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن اداء الوظيفة العامة ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية ".

لذلك يجب وجود علاقة وترابط وثيق بين استراتيجيات مكافحة الفساد الاداري والمالي والأداء التنظيمي، من خلال زيادة فاعلية وكفاءة المنظمة في تحقيق اهدافها. إمكانية تطوير الاداء التنظيمي، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية واستقلاليتها وضرورة تفعيل دور الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني من محاربة الإفساد والمفسدين ونشر الوعي التثقيفي للمجتمع بتقبيح الفساد والإعلان عن مرتكبيه مع تحفيز الموظفين الشرفاء ودعمهم مادياً ومعنوياً.

إن المناخ الذي تعيشه مصر الآن يستوجب البحث عن أهل الأمانة في تولي المناصب وضرورة بذل الجهود لاسترداد الأموال المنهوبة، ولابد من تجفيف منابع الفساد المتمثلة في البطالة والتضخم والفقر والظلم الاجتماعي بوضع استراتيجية لمكافحتهما يتعاون في تنفيذها كافة مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والأعلام.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دور الأجهزة الرقابية في وقاية المجتمع من الفساد دور الأجهزة الرقابية في وقاية المجتمع من الفساد



GMT 10:08 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

استراتيجيات تخفيف الفساد

GMT 22:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

الزيادة السكانية قنبلة موقوتة

GMT 10:37 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

الإصلاح الاقتصادي ..والطبقة المتوسطة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية
 العرب اليوم - نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab