لم يكن حسين رياض مجرد فنان يؤدي دورًا ولكنه كان مدرسة في التقمص الشديد وحبه للفن وإذا استعرضنا قصة حياته سنجدها بالفعل مدرسة يجب أن يتعلم منها كثيرون.
فهو من أب مصري وأم سورية واشتهر دائمًا بأداء بدور الأب، كان يتميز بالطيبة والكرم الزائد واحترامه للتقاليد والعادات التي تحكم مجتمعنا الشرقي وكان يتعامل مع أبنائه من هذا المنطق، و ذات يوم اتصلت به عروس من طنطا ووفر لها حجرة نوم لزوجها وأيضا وقف بجوار العديد من الطلاب وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على كرمه الزائد.
كان دائمًا يحرص على ممارسة الرياضة حفظًا على لياقته ومظهره، وكثيرون لا يعلمون أنه كان يهوي رياضة حمل الأثقال "الحديد والصاندو"، أيضا كان يهوي لعب الطاولة، وسماع أغاني أم كلثوم وخصوصًا أغنية "نهج البردة"، وكان دائمًا يحرص على عقد صالون ثقافي أدبي شعري في منزله على فترات دورية، حيث كان القاسم المشترك في هذه الصالونات الشاعر إبراهيم ناجي، والشاعر الإذاعي إمام الصفتاوي، والموسيقار محمد عبده صالح، والفنانة زوزو عبد الحكيم، والفنانة زينب صدقي، وينضم إليهم في كل جلسة العديد من الفنانين والمطربين والأدباء والأطباء وضباط ويناقشون قضايا ومواضيع مختلفة.
وهو يعتبر من جيل الرواد الذين ضحوا بالكثير من أجل الفن في الوقت التي لم تكن النظرة للفن تحظى بالتقدير الواجب كما هي الآن، فترك دراسته في الكلية الحربية وكون هو وزملائه يوسف وهبي وأحمد علام وعباس فارس، وحسن فايق، وغيرهم فرقة "هواة التمثيل المسرحي"وكانوا ينفقون من مواردهم الخاصة وكان يشرف على تدريبهم إسماعيل وهبي شقيق يوسف وهبي ثم عبد الحميد حمدي، وفي يوم دعت الفرقة الأستاذ عزيز عيد الذي كان من رواد الفن المسرحي وذلك ليشاهد عرض "فقراء باريس" وبعد انتهاء العرض دخل لهم الكواليس لتحيتهم ثم سأل حسين رياض: "ناوي تعمل ايه؟" فأخبره سأكمل دراستي في الكلية الحربية خضوعًا لرغبة الأسرة، فاحتضنه عزيز عيد وربت على كتفه وقال له: "اسمع كلامي يوجد ألف ضابط حتكون واحد منهم لكن لو سلكت طريق التمثيل سيكون هناك حسين رياض واحد فقط" وكانت هذه الكلمات هي كلمة القدر بالنسبة له واتجاهه إلى كلية لفن التمثيل.
التحق بفرقة عزيز عيد وفاطمة رشدي ثم الكسار ثم أولاد عكاشة ثم جورج أبيض وأخيرًا المسرح القومي، ويذكر في هذا الصدد أنه كان يؤدي دوره في مسرحية "النسر الصغير " في فرقة فاطمة رشدي وعزيز عيد عام 1932، وأصيب بحمى شديدة وسقط من الإعياء الشديد ونقلوه إلى المستشفى وحاولوا إقناعه بالراحة ولكنه واصل التمثيل في اليوم التالي مباشرة، ولما عاتبته فاطمة رشدي أخبرها أن أمنية الفنان أن يموت على خشبة المسرح.
وقدم 320 فيلمًا سينمائيًا، 240 مسرحية ، و150 مسلسلًا وتمثيلية إذاعية من أشهرها مسلسل "القط الأسود"، واستحوذ على آذان المستمعين في التمثيلية الإذاعية "الناصر صلاح الدين"، و50 مسلسلًا تلفزيونيًا أشهرها رئيس العصابة في "الثقوب السوداء" والعمدة في "هارب من الأيام".
خاض تجربة الإنتاج السينمائي حيث كون شركة إنتاج سينمائي مع عمي وشقيقه الفنان فؤاد شفيق وروحية خالد لإنتاج فيلم "دعاء الكروان" ثم تعثر المشروع ولم يتم.
كان يتمنى تجسيد شخصية مؤسس النهضة الحديثة في مصر محمد علي، وهو أول ممثل يعرض عليه تجسيد هذه الشخصية أيام حكم الملك فاروق حيث عرضت عليه السرايا تجسيد هذه الشخصية لإمكاناته الفنية وللتقارب الشديد في الملامح وكان يقوم بدور الوسيط في المباحثات الفنان سليمان بك نجيب لقربة من السرايا في ذلك الوقت، وصرح له أن السرايا ستنعم عليه بلقب الباكوية بعد انتهاء الفيلم ولكن لأسباب مختلفة وبعضها سياسي تعثر الموضوع.
خاض التمثيل الغنائي في العديد من الأوبرتات وأشهرها "الأرملة الطروب" مع رتيبة الحفني، و"شهرزاد"، و"الباروكة"، و"العشرة الطيبة.
وغنى للأطفال العديد من الأغنيات مثل "جدو يا جدو " أو"الثعلب فات" تلحين محمد ضياء الدين، حيث تعد هذه الأغنية من الأغنيات المميزة للأطفال والتي لاقت نجاحًا كبيرًا ولا تزال تذاع في الإذاعة حتى الآن.
صاحب مدرسة فنية خاصة به تقوم على تجسيد الصراع الخفي الداخلي والملموس والمحسوس في نفس الوقت بطريقة هادئة تلقائية دون اللجوء للشخصية المبالغ فيها من صوت جهوري أو لهجة خطابية أو تشنجات خطابية، أيضًا من أقوى سماته الفنية التركيز على التعبير بنظرات العين وحركات الأيدي، وجمع النقاد في هذه السمة بينه وبين النجمين العالميين انتوني هوبكنز وبيتر اوستينوف، كما نشرت مقارنة بينه وبين النجم العالمي تشارلزلوتن الذي جسد دور السجين في النسخة الأجنبية لفيلم "أمير الانتقام"، وكتب أن حسين رياض تفوق عليه ويستحق الأوسكار عن هذا الدور.
كان يهتم بتشجيع المواهب الشابة ومن تلاميذه الذي كان يعتبرهم أبنائه فاتن حمامة وحسن يوسف وعمر الحريري وصلاح قابيل وزبيدة ثروت وعبد الحليم حافظ، وكان يعتني جدًا بالفنانة هند رستم ووردة وماجدة الصباحي ومن المواقف المشهورة عنه أنه كاد يقدم استقالته من المسرح القومي إذا لم يتم تعيين الفنان حسن يوسف وتم تعينه بالفعل.
كان يعيش بكل وجدانه مع الشخصية التي يؤديها حيث أنه أثناء تأديته لدور الزوج المشلول في فيلم "الأسطى حسن" أصيب بالشلل فعلًا وتم علاجه وشفاؤه.
حصل على العديد من التكريمات في حياته وبعد رحيله، ففي حياته أهداه الزعيم جمال عبد الناصر وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في احتفال عيد العلم عام 1963، وحصل على العديد من شهادات التقدير من وزارة الثقافة والإرشاد القومي في ذلك الوقت عن أفلام "موعد مع الحياة" و"حياة أو موت " و"رد قلبي" و"الملاك الصغير"، وبعد وفاته أطلق اسمه على إحدى شوارع النزهة الجديدة وكرمته الهيئة القومية للبريد بإصدار طابع بريد خاص به، ومؤخرًا كرمته جمعية فن السينما في مهرجان أوسكار السينما المصرية في الدورة الواحد والثلاثين، وتم تسليم درع المهرجان للفنان حسين رياض.
بدأت إصابته بمبادئ الذبحة الصدرية أثناء تسجيله لبرنامج "تمم" للإعلامية ليلى رستم وكان يذاع على الهواء في التلفزيون، وطلب منه الطبيب المعالج الراحة التامة في الفراش ولكنه كان يردد "الموت أهون من الرقاد" و"أمنية الفنان أن يموت على المسرح" وهو ما حدث فعلًا، حيث نزل إلى المسرح بعد وقت قصير وأكد كل من شاهده أنه كان يتحرك على المسرح في حيوية رجل في العشرين من عمره، وبعدها بسته أيام سقط على خشبة المسرح فاقد الوعي إذ عاودته الذبحة وكانت النهاية لتصعد روحه إلى بارئها ومات كالجندي في الميدان ليبقى في ذاكرة السينما وتاريخها رمزًا عظيمًا ومدرسة للتقمص الفني حتى الموت.