بقلم: سليمان أصفهاني
بعد فترة من دخولها إلى مجال الإعلام، رغم دراستها للعلوم السياسية، تخوض الإعلامية اللبنانية منى أبو حمزة معركة وجود، ليس للحفاظ على مركزها في محطة "mtv" أو محطات أخرى، وإنما من أجل ترسيخ الحالة الإعلامية العصرية التي جسدتها على مدار أيام طويلة من خلال برنامج "حديث البلد"، حيث مزجت بين الثقافة التي تربت عليها ورصدت تفاصيلها ورافقت أوقاتها، إلى جانب الحضور واللياقة والخروج عن المألوف، وصولًا إلى المنافسة المهنية الشريفة، التي باتت أشبه بالعملة النادرة في أيامنا الحالية، وربما أتطرق إلى ذلك الجانب من منطلق متابعة مهنية ألقت الضوء على حالة غردت خارج السرب على المستوى اللبناني، حتى نالت الشهرة العربية وأصبحت في ضفة الاحتراف بعد أن تجاوزت سياسة المراوحة في المكان الواحد، في حين فرضت بعض القنوات التلفزيونية اللبنانية علينا كميات من الوجوه الجميلة من الخارج والفارغة من الداخل، وتلك النماذج ليست خفية على أحد، ويحركها فريق الإعداد أو المخرج عبر سماعة، وفي حال سقطت يسقط معها كل شيء دفعة واحدة.
منى ربما أرادت الابتعاد لفترة عن إطلالة عرفها الناس من خلالها وهي برنامج "حديث البلد"، لتخوض تجربة المشاركة في لجنة حكم برنامج "ديو المشاهير"، لكن في المقابل استطاعت أن تنقل معها كل الخصوصية إلى إطار منافسة بين نجوم الفن، فطغى حضورها على كل الضجيج الذي رافق تلك الفكرة، فكانت العقلانية وصاحبة الأحكام غير السطحية، رغم أن أكثرية المشاركين لا يعرفون شيئًا عن الغناء لا من قريب أو بعيد، إلا أنها لم تجرح أحدًا بأحكامها، ومارست دورها بشفافية كما فعلت من قبل في برنامج "مذيع العرب" في مرحلة سابقة، وربما تمكنت أيضًا ورغم الأزمة التي تمر بها على المستوى الشخصي، من أن تعكس دورًا إيجابيًّا أمام المشاهدين، الذين للوهلة الأولى لم يشعروا أنها تمر بأي صعوبات عائلية، بعد أن مارست دورها بمهنية عالية واحتراف غير عادي.
في المقابل، ربما تكون منى أبو حمزة قد أخطأت في إطلالة ما أو تصريح أو رأي، مثلها مثل أي إنسان موجود أمام كاميرات وإضاءة وجمهور وضغوطات عديدة داخل الاستديو، لكن رغم أي شيء لا يجوز تجريدها من حقوقها المعنوية لمجرد غلطة لا تُذكر، وبالتالي إعدامها كوجه إعلامي لبناني واعد، خدمةً لمصالح الآخرين الذين تثير حساسيتهم، من منطلق سطحي لا يمت إلى الإعلام والاحتراف بأي صلة، وربما حملات الإلغاء التي تطاردها في الوقت الحالي، وهي واضحة ومكتوبة ومكشوفة المصادر، تدل على أن ما زرعته في الشاشة اللبنانية الصغيرة كان إيجابيًّا ويحتاج إلى الدعم وليس المحاربة، وبل البحث أيضًا عن مواهب مماثلة بعيدة عن محور استعراض الأزياء والساعات وتسريحة الشعر ولون طلاء الأظافر، لأن ما يحدث في لبنان هو كارثة حقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهنا لابد من الإشارة إلى أن منى ليست الوحيدة التي تعبِّر عن نموذج راقٍ ضمن إطار الإعلام المرئي المحلي، وهناك حالات أخرى حازت احترام الناس على مدار سنوات، لكن موضة تجارة الوجوه، ومع الأسف، تبقى مثل بقعة الزيت على سطح الماء.