بقلم : الدكتور فايـز أبو حميـدان
كنت جالساً في الطائرة اتصفح احدى المجلات الطبية، وجاءت فتاة عربية تريد الجلوس بالمقعد المجاور لي وكان بحوزتها حقيبة يد ثقيلة، قمت بمساعدتها ووضعها في المكان المخصص وبعد عبارات الشكر من طرفها أكملت القراءة ، وعندها بادرتني السؤال إذا كنت طبيباً، وكانت إجابتي: نعم، هل ترغبين في أي مساعدة؟ فكانت إجابتها : إنني أكنُّ كل الاحترام للأطباء، فأنا أصبت قبل عدة أعوام بسرطان الدم ،ومكثت أكثر من سنة في المستشفيات ، والحمد لله تم شفائي بشكل كامل وذلك بعد ان قمت بإجراء العديد من العلاجات الكيميائية والعلاج بالأشعة وزراعة النخاع الشوكي وما تابع ذلك من إجراءات، وعندما سألتها إذا كانت متزوجة ورزقت بأطفال فأجابت : نعم وقمت قبل البدء في العلاج بتخزين بويضات لي للقيام بزراعتها بعد انتهاء العلاج ، وعندما سألتها اين تم تخزين البويضات ، انشرح قلبي للإجابة وقابلتها بابتسامة عريضة لأنها قامت بتجميد البويضات في أحد مراكزي المتخصصة بأطفال الأنابيب ، وفَرِحَتْ كثيراً عندما تعرفت الي وبأن مركزي قام بمساعدتها على الانجاب .
هناك ملايين من الناس يصابون بالسرطان سنوياً وأعدادهم في ازدياد مستمر، ولكن التطور العلمي في مجال الطب أوجد الكثير من الحلول لهذه الأمراض، إلا أن خبراء الأورام ينصحون باتخاذ بعض الإجراءات التي تجنبنا نشوء السرطانات.
إن الأسباب المؤدية إلى نشوء مرض السرطان كثيرة ومختلفة، كما ان معظمها غير معروف، فمنها ما يعود لأسباب وعوامل وراثية نتيجة وجود خلل في انقسام الخلايا الجديدة والتي يقوم الجسم ببنائها يومياً للتعويض عن الخلايا التالفة والهرمة، بالإضافة إلى أن تقدم الانسان في السن يلعب دوراً هاماً في الإصابة بهذه الأمراض، حيث من المتوقع زيادتها بحلول عام 2030 لتصل إلى 20%، وذلك للزيادة المتسارعة في اعمار الناس.
حيث بلغت نسبة الاصابة ببعض السرطانات بناءً على الاحصائيات التي أجريت مؤخراً حسب النوع: سرطان الرئة 20%، والكبد 9% ، والمعدة 9% ، والأمعاء 9% ، والثدي 7% ، والبنكرياس 5%، والبروستات 4% ، والرحم 3%.
ومن جانبٍ آخر يعتبر سرطان الثدي والرئة والأمعاء والجلد من أكثر السرطانات شيوعاً، والتي من الممكن الوقاية منها وتقليل احتمالية الإصابة بها من خلال ممارسة الرياضة والابتعاد عن بعض الأمور الضارة كالتدخين مثلاً، واتباع نظام غذائي صحي.
كما ويعتبر التشخيص المبكر من أبرز عوامل نجاح العلاج، لذا يتوجب الالتزام بأنظمة الفحص المبكر لهذه الأمراض، وزيادة برامج التوعية والتثقيف لزيادة الوعي لدى الناس بأهمية الموضوع وعدم الاستهتار ببعض المؤشرات التي قد تظهر على الجسم وتنبئ بالإصابة بأحد هذه الأمراض، كما ان المحافظة على وزن الجسم المثالي، وعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس لمدة طويلة، والابتعاد عن الكحول من الأمور المساعدة للوقاية من الإصابة بالسرطان.
بينت الاحصائيات بأن حوالي 80% من الأطفال و50% من البالغين يتم مساعدتهم في وقتنا الحاضر للانتصار على مرض السرطان، ويستطيعوا ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، ولكن التحديات لعلاج هذا المرض مازالت كبيرة، إذ يتوجب علينا المساهمة في تطوير الأبحاث العلمية لإيجاد حلول لكثير من هذه المعضلات، فهدف الأطباء هو الشفاء العاجل والتام لجميع مرضى السرطان.