واقع مهنة طب الأسنان اليوم وانعكاس الأوضاع الاقتصادية على المهنة

واقع مهنة طب الأسنان اليوم وانعكاس الأوضاع الاقتصادية على المهنة

واقع مهنة طب الأسنان اليوم وانعكاس الأوضاع الاقتصادية على المهنة

 العرب اليوم -

واقع مهنة طب الأسنان اليوم وانعكاس الأوضاع الاقتصادية على المهنة

بقلم : الدكتورة آية عبدالله الأسمر

في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردّية، والتي تلقي بظلالها لا على الأردن فحسب بل على المنطقة بأسرها والعالم برمّته، نجد أنه من الطبيعي وكنتيجة حتمية أن تتدهور الأوضاع الفكرية والأخلاقية والثقافية كذلك، فمنظومة المجتمعات والشعوب والدول مترابطة داخليا ضمن أيديولوجيا مؤطّرة سياسيا، إلا أنها متكاملة ضمن مكوّناتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية، وعليه فإن بداية انحدار وترهل إحدى هذه المكوّنات يؤثر بالضرورة سلبا على باقي مفاصل الدولة أو المجتمع.

القطاع الطبي وأخص بالحديث القطاع الطبي السني، بوصفي طبيبة أسنان وعلى تواصل مستمر وتماس مباشر مع أطباء الأسنان من كافة القطاعات، وذلك نظرا لكوني عضو هيئة تدريس في كلية طب الأسنان في الجامعة الأردنية، وعضو مجلس نقابة أطباء الأسنان الأردنية، هذه الشريحة من المجتمع قد تأثرت وبشكل مباشر وعنيف من تداعيات الوضع الاقتصادي السائد في البلاد منذ فترة ليست وجيزة، وأنا لا أتحدث هنا عن قلة عدد المرضى أو تدني الدخل أو انكماش سوق العمل عموما، ولا أتحدث كذلك عن بعض الحالات الاستثنائية الشاذة المتواجدة هنا وهناك بشكل متناثر في أية مهنة، تمثل حالات فردية تعاني من أزمة أخلاقية في تعاطيها مع المهنة، كأداة تجارية ووسيلة تكسب لا كمهنة إنسانية نبيلة وسامية. أنا أتحدث عن ظواهر –بعضها- سلبية متفشية وباتت تستفحل كخلايا سرطانية بتكاثر مخيف، وسرعة مرعبة، وبعضها الآخر إن لم يكن إيجابيا فهو مظهرا طبيعيا ومنطقيا في ظل الغلاء المستشري أيضا كخلايا سرطانية أشد ضراوة، وأكثر عنفا ورعبا وسوءا، أتحدث عن أطباء أسنان يبحثون عن مورد دخل ومصدر رزق يعيلون به أسرهم، ويسدون به رمقهم، وينفقون منه على نفقاتهم الخاصة ونفقات عياداتهم، وحتى يتمكنوا من الحياة في وسط اجتماعي اقتصادي وسطي يليق بطبيب، هذا الأمر بات يتطلب منهم البحث مثلهم مثل باقي أفراد المجتمع عن سبل جديدة، ووسائل مختلفة لتعدد مصادر الدخل وتجديدها وتكاثرها. وسأمر بعجالة على مختلف القضايا التي باتت تؤرق ليس طبيب الأسنان فحسب، بل تهدد مهنة طب الأسنان عموما:

 1- شركات التسويق الطبي التي تعرض تأمينا لمعالجات طبية سنية للمواطن بثمن بخس، من خلال البطاقات المدفوعة مسبقا، وتعاقد بعض أطباء الأسنان مع تلك الشركات بغرض توفير مرضى بشكل مستمر بحيث يطغى عدد المرضى على نوعية المعالجة المقدمة.

 2- لجوء بعض الأطباء إلى معالجة المرضى إما بأسعار تقل عن الحد الأدنى للأجور، والمنصوص عليها ضمن نظام لائحة الأجور، أو تقاضيهم لمبالغ تفوق الحد الأعلى للأجور المنصوص عليها –بكثير- نظرا لعدم ملاءمة ومناسبة لائحة الأجور الحالية، والمقرّة منذ عام 1999 مع الأوضاع المعيشية الراهنة والغلاء المعيشي المسعور الذي نكابده اليوم، وربما هو بالفعل أمر مثير للسخرية والاستهجان أن نطالب الطبيب بالالتزام بلائحة أجور عام 1999 ونحن في عام 2017!

 3- انفتاح الكثير من الأطباء على المعالجات التجميلية البحتة والتي تدر مبالغ طائلة على حساب المعالجات الطبية الصحية، مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى إجراء معالجات تجميلية غير ضرورية وغير مبررة علميا للمرضى.

 4- لجوء بعض الأطباء للاستثمار في طب الأسنان، ولا أقصد هنا المعنى المسيء لكلمة "الاستثمار" إلا أن بعض الأطباء بدأوا بالبحث عن إمكانية تحويل مراكزهم إلى مراكز تدريبية، بل ومعتمدة من قبل المؤسسات الطبية العلمية والتعليمية، أيضا في محاولات حثيثة لجني الأموال بطرق إضافية، جنبا إلى جنب مع مصدر الدخل الاعتيادي من المعالجات الطبية السنية.

 5- لجوء كليات طب الأسنان كباقي الكليات في الجامعات الحكومية إلى قبول أعداد من الطلاب تفوق القدرة الفعلية لتحمل الكلية، وازدياد نسبة القبول الموازي والدولي على حساب القبول التنافسي، حتى تتمكن هذه الكليات من توفير مصدر إنفاق على الكليات الأخرى والجامعات ككل، مما ينعكس بالضرورة سلبا على الخدمات التعليمية واللوجستية المتوفرة مقارنة بأعداد وحجم الطلبة المقبولين، وبالتالي ينعكس كذلك على المخرجات الجامعية ومستوى التأهيل.

6- ارتفاع نبرة الغضب وازدياد حجم الاستياء لدى أطباء القطاع العام، مما أدى إلى تعالي الأصوات المطالبة بحقوق أطباء هذه القطاعات، خاصة أطباء الأسنان في وزارة الصحة، والذين يشعرون بالغبن والمرار إزاء حقوقهم المسلوبة ومطالبهم المشروعة، والتي ينادون ويهتفون ويطالبون بها منذ سنوات، وهي مطالب متعددة الأوجه ولكن من ضمنها وعلى رأسها حقوقهم المادية المنقوصة، بل إن بعض أطباء القطاعات العامة المختلفة يلجأون إلى العمل أوقاتا إضافية في القطاع الخاص على حساب أسرهم وأبنائهم وراحتهم لتوفير مصادر دخل إضافية تعوّضهم عن دخولهم المتدنية في ظل الغلاء المتزايد والمستفحل. ما ذكرته مجرد غيض من فيض، والنقاط التي ذكرتها كل منها بحاجة إلى مقالات تفصيلية، وأنا على يقين من أن جميع المهن الطبية والصحية وغيرها من المهن تواجه مثل هذه المشكلات والعقبات وغيرها من المسائل والقضايا، ونحن جميعا كأطباء وكمواطنين في الهم شرق، وهذا كله يقودنا إلى كلمتي "رفقاً بالمواطنين"!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واقع مهنة طب الأسنان اليوم وانعكاس الأوضاع الاقتصادية على المهنة واقع مهنة طب الأسنان اليوم وانعكاس الأوضاع الاقتصادية على المهنة



GMT 16:24 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 12:59 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

عملية حلقة المعدة وعملية التكميم

GMT 08:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

عشر نصائح لشعر صحي

GMT 13:34 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

دجالون يدعون الإشفاء من السرطان والسّكري

GMT 19:13 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجروح الخفية

GMT 21:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مضاعفات تعاطي الحشيش

GMT 13:35 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

كيمياء العطاء

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
 العرب اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 07:45 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل
 العرب اليوم - حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل

GMT 20:38 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبدالوهاب تكشف عن شروطها لتعود إلى التمثيل
 العرب اليوم - شيرين عبدالوهاب تكشف عن شروطها لتعود إلى التمثيل

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 03:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن إسقاط طائرة مسيرة قادمة من لبنان

GMT 00:13 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرة مجهولة المصدر تسقط في الأراضي الأردنية

GMT 00:06 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية جديدة على النبطية في لبنان

GMT 02:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158

GMT 03:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا في إسبانيا

GMT 01:37 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 20:15 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab