إصلاح التعليم الأمل في المعلم

إصلاح التعليم.. الأمل في المعلم

إصلاح التعليم.. الأمل في المعلم

 العرب اليوم -

إصلاح التعليم الأمل في المعلم

بقلم : فريهان الحسن

مهنة مريحة؛ دوام قصير، عطل كثيرة، ضمان وأمان وظيفي. تلك نصيحة كانت حاضرة في أوساط عائلات لأبنائهم لترغيبهم بمهنة التدريس، بعيدا عن أي شغف أو علم أو كفاءة تمكنهم من أن يكونوا أهلا لها.. فشهادة جامعية بأي تخصص ستكون كافية! وسنويا، يتخرج آلاف الطلبة من الجامعات، وعلى مدى عقود، ظل التدريس هدفا رئيسيا لغالبية الخريجين، بغض النظر عن التخصص الجامعي أو قدراتهم الحقيقية على تعليم الطلبة ما ينفعهم بمستقبلهم، أو تسلحهم بالدورات والتدريبات لتحسين مهاراتهم وأدواتهم.

ضمن هذه الثقافة، كانت مهنة التدريس خيارا مفضلا لدى الغالبية؛ يدخلونها بدون قناعة، كونها خيارا متاحا، لكن المؤسف أن هذه الثقافة ما تزال حاضرة، وإن بنسبة أقل، إذ ما يزال معلمون يفكرون بذات الأطر التقليدية، من غير أن يواكبوا التطور المستمر الذي يلقي بظلاله على التعليم، ولا في مهارات التعامل مع الطالب بشكل يربطه بواقعه.

نتيجة اختلالات عديدة، فإن العملية التعليمية في جميع أركانها؛ المعلم، المنهاج، الأساليب، البيئة المدرسية والطالب، استقرت على نمطية بعيدة عن المعايير العالمية للتطور والإبداع، وسط متغيرات عالمية وثورات تكنولوجية هائلة لم نستطع مسايرتها. والفيديو الذي عرض على موقع "عرمرم" أخيرا، أوضح تجارب دول متقدمة في التعليم، مؤشرا على تجربة فنلندا واشتراطها في المعلم الحصول على معدل عال بالثانوية العامة، وعدم الاكتفاء بدرجة البكالوريوس، بل أن ينال درجة الماجستير، ويخضع لامتحانات عديدة، ويقبل واحد من كل 10 متقدمين للمهنة، بما يضمن اختيار الموهوبين والذين يستحقون شغل الوظيفة. سنغافورة تعتمد النظام ذاته، فـ30 % من أوائل خريجين المدرسة يسمح لهم بالتقدم للمعهد الوطني للتعليم، ليخضعوا لامتحانات تنافسية، ويتم اختيار 12 % فقط منهم!

جودة التعليم في تلك الدول لم تأتِ من فراغ، فالحوافز التي ينالها المعلم هناك تجعل من العدل تطبيق صرامة عالية في الانتقاء، فرواتب المعلمين هي الأعلى بين جميع المهن الأخرى، في حين رواتب معلمينا دون المستوى، مع غياب الحوافز والمكافآت، رغم التحسن النسبي بالرواتب خلال الأعوام الأخيرة، لكنها تبقى دون الطموح، ولا تعطي المعلم الشغف الكافي للتميز بمهنته أو رفع كفاءته. 

لا ننكر دور أساتذة عظام تخرج على أيديهم علماء ومبدعون، ولا نتغاضى عن معلمين مبدعين موجودين في مدارسنا، استطاعوا من خلال مبادرات فردية أن يصنعوا التغيير في صفوفهم، مجتهدين رغم قلة الإمكانات المتوفرة، فتركوا بصمات في مدارسهم وعلى العملية التعليمية برمتها. لكن نسبتهم متواضعة بالنظر إلى أعداد المعلمين، كما أنهم ينطلقون من مبادرات فردية وليس من استراتيجية فعالة تخدم العملية برمتها.

إعادة النظر باستراتيجيات التعليم جميعها مصلحة وطنية ينبغي أن تتقدم على أي أولوية، فنحن نتحدث عن مستقبل الوطن، وعن أجيال كاملة ستتولى إدارة شؤون البلد خلال عقدين فقط، لذلك ينبغي أن نحرص على أن يكون قادة المستقبل مسلحين بجميع المعارف والمهارات.

نتحدث اليوم ونحن أكثر تفاؤلا عما كنا عليه قبل سنوات قليلة، فهناك ما يشي بالأمل عبر خطط إنقاذ وطنية تشمل المناهج، ورفع كفاءة المعلمين وتحسين البيئة المدرسية وتطويرها، وكلنا ننتظر تطبيقات على أرض الواقع كنقطة بداية ليكون تعليمنا استثمارا حقيقيا ينهض بالمجتمع.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إصلاح التعليم الأمل في المعلم إصلاح التعليم الأمل في المعلم



GMT 09:15 2023 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

عام دراسي يتيم في اليمن

GMT 19:31 2021 السبت ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

في متاهات التعليم

GMT 06:21 2019 الأحد ,09 حزيران / يونيو

الثانوية الكابوسية.. الموت قلقا

GMT 08:34 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

المُعلم الكشكول!

GMT 10:35 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

الباشوات والبهاوات في الجامعات

GMT 06:17 2018 الجمعة ,02 آذار/ مارس

أبي حقًا

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab