في مجتمعنا نساء مضطهدات…وتفسير خطأ للجندرة

في مجتمعنا نساء مضطهدات…وتفسير خطأ للجندرة!

في مجتمعنا نساء مضطهدات…وتفسير خطأ للجندرة!

 العرب اليوم -

في مجتمعنا نساء مضطهدات…وتفسير خطأ للجندرة

بقلم - الدكتورة رهام زهير المومني

 المرأة مكوّن أساسي من مكونات المجتمع الذي لا يقوم الّا بها ولأجلها، هي هدية من الله، فعظمة الرجل من عظمة المرأة، وعظمة المرأة من عظمة نفسها، هي أقرب الكائنات إلى الكمال، هي مجموعة نساء بواحدة..ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع أمران مهمان: الأول طلبت مني بعض الطالبات في الجامعه تسليط الضوء على المرأة الأم العاملة وطالبة العلم على مقاعد الدراسة بمنتصف العمر وبمرحلة تجددت فيهن الحيوية والنشاط برغم التحديات التي تواجههن لتحقيق التوازن المطلوب بين بيوتهن وأعمالهن وأنفسهن والمسؤولية الملقاة على عواتقهن بأكمل وجه، الأمر الذي زاد من شعورهن بالتوتر وأصبحن عرضة للاكتئاب والإحباط لقيامهن بعدة أدوار عليهن القيام بها كي لا يفقدن ما يسعين إلى بنائه على مدار سنين طوال، الأمر الثاني هو سماع فيديو مبالغ فيه عن مفهوم الجندر ( النوع الاجتماعي).
سأتحدث عن بعض الأمثلة لطالبات مجتهدات قمت بتدريسهن العديد من المواد في الجامعه وأَكاد أُجزم أنني عندما أُصحح دفاتر إجاباتهن أعرف كم علاماتهن، وقد تعرضن لصعوبات وتحديات في أثناء عملهن ودراستهن في الجامعة، جاءت عندي إحداهن تقدم اعتذارها لمحاولتها الغش في أحد الامتحانات، ولمعرفتي بالطالبة وأخلاقها وإجتهادها ولدوري كمدرسة منعتها من الغش من دون أن يشعر أحد في القاعة وأكمَلَتْ الامتحان، ليقيني التام بأن هناك سببا جوهريا لما قامت به، جاءت لمكتبي معتذرة وطلبت أن لا أُغيّر نظرتي لها لأنها تتعرض إلى مضايقات من زوجها بإحداث فوضى لها بالبيت وإزعاجها بالموسيقى، أو بدعوة أقاربه للطعام أيام الامتحانات لعدم رغبته بأن تتم دراستها.
طالبة أخرى شرحت لي معاناتها مع أهلها، وكم من التضييق الذي يُمارس عليها بمنعها الخروج مع صديقاتها كونها مطلقة، ومنعها من احتضان أبنائها بحجة أن أباهم أولى بهم، وأنهم تفضلوا عليها عندما سمحوا لها بالخروج للعمل والدراسة، ومطلوب منها أن تجتهد من دون الأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسانية بمنعها رؤية ومجالسة من تحب.
طالبة أخرى أسَرَّت لي بأنها تعتني بابنيها المريضين وتتحمل مصاريف العلاج والدراسة إضافة الى العمل وتحقيق التوازن واستغلال الوقت للقيام بكل ما هو مطلوب منها لتحقيق هدفها وتحسين وضعها الاجتماعي والمادي.
وأخرى شرحت لي ما تعاني في العمل من مسؤولها المباشر الذي لا يتعاون معها وقت الامتحانات ويمنع عنها الإجازة، بحجة ضغط العمل برغم عدم تقصيرها ووجود البديل، فقط لأنه أناني لا يحب إلّا نفسه، وهؤلاء منهم أحيانا من يرى إمرأة ناحجة وشخصيتها قوية تتحدى الصعاب، يحاربها بكل قوته كي لا تأخذ مكانه.
يوجد الكثير من النساء المضطهدات في المجتمع اللواتي لا يُفصحن عن ظروفهن خشية العقاب أو الحرمان أو التعرض إلى مشاكل هُنّ في غنى عنها من وجهة نظرهن، وأنا لست مختلفة عنهن، فقد تعرضت لمضايقات في حياتي وتحديات في مسيرتي الشخصية والعلمية والعملية، إلّا أن الفرق من يقبل ومن يقف بوجه أي تحدِّ ليكون أقوى، فالضربة التي لا تكسر تُّقوي وتُكسب خبرة ونضجا، أنا وغيري من نساء العالم أمهات كنا أم لا، موظفات وطالبات علم في منتصف العمر فالكثيرات منّا أكملن دراساتهن وحصلن على شهادات عليا بعدما كَبُر أبناؤهن، لتحسين وضعهن الاجتماعي والمالي والنفساني وتحقيق وإثبات ذواتنا، لأننا على يقين بأهمية العلم فهو سلاح يذلل الصعوبات الحياتية ويقلل من المعاناة والألم النفساني نتاج قلة الفرص في زمن يعاني نزفا وأوضاعا اقتصادية صعبة وبطالة.
لم تعد المرأة تكتفي بأن تكون خريجة جامعية، أصبحت ملزمة لإثبات نفسها وإمكاناتها في عالم ذكوري ينظر للمرأة على أنها إذا تأخرت بالزواج فاتها القطار، وإذا تطلقت فهي السبب، فأصبحت تشعر بمشاعر متناقضة تريد أن تتزوج وتُنجب قبل فوات الأوان فتختار الرجل غير المناسب، فيكون زواجا غير متكافئ فيقع الطلاق، إضافة إلى صعوبات تعيين المرأه الأم، الذي يسبب تأخر الإنجاب والعمل لساعات طوال أو للسفر، فتبدأ رحلة الشعور بالذنب لترك أطفالها، ونتيجة لما تعانيه النساء وما يرغبن به يظهر الفرق بين النساء المتحديات القويات اللواتي يذللن الصعوبات لأنهن يثقن بقدراتهن وتحقيق ما يريدن ولو بالحد الأدنى فالكمال لله، وبين المستضعفات اللواتي لا حول لهن ولا قوة.
ما ذكرته هو جزء من معاناة بعض النساء، وكان لا بد من التطرق سريعا لمفهوم النوع الاجتماعي الذي أستغرب الفهم الخاطئ له، وقد كنت أحد المدربين في هذا الموضوع في أكثر من دولة، وكنت ضمن اتحادات ونقابات شجّعت على نشر هذا المفهوم (الجندرة) الذي لا يبحث بفزيولوجية وبيولوجية الذكر والأنثى، بل في دور الفرد في المجتمع ذكرا كان أم أنثى، من حيث الأعمال التي يقوم بها كل منهما، وهذا لا يعني التغيير الجسدي لأي منهما أو ما يسميه بعضهم النوع الثالث، بل هو تغيير الصورة النمطية للأعمال التي يقوم بها كل منهم والأدوار وليس تكسير وتفتيت الأدوار فهي ليست لها علاقة بالقيم والمبادئ التي تقوم عليها الدولة والأُسر الأردنية والعربية اجتماعيا واقتصاديا ودينيا وليست تلاعبا بفكر الإنسان وروحه وجسده.
فلا ضرر من توزيع الأدوار بين النوعين الذكر والانثى وتقاسمها في زمن أصبحت المرأة فيه هي الركن الأساس في تحمل مسؤولية مصاريف الأسرة وإعالتها، لا أقصد المساواة التامة التي تتعارض مع الشريعة، فهناك ثوابت لا يجب النقاش بها، إنما الأمور الحياتية التي تستوجب الاستقرار وتجلب الراحة والسعادة للجميع.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مجتمعنا نساء مضطهدات…وتفسير خطأ للجندرة في مجتمعنا نساء مضطهدات…وتفسير خطأ للجندرة



GMT 09:03 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

البابا شنودة... من حكايا المحبة (٢)

GMT 05:12 2023 الجمعة ,18 آب / أغسطس

هل للطفل مطلق الحرية ؟

GMT 14:47 2023 الخميس ,20 تموز / يوليو

كلماتك الإيجابية أعظم أدواتك

GMT 11:40 2023 الأربعاء ,17 أيار / مايو

كبار السن بين الألم و الأمل

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 17:09 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

مباحثات إماراتية أردنية حول العلاقات والتطورات الإقليمية
 العرب اليوم - مباحثات إماراتية أردنية حول العلاقات والتطورات الإقليمية

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 05:56 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

تدمير التاريخ

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 17:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يحاول استعادة بلدات في حماة

GMT 06:19 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

اللا نصر واللا هزيمة فى حرب لبنان!

GMT 02:32 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا تعلن عن طرح عملة جديدة يبدأ التداول بها في 2025

GMT 08:33 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

حذف حساب الفنانة أنغام من منصة أنغامي

GMT 20:57 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يؤكد موقف الإمارات الداعم لسوريا

GMT 07:30 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 18:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن زايد ومحمد بن سلمان يبحثان العلاقات الأخوية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab