اعتدت منذ الصغر أن أقرأ قصص العشق الممنوعة من المتابعة أو حتى التكلم عنها. وكانت أحلامي تتمحور حول الشخصيات التي أقرأ عنها من خلال القصص القصيرة والروايات، منذ الصغر كنت أحلم، وأحلامي كانت عبثية، لا أزال أسبح في أفق العبثية تلك ولا أدري ما السبب وراء ذلك، فالزمن يتقدم كثيرًا، وأنا لا أزال أسيرة الماضي في كل شيء.
فالماضي الذي يتمحور في طفولةٍ نوعًا ما كانت جميلة مليئة بذكرياتٍ لا تهمني ولا أرغب بالحديث عنها ربما لأنني لم اشكل جزءً حقيقيًا في تلك الذكريات الهزيلة، لطالما كنت منعزلة بين كتبي، وخيالي وأحلامي التي كبرت معي بسرعة البرق، لم أحسب الأيام أبدًا ولا الساعات، لا البدايات ولا حتى النهايات، لم اكن افكر كثيرًا عن الأشياء المزعجة أو الاشياء التي تبث روح السعادة الى قلبي وتجعلني مشرقة نوعًا ما عندما اسمع بأن احدهم ذكر أسمي إعجابًا بشخصيتي وامتدحني كثيرًا أمام الناس الذين لا أعرفهم.
فلا أدري أن هذا هو ما يحصل بالفعل، أم أنها مجرد تهيأت من وحي أحلامٍ أكل عليها الدهر وشرب منذ طفولتي وحتى أعوام المراهقة التي مرت مرور الكرار دون ان اتذكر بأنني مررت بشيء ملموس وحافل يجعلني أعيد النظر فيما أفعل في الوقت الراهن عدا التفكير الشبه يومي عن الغد. ماذا سيكون الغد حاملاً لي يا ترى من مفاجئات؟ وهل ستكون تلك المفاجئات حاملة لي في طياتها الاخبار السعيدة ام الاخبار البائسة؟ ما الذي يجعل الاثنين، مميزًا دون هذه الليلة؟ بل وربما علي ان احسب في الحسبان بان القادم ليس أفضل من الأن. ربما الأن هو وقت اصطياد الفرص الذهبية لأنها لو قدمت أو مرت مرور الكرام ولم استغل تلك الفرصة سأندم كثيرًا. ولكن لما الندم؟ وعن أية فرصة أتحدث هنا؟
أعتقد أن لهذه الحياة شيء ما أشبه بالسر او اللغز المفقود. فمهما بادرت، وعملت وكافحت في حياتك وتنقلت من هنا الى هناك، مهما كانت لديك مزاعم الاقدام على اشياء كنت ترغب بها كثيراً وسرعان ما تمر الايام بسرعةٍ مضحكة ونرى انفسنا في مأزق الوعود الفارغة واننا لم نستطع تحقيق كل ما رغبنا وخططنا نحوه. وقد يكون السبب وراء ذلك الاقدار التي يكتبها الله قبل قدومنا للحياة.
نخطط كثيرًا والأحلام أكثر من الخطط والمساعي نفسها، كلٌ منا لديه أحلامه أمثلة على ذلك، السفر، العمل، الطموح، التجدد، التطلع على ثقافات اخرى، الخروج من قوقعة المدينة المغلقة، حتى في الحب نفتش عن من سيعطينا السعادة الأبدية، الرجل يفتش ، والمرأة تفتش داخل الوطن، في الأزقة والاحياء الشعبية، مرورًا بأرقى المناطق والمدن وتتكرر المحاولات في البحث ولكن ثمة شيء ما يحدث يعيق مسيرة البحث تلك.. لن نقول إن الحب غير موجود، الحب موجود بشكلٍ أو بأخر ..كلنا في حالة حب دائم مع أنفسنا ومع من حولنا، وليس شرطاً او من الضروري أن يكون الحب بين امرأه ورجل واجساد متلاصقة ببعضها البعض، ربما الأرواح هي من تلتقي في البدء قبل لغة العيون والجسد.. أقل حركة وأقل همسة مع شروق الشمس في بغداد أو في بلاد الغربة، ستحتسب على عدد الدقائق وذلك حين نبتدأ الصباح بحالة حب مع انفسنا.. نتأمل كثيراً وننتظر ..ننتظر فحسب. مع كل موسيقى كلاسيكية، وزقزقة عصافير مهاجرة، مع زهرة متفتحة، هناك قلب ينبض من أجلنا. نحن لا نراهم، نحن لا نعلم من هؤلاء بالتحديد، هناك الكثير من المجهولين يتمنون القرب لنا. ربما هم بعيدون فقط لا أكثر، المسافات قاتلة وحارقة للروح هذا صحيح، ولكن تلك المسافات هي التي سيكون باستطاعتها تحريك مشاعرنا الجليدية.
انا على يقين بأن هناك مجهول ما لازال يفتش عني.. ربما وهو كذلك على يقين بأن جميع ظنونه وتوقعاته ستكون صحيحة واقرب الى الواقع عندما يتأكد بأن مجهولة الهوية التي تفتش عنه هي الاقرب الى روحه من أي شخص أخر.
على الرغم من البعد، على الرغم من ضجيج الناس الذين قد يفرقون بين أرواحهم على الرغم من إيقاع الحياة البطيء، على الرغم من كم الأحلام الشبه ضائعة والضائعة إلا أن الأمل موجود.. هو أملي في البقاء على قيد الحياة.. وأنا أمله في ان يبقى مبتسمًا وزاهيًا.. أعتقد في غضون الأيام المقبلة سيستطيع بالبوح لي بشيء ما ، أي شيء وأنا سأنتظر ، سأنتظر كلماته بين الحين والحين، لست على استعداد بإعطاء الوعود دون التأكد من مبادرته اولاً، فأن بادر قلبه بشيء ما، واستطاع بان يبوح لي بأي شيء حينها سأكون قادرة بان ارسم معه خطوط المستقبل.
ولكن في الوقت الراهن، لست سوى متفرجة، أراقب عن بعد ذبذبات انفاسه خلال اليوم، مع تعاقب الليل والنهار في كلا القارتين التي يقطنها كلانا، لست سوى حالمة ولا بأس من الأحلام ان كانت تؤدي إلى يوم أفضل، فلا بأس من التكهنات والتفكير لا بأس حتى من القلق، لا بأس من البوح بكل المشاعر بالمجمل مرة واحدة او الصفح عن كل شيء وإن ننتظر ما ستخبئه الايام لنا. فالانتظار خير كفيل بأن يجيبنا على كل الأسئلة التي تطارد مخيلتنا من وقتٍ إلى آخر وحتى عن عزلتنا الافتراضية التي تكاد تكون هي الأخرى كفيلة بلعب دور الحيرة والتخبط وعدم الثبات والعزم على رأي واحد وخطة واحدة.
وعلى الرغم من كل ذلك، سأنتظر لطالما أحببت مشاهدة نفسي في المرأة كيف أصبح يوم تلو الأخر، وأنا أشعر بأنني في الآونة الأخيرة أجمل بكثير مما سبق ربما لأن الروح التي دخلت إلى روحي في الآونة الأخيرة هي السبب في ذلك. ولهذا أقول له، لهذا المجهول الشقي، يا من سرقت الروح أشكرك لأنني بسببك أشعر بانني ازددت جمالاً عن كل السنين الماضية.
نعم لديك لمسة خاصة، لمسة سحرية.. أشكرك أنا عليها كثيراً يا من جعلتني أفكر بك ليل نهار دون توقف.
يا من أعدت لي الحياة من جديد دون أن تعلم انك السبب بذلك! و يا ليتك تعلم الآن بأنك أنت المقصود. إليك الكثير من المحبة والدموع بأنٍ واحد. ولكن أعدني بأن أخطر على مخيلتك كلما رأيت أو قطفت وردة الجوري. الجوري التي اخترت أن تصفني بها كما رغبت أنت وفقًا لنظرتك المبدئية عني. صدقني أنا أيضًا أرى النور من خلالك يا قمر بغداد. حفظك الله وحفظ ضحكتك التي تأسر الروح من كل مكروه.. نعم انت ايها الغريب انت من اقصد ولا احداً سواك.