تأهيل الحكومة الرقمية من أجل التنمية

تأهيل الحكومة الرقمية من أجل التنمية

تأهيل الحكومة الرقمية من أجل التنمية

 العرب اليوم -

تأهيل الحكومة الرقمية من أجل التنمية

الكاتب المغربي عبده حقي
ترجمة : عبده حقي

يمثل مفهوم الحكومة الرقمية تحولًا أساسيًا في الطريقة التي تتبنى بها الحكومات في العالم مهمتها في تدبير الشأن العام وتحديد أهداف إدارية إلى تحسين الخدمات العامة ، واتخاذ قرارات قائمة على البيانات أيضا إلى سن سياسات قائمة على الأدلة والبراهين، ومن ضمان قدر أكبر من المساءلة والشفافية داخل الحكومة إلى بناء ثقة عامة أكبر مع المواطنين .
ونظرًا لأن توفير الخدمات العامة يعتمد بشكل متزايد على البيانات ، يمكن للحكومات الحصول على فهم دقيق للتغييرات في احتياجات المواطنين ، مما يسمح بتقديم خدمات شخصية وموجهة للغاية. لقد أصبح هذا ممكنًا من خلال الوسائل الرقمية التي تنشئ قناة اتصال مباشر لكل مواطن على حدة ، مما يسمح للحكومات بمعالجة احتياجاته بشكل شخصي ، وتطوير خطط مخصصة للمجتمعات والمناطق الجغرافية المختلفة. وهكذا ، فإن الخدمات المقدمة للمواطنين ستتطور باستمرار وتصبح متاحة لجميع المواطنين.
في النموذج الرقمي ، تتكيف أنظمة الضرائب مثلا بسلاسة مع التغيرات الظرفية في الوقت الفعلي بناءً على قاعدة البيانات الجماعية للحركات الفردية في القوى العاملة والتغييرات في الدخل بدلاً من الإدراجات اليدوية والمؤسسية لهذه التغييرات. يمكن حساب هذه التعديلات في الوقت الفعلي وتنفيذها باستخدام أداة سياسة آلية وقابلة للتكيف. مع بيانات الإدراجات المتزايدة باستمرار ، قد تكون هذه الأداة الرقمية قادرة أيضًا على تحويل الضرائب في قطاع معين إلى إعانات أو ضرائب سلبية اعتمادًا على الوضع الاقتصادي المتطور للفرد أو الأسرة أو أي كيان تجاري.
يجب أن تكون الأنظمة والعمليات الكامنة وراء الحكومة الرقمية متوافقة جيدًا مع بعضها البعض للسماح بتطوير منصة متكاملة للخدمات العامة كنظام يقلل الازدواجية بين الإدارات الحكومية المختلفة ويشجع على تبادل القدرات عبر القطاعات. وهذا يتطلب من الحكومات اعتماد معايير وبنيات مشتركة في تنفيذ أجنداتها الخاصة بالرقمنة.
ومن المرجح في المستقبل أيضًا أن تكتسي الخدمات الرقمية الحكومية الدولية التي تنطوي على تكامل فعال عبر الحدود أهمية أكبر. يمكننا رؤية أمثلة على هذا التعاون في منطقة آسيا / المحيط الهادئ واليابان ، حيث تعمل دول مثل أستراليا ونيوزيلندا واليابان على زيادة التكامل داخل منطقتها للبنية التحتية السحابية العامة من بين الخدمات الرقمية الأخرى. وعلى غرار ذلك إذا كان الاتحاد الأوروبي قد شرع  في مبادرة خدمات الهوية الإلكترونية والثقة الخاصة به لإنشاء علاقات إلكترونية جديدة عبر الحدود لمواطنيه فإنه أصبح يتعامل أيضًا مع شركاء في جميع أنحاء المنطقة بمبادرات مثل الاتحاد الأوروبي واليابان والتعاون في مجال تكنولوجيا الأجهزة المحمولة ، ومشروع جسر تريليوم بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ، والذي يهدف إلى ربط السجلات الصحية الإلكترونية للمواطنين بينهما من خلال إنشاء معيار قابلية التشغيل البيني.
في نهاية المطاف سوف نقترب من نموذج مستقبلي للحكومة الرقمية حيث تتخذ الآلات المعرفية القرارات المثلى لتحديد السياسات الفعالة تلقائيًا وتجنب البرامج القديمة المبذرة للمال العام . 
كما يمكن للبنية التحتية الرقمية المناسبة أن تحسن من وظائف الحكومات على مختلف المستويات - الوطنية والإقليمية والمحلية. ستكون البيانات مركزية في تمكين التنمية الرقمية ، على سبيل المثال ، يمكن أن يتيح استخدام مؤشرات البيانات السياقية للحكومات اكتساب فهم أكثر حدة للقضايا المحلية وقياس الاهتمامات العامة بدقة.
أيضا يمكن للبنية التحتية الحكومية الرقمية المشتركة أن تعزز الابتكار الإقليمي. مما يجعل إطلاق الخدمات الرقمية يذهب إلى أبعد حد من الأعمال الورقية غير الضرورية وزيادة الكفاءة الإدارية لأن الهويات الإلكترونية الآمنة والموحدة - التي يستخدمها المواطنون للوصول إلى الخدمات العامة ، ومن قبل الشركات لمعالجة العقود والمناقصات المقترحة إلكترونيًا - تشجع النمو الاقتصادي الشامل وأنظمة الأعمال التجارية التعاونية .
إن هذا الانتقال الرقمي يتطلب من الحكومات اعتماد معايير مشتركة ، وتمرير قوانين حماية البيانات والخصوصية ، وتنفيذ آليات فعالة للأمن السيبراني أثناء خضوعها لكل رقمنة متزايدة. ستحتاج الحكومات أيضًا إلى تنفيذ سياسات لزيادة المعرفة بالبيانات ، وتعزيز الشراكات والتكيف مع إعادة هيكلة سوق العمل القائمة على التكنولوجيا لضمان ملاءمة مؤسساتها واستمرار عمل الاقتصاد الرقمي .
ومما لاشك فيه أن الثورة الرقمية تقدم مجموعة غير مسبوقة من الأدوات لتعزيز النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاجية ، وتوليد الثروة حتى في البيئات المحدودة الموارد ، وتحسين الظروف المعيشية للجميع. يمكن تحقيق قفزات كبيرة في مختلف القطاعات - الرعاية الصحية والنقل والطاقة والسلامة على سبيل المثال لا الحصر - من خلال نماذج بسيطة وقوية من القاعدة إلى القمة تستخدم البيانات والبنية التحتية الرقمية لتعزيز الشمولية والقضاء على الفقر المدقع.
لكن لا يمكننا إنشاء مجتمع يتسم بالرخاء المشترك إلا إذا قامت الحكومات بتحديث سياساتها ومؤسساتها لمواجهة التحديات واغتنام الفرص التي توفرها هذه الأدوات.
مترجم بتصرف عن موقع البنك الدولي

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأهيل الحكومة الرقمية من أجل التنمية تأهيل الحكومة الرقمية من أجل التنمية



GMT 10:28 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ميراث العلماء يعمر الكون ويقهر ظلمات الجهل والخرافة

GMT 13:25 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

التكنولوجيا الحديثة والمجتمع

GMT 05:47 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:28 2017 الخميس ,03 آب / أغسطس

قانون للتواصل الاجتماعي

GMT 13:20 2016 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

المشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 16:26 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

اوكسجين الفكر

GMT 14:35 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

اقتراح علمي لمكافحة الإرهاب والصراع

الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:02 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ألبانيا "جزر المالديف الأوروبية" أفضل وجهة سياحية لعام 2025
 العرب اليوم - ألبانيا "جزر المالديف الأوروبية" أفضل وجهة سياحية لعام 2025

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab