هنأ العالم المصري الحائز على جائزة "نوبل" الدكتور أحمد زويل، الأمة العربية والشعب المصري، بافتتاح قناة السويس الجديدة، معتبرًا افتتاحها بمثابة أول خطوة صحيحة تخطوها مصر في عصرها الحديث نحو التنمية والتقدم والاستقرار بعد عقود طويلة كانت خلالها قابعة في أدنى درجات الحضارة.
وأوضح زويل في مقابلة مع "العرب اليوم" أنَّ "الأدهى من ذلك طوال العقود الماضية كانت مصر تغلق أبوابها أمام أبنائها المخلصين النابغين، الذين حصلوا على أعلى الشهادات العلمية خارج بلدانهم وتم تكريمهم من قبَل رؤساء وزعماء الدول الغربية الذين قدروا طموحهم ومؤهلاتهم وسعوا جاهدين إلى استغلال طاقتهم الفذة لصالح شعوب بلدانهم".
وأضاف: "على المستوى الشخصي بحكم أنني مُطلع على ثقافة الدول الغربية وأتابع من وقت إلى آخر وسائل إعلامها وما يقولونه عن مصر والمصريين بشأن مشروع قناة السويس الجديدة، فإني متفائل تمامًا بمستقبل مصر وبطموح أبنائها ، بعد أن استطاعوا أن يبهروا العالم في السادس من آب / أغسطس ويقدموا لهم مجرى ملاحيًا جديدًا تم إنجازه خلال زمن قياسي بالإصرار والطموح والمستحيل وبجهود ذاتية".
وتابع: "هناك حالة من الدهشة والتعجب تنتاب وسائل الإعلام الغربية، لذا توقفت أمام عنوان لأحد كتاب الرأي الغربيين في إحدى الصحف الفرنسية "المصريين..إذا رغبوا..حققوا" وهو خير دليل على أن المصريين استطاعوا أن يثبتوا أنفسهم من جديد أمام العالم ، بعد أن تناسى العالم دون قصد أن هناك دولة في العالم الثالث، صاحبة حضارة تاريخية تعود إلى سبعة آلاف عام، استطاعت خلالها أن تضع أسس علم الطب بفروعه المختلفة، والكيمياء ، والهندسة ، التي تسير عليها جميع دول العالم في عصرنا الحديث، وكانوا يتوقعون أن يُضاف عليها من قبَل أحفاد الحضارة الفرعونية أحدث ما توصلوا إليه في العصر الحديث".
وشدَّد زويل على أنَّ "مشروع قناة السويس الجديدة، هو الإنجاز الوحيد الذي فعلوه المصريون، عكس آبائهم وأجدادهم الذين صنعوا الحضارات، وأجبروا العالم الخارجي ، أن ينقل عنهم ما توصلوا إليه، فالعالم الخارجي منتظر منا الكثير والكثير لتقديمه للإنسانية، ولن يكتفي منا بمشروع القناة الجديدة ، فهو ينتظر منا ومن كل مواطن عربي، أن يبتكر وينتج ويخترع ، ويضيف ما توصل إليه ، وينتقل من مرحلة "المتلقي والمستهلك" إلى مرحلة " الإبداع والابتكار".
وبرَّر العالم المصري، سبب تأخر المصريين والعرب عن مسايرة الدول المتقدمة قائلًا إنَّ "تأخر المصريين والعرب عن مسايرة الدول المتقدمة أو احتلال مكانة ملائمة لا يعود بالأساس إلى الشعوب العربية، بل إلى عدد من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فعلى سبيل المثال المواطن المصري إذا توافر له تعليم ملائم منذ نشأته، وعلاج صحي مناسب، ومناخ سياسي مستقر ، طوال العقود الخمسة الماضية، بالتأكيد لن يكون هذا حال مصر في عام 2015".
واستطرد: "علينا أن نستغل روح العمل والتفاؤل السائدة في الوقت الراهن، وأن نستغل مخزون الطاقة عند المصريين المتوقف منذ عقود ، ودفعه نحو العمل والإنتاج والبحث والابتكار ، بعدها بالتأكيد سأجيبك عن أين ستكون مصر خلال الـ20 سنة المُقبلة، فأنا متفائل بمستقبل مصر على الرغم ما يُحاط بها خارجيًا من ظروف سياسية وتآمرية صعبة، إلا أن العلم في الوقت الراهن في ظل الانترنت والتكنولوجيا لا يعترف بالمؤامرات ولا يتخذ منها تبريرًا لتقدم دول وتأخر دول، فكل من سنغافورة والهند وماليزيا، عندما توافرت لديهم إرادة النجاح، كان التقدم حليفهم ، فالعلم لا يعترف بالمتخاذل أو المبرر للظروف".
وأشار إلى أنَّ "الدول المتقدمة لم تُصبح بين ليلةَ وضحاها دولًا متقدمة، بل مرَت بعدد من الأمور لكي تنقل نفسها من دولة نامية تعتمد على الغير في توفير حاجاتها الأساسية وحاجة شعوبها، مقابل الاستلاف منها أو الدين، إلى دولة متقدمة تعتمد على نفسها في توفير حاجتها من الغذاء والمأكل والمسكن والوقود والدواء، وتصدر للأخريين ما تنتجه، وتتكسب منه، وهو أمر ليس بالسهل".
وبيَّن زويل أنَّ "مراحل انتقال الدول من نامية إلى متقدمة، يتطلب منا كمصريين، الاهتمام في بادئ الأمر بالنشء، والأجيال التي لم تلد بعد، فالدول الغربية، تهتم بالنشء ، قبل ميلاده بعقود، فهي تعرف كم ستحتاج في عام 2016 على سبيل المثال من مواليد هل هم 1000 أم 10000 طفل، وهذا هو الفرق بيننا وبينهم ، فنحن في تزايد سكاني مستمر دون داعٍ للأسف، لسنا بحاجة إلى مواليد لن يتوافر لها منذ وصولها مستشفى ملائمًا، وغذاء صحيًا آمنًا، وتعليمًا حديثًا متطورًا، ومعملًا يدرس فيه ويبتكر، ومن ثم بيت يؤويه هو وأسرته الجديدة، فهي ثقافة للأسف غائبة عندنا، فما يحدث هو العكس ،أعداد المواليد تتزايد كل عام، نظرًا إلى الثقافة التي أورثها الموروث خلال العقود الماضية، بأنّ "الخلفة عزوة" ، وهو تعبير مصري شائع ، بأن إنجاب الصبيان والبنات ، دليل على قوة الرجل".
وتابع: "عندما تُحذف هذه الثقافة من قواميسنا، سنكون عبرنا أول خطواتنا نحو التقدم، يليها، تحديد ما تحتاجه الدولة سنويًا من مواليد بدراسات وأبحاث سابقة، تعكف عليها الحكومات، بمعنى أن تعكف الحكومة المصرية في الوقت الراهن عن ما تحتاجه من مواليد في عام 2020 ، فإذا كانت تحتاج إلى 2000000 ألف على سبيل المثال لا الحصر ، عليها أن تستعد من الآن ، وتضع الضوابط والمعايير لتحديد ذالك ، على أن تكون مسؤولة عن توفير ما يحتاجه هذا الجيل ، من متطلبات ، بيئة علمية مناسبة يبحث ويدرس ويبتكر فيها ، غذاء صحي أمن ،ومناخ سياسي مستقر يساعده على تحقيق هدفه وطموحه".
وأبرز أنَّ "عددًا من الدول العربية كالإمارات وقطر، قامت بدراسة سياسيات الدول الغربية، وتقوم خلال الفترة الراهنة بتطبيقها بما يتناسب مع ظروفها الاجتماعية والاقتصادية، وهي خطوة هامة تُحسب لها"، مُطالبًا الحكومة المصرية بأن "تقوم بدراسة أسباب تحول وانتقال عدد من الدولة التي كانت تُحسب على أنها "نامية" واستطاعت خلال سنوات معدودة من خلال الاهتمام بالبحث العلمي أن تصبح دولة متقدمة، ولنا في ذالك ماليزيا كنموذج توضيحي".
واستدرك: "حتى لا يفسر البعض دون قصد كلامي حول الزيادة السكانية هي سبب تأخرنا ويضرب نموذجًا بالصين أو اليابان، فإنَّ الزيادة السكانية قد تكون نعمة وقد تكون ثورة، على حسب كيفية استغلالها بصورة صحيحة وملائمة، أو إهدارها وهنا بالتأكيد ستكون الزيادة السكانية نقمة".
وبيَّن: "إذا استغلت الحكومة المصرية طاقة الـ90 مليون مواطن مصري، بطريقة صحيحة، سنصبح خلال السنوات الخمسة المُقبلة، قوة إنتاجية لا يستهان بها، وبالتالي سنتحول على إثرها من دولة موردة إلى دولة مصدرة"، منوهاً بأنَّ "الصين تستغل طاقتها البشرية الهائلة بصورة ملائمة، كقوة بشرية تفرض نفسها على المتغيرات الحديثة الراهنة، وقوة إنتاجية، تنتج ما تحتاجه بنفسها، وتقوم بتصدر الفائض إلى الخارج ، وبالتالي يُدر ذالك على موازنتها المليارات ، تُخصص السواد الأعظم منها على البحث العلمي".
أرسل تعليقك