قال رجل الأعمال الفلسطيني زاهي خوري لـ «الحياة»، إن حصول شركته على الموافقة من السلطات الإسرائيلية، لبناء مصنع «كوكاكولا» الأول داخل قطاع غزة، كان وراءه عدد من كبار أعضاء الكونغرس الأميركي. ولفت خوري على هامش مؤتمر «كوكاكولا» المنعقد في أتلانتا، إلى أن «كوكاكولا» العالمية قررت في 2012، الموافقة على الاستثمار في أول مشاريعها داخل قطاع غزة، بالمشاركة مع شركة المشروبات الوطنية الفلسطينية، التي يرأسها خوري. لكن ذلك القرار تعطل تنفيذه لثلاث سنوات بسبب تعنت السلطات الإسرائيلية، التي تفرض حصاراً اقتصادياً خانقاً على القطاع، منذ صيف 2007.
عملية الحصول على الموافقة من الجانب الإسرائيلي لم تكن بالأمر السهل، وتطلبت سفر زاهي خوري إلى الولايات المتحدة، مرات، للاجتماع بنواب بارزين في الكونغرس الأميركي، والطلب منهم المساعدة، والتدخل من أجل تسهيل حصوله على الموافقة من حكومة تل أبيب. وبالفعل نجحت مجموعة من نواب مخضرمين، في انتزاع الموافقة من الإسرائيليين. وكان من بين هؤلاء بعض صقور الحزب الجمهوري، مثل السيناتور ليندسي غراهام، عضو لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، والنائب إيد رويس، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، والسيناتور ساكسبي شيمبليس، نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ سابقاً.
وقال خوري لـ «الحياة»، إنه طلب من النواب الذين قدموا له الدعم، تحييد الخلافات السياسية، والنظر إلى إيجابيات المشروع، كونه سيخفف من ظروف الحياة الصعبة في غزة، ويوفر فرص عمل لأهالي القطاع، الذين يعاني معظمهم من البطالة، مؤكداً أن النواب تفهموا الأمر وقرروا دعم بناء المصنع، باعتباره خطوة ستشجع شركات عالمية أخرى على الاستثمار داخل غزة.
وقال خوري إن الصعوبات التي واجهت المشروع، لم تنته بالحصول على الموافقة الإسرائيلية، فالمشروع احتاج عدداً من الموافقات الأخرى من أجل السماح بنقل مواد البناء، والماكينات التي جرى استيرادها من الخارج، إلى قطاع غزة. وأضاف: «كانت عملية شاقة. لكننا أوشكنا على الانتهاء من إعداد المصنع. ويجري افتتاحه الصيف المقبل في المنطقة الصناعية».
وأشار خوري إلى أن تكلفة المشروع تقدر بنحو 20 مليون دولار، وتشارك فيه «كوكاكولا» العالمية، بنسبة 15 في المئة. وأضاف أن «قيام شركة متعددة الجنسيات باستثمار ملايين الدولارات في قطاع غزة، سيفتح الباب أمام جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى القطاع». وأكد خوري، الذي التقت به «الحياة»، خلال زيارته لمدينة أتلانتا في ولاية جورجيا، للاجتماع إلى قادة شركة «كوكاكولا» العالمية، صعوبة تأسيس دولة فلسطينية مستقلة، قبل بناء اقتصاد فلسطيني قوي ومستقل عن الاقتصاد الإسرائيلي، وأضاف: «الشعب الفلسطيني يعيش حالياً معتمداً على الاقتصاد الإسرائيلي والشركات الإسرائيلية. ولا بد من إنهاء تلك الحالة».
وقال خوري إن شركته نجحت في جذب الفلسطينيين للاعتماد على المنتج المحلي بدلاً من المنتجات الإسرائيلية، خصوصاً في مجال العصائر. إذ ارتفعت الحصة السوقية للشركة من 2 في المئة عام 2002 إلى 38 في المئة نهاية العام المالي الماضي، وذلك بعد الاستحواذ على حصة المنافسين الإسرائيليين. وأضاف: «نحن نقود حملة لا تهدف إلى المقاطعة لكن إلى استبدال المنتجات الإسرائيلية، بالمنتج الفلسطيني. وهذا سيساهم في خلق فرص عمل، وتنشيط الاقتصاد الوطني».
ودعا خوري المستثمرين العرب والشركات العالمية إلى استثمار أموالهم داخل الأراضي الفلسطينية. وأكد أن عدم الاستقرار السياسي والأمني، لا يمنع وجود فرص كبيرة للاستثمار داخل فلسطين، عبر الاستفادة من الإعفاء الضريبي الكامل على الصادرات الفلسطينية إلى الدول العربية وتركيا.
وقال عماد الهندي، المدير العام لشركة المشروبات الوطنية الفلسطينية، والمشرف المباشر على مراحل تنفيذ مشروع الشركة في غزة، إن المصنع الجديد سيوفر لسكان القطاع نحو 300 فرصة عمل مباشرة، بالإضافة إلى 3 آلاف فرصة عمل غير مباشرة، للعاملين بالتوزيع والشحن، وغيرها من المهن المرتبطة بصناعة المشروبات.
وكشف لـ «الحياة»، أن الشركة تخوض حالياً مفاوضات مع الوكالة الدولية لضمان الاستثمار (ميغا)، التابعة لمجموعة البنك الدولي، والمسؤولة عن التأمين ضد المخاطر السياسية وتعزيز الائتمان. وقال إن المفاوضات تهدف إلى التأمين على المصنع الجديد في غزة.
وأضاف: «المنطقة الصناعية كانت هدفاً للقصف الإسرائيلي خلال الحرب الماضية، ونريد أن يكون لدينا ضمان في حال حدوث أي ضرر للمصنع، أن تستطيع مؤسسة كبرى مثل ميغا دعمنا».
وتعد شركة المشروبات الوطنية من بين عدد قليل من الشركات الفلسطينية، التي نجحت في تصدير منتجاتها إلى الخارج. فهي تقوم بالتصدير إلى الأردن، كما تعمل حالياً لبدء التصدير إلى تركيا خلال شهر رمضان المقبل. وقال الهندي إن صادرات الشركة إلى العراق تأثرت سلباً، بسبب انتشار تنظيم «داعش». وقررت إدارة الشركة منذ بضعة أشهر، وقف صادراتها إلى إقليم كردستان العراقي، خوفاً منها على حياة العاملين.
أرسل تعليقك