تبدو الأزمة اليمنية الحالية الأسوأ في الحجم والشدّة من بين كل تلك التي مرّت على أفقر بلد في المنطقة منذ العام 2011. وتأثّر اليمنيون بالنقص الحاد في المشتقات النفطية (البنزين والديزل) والغاز المنزلي وانقطاع التيار الكهربائي منذ شهر.
وحرم اشتداد الصراع منذ نهاية آذار/ مارس الماضي المواطنين العاديين، وكذلك الخدمات العامة والقطاع الخاص، من الطاقة والوقود والمياه والأمن والغذاء والدواء. وطالت الأزمة غير المسبوقة 19 محافظة من أصل 22، وتضرّر من الصراع 7.5 مليون شخص، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
ويُتوقّع أن ترتفع البطالة التي طالت قبل الأزمة الأخيرة 60% من الشباب، فيما أدّى إغلاق الصحف بالقوة أو توقّفها عن الصدور بسبب الأوضاع وحجب المواقع الإلكترونية، إلى فقدان صحافيين كثر وظائفهم. وأقفلت المكتبات لعدم إصدار الصحف وتعليق الدراسة.
وأجبر النقص الحاد في الوقود المخابز في صنعاء، على استبداله بالغاز والحطب، فيما لجأ اليمنيون إلى استخدام المولّدات والبطّاريات الكبيرة وألواح الطاقة الشمسية للحصول على الطاقة.
وارتفع سعر صفيحة البنزين أو الديزل (20 لترًا) في السوق الموازية، من 3 آلاف ريال إلى ما بين 20 و30 ألفًا، كما ازداد سعر قارورة الغاز من 1200 ريال إلى ما بين 5 آلاف و7 آلاف.
وأدّى تحوّل حافلات النقل العام ومولّدات الكهرباء والمخابز والأفران إلى الغاز إلى مضاعفة أزمة الغاز المنزلي. وزاد سعر ناقلات المياه المنزلية الكبيرة من 6 آلاف ريال إلى 12 ألفًا، والناقلات الصغيرة من 3 آلاف إلى 6 آلاف.
وأوضح تقرير "المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن" الصادر أخيرًا عن وزارة "التخطيط والتعاون الدولي"، أنَّ الأسواق التجارية تشهد ركودًا شديدًا، إذ أقفل بعض المحال التجارية أبوابه في حين أخلت أخرى البضائع وسرّحت العاملين لديها وأصبحت الشوارع شبه خالية من حركة السيارات، كما تراكمت القمامة في الشوارع لعدم توافر الديزل لسيارات النظافة، فضلًا عن الاضّطرابات في سوق صرف العملات الأجنبية.
وأشار إلى أنَّ تفاقم الصراع والحظر الجوي والبحري أفضيا إلى حالة من الهلع في أوساط السكان والاتجاه نحو تخزين المواد التموينية الأساسية، مثل القمح والطحين والمشتقات النفطية، وأدّى ذلك إلى شح شبه كامل للسلع وإلى ارتفاع أسعار التجزئة للقمح والطحين بما بين 20 و 40%، في حين زادت أسعار المشتقات النفطية نحو 500%، وأجور النقل نحو 300%.
ولفت تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى أنَّ الناس يصطّفون لأيام في محطات الوقود، وتسبّب الشح في المشتقات النفطية بشلل قطاع المواصلات العامة، وبات الناس عاجزين عن التنقّل حتى داخل مدنهم، وازدادت تعريفات سيارات الأجرة خمس مرات.
وأضاف التقرير أنَّه لم يتبقّ أمام المواطنين في محافظة تعز (غرب اليمن) إلا عدد قليل من المخابز العاملة حاليًا، بسبب النقص في الوقود والكهرباء والقمح والنزوح الكبير للمواطنين من المحافظة، إذ يقف الناس في طوابير لشراء حفنة من الخبز.
وأكد أنَّ العنف المستمر لا يسبّب الموت فحسب، بل يزيد وطأة الأوضاع الإنسانية على الناس وتفاصيل حياتهم اليومية.
وأثّر نقص المشتقات النفطية في اليمن، على إمدادات المياه الرئيسة في محافظات كثيرة، ويضّطر المواطنون في محافظة تعز إلى الوقوف في طوابير أمام ناقلات المياه القليلة المتواجدة للحصول على المياه غير المحلاّة وغير الصالحة للشرب.
ولوحظت معاناة اليمن من الأمراض التي تنقلها المياه، إذ يُعتبر الإسهال أحد الأعراض المتفشية في البلد وأحد أهم الأسباب الرئيسة لوفيات الأطفال.
أرسل تعليقك