أثار التحقيق الاستقصائي الصحافي العالمي، الذي كشف فضيحة الوحدة السويسرية التابعة لبنك "إتش. إس. بي. سي." البريطاني، التي تستّرت على متهربين من الضرائب، أودعوا لديها أكثر من 180 مليار يورو، بين العام 2006 و2007، موجة من الجدل في الأوساط القضائية والاقتصادية البريطانية. ودفعت الفضيحة حكومة كاميرون إلى توضيح موقفها من المتهربين في مجلس العموم.
ودافع وزير المال ديفيد جوك، عن سجل الحكومة للمتهربين من الضرائب، إذ استعرض أمام البرلمان أنّ "الحكومة أعطت لجهاز الضرائب الداخلية (HMRC) مزيدًا من الصلاحيات لمعالجة التهرب الضريبي"، مشيرًا إلى أنَّ "الجهاز تلقى بيانات في ضوء ظروف صارمة للغاية، الأمر الذي حال دون تقاسم البيانات مع سلطات تنفيذ القانون الأخرى".
وأوضح جوك أنّ "الضرائب الداخلية لديها نهج طويل في التهرب من دفع الضرائب، إذ تقوم على جمع الضرائب والفوائد المستحقة، وتغيير سلوك دافعي الضرائب لمنعهم من التهرب في المستقبل، وفرض عقوبات أكثر فعالية وملائمة، مما يعني توفير التسهيلات لتشجيع إفصاح المتهربين، بغية تسوية الشؤون الضريبية، تليها عقوبات مدنية، بدفع غرامات عن جريمتهم، وكان هذا نهج ثابت من حكومات جميع الأحزاب".
وأبرز أنّ "الحكومة قد رفعت الاستثمار في قدرات تطبيق الضرائب الداخلية، وزادت الحد الأقصى للغرامات المدنية، لإخفاء الأموال في الملاذات الضريبية إلى 200٪ من التهرب الضريبي، وجمعت الضرائب حوالي 1.6 بليون جنيه استرليني، من 57 ألف متهرب، كنتيجة لمجموعة المبادرات الواسعة الدولية والخاصة بالمملكة المتحدة".
وأضاف أنها "جلبت حوالي 2 بليون جنيه استرليني، من الضرائب السابقة غير المدفوعة، كنتيجة لاتفاق بين سويسرا و(ليختنشتاين) الدولي، بغية تسهيل الكشف عن المتهربين".
وأشار، إلى أنه عملت الضرائب الداخلية "HMRC"، من خلال بيانات مصرف "HSBC"، مبيّنًا أنَّ "حوالي 135 بليون جنيه استرليني قد طرحت في الضرائب، وكذلك الفوائد والغرامات من متهربين الضرائب، الذين أخفوا أموالهم في حسابات مصرف HSBC السويسري".
وأردف "تلقت (HMRC) بيانات 6.800 كيان، أعطوا معلومات عن 3600 من الشركات والأفراد، منهم 1000 تمت تسوية ضرائبهم. وتعتقد الضرائب الداخلية أن الباقيين كانوا متوافقين، ولكنها مستمرة في مراقبة أنشطتهم".
وأبرز جوك أنَّ "الضرائب الداخلية فحصت البيانات التي تم الحصول عليها من الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (ICIJ)، وسوف يتم نشر أي شيء لم نشهده حتى الآن"، لافتًا إلى أنه "تلقت الضرائب الداخلية هذه البيانات في ظروف صعبة للغاية، ولم تكن قادرة على السعي لملاحقة الجرائم الأخرى المحتملة، مثل غسل الأموال، وعلى الرغم من كل هذه الفوضى، تشير الأرقام إلى أنّ هذه الحكومة هي الأكثر نجاحًا في معالجة التهرب الضريبي، والموضوع ليس لمجرد التصريحات، ولكن بتسليم الأموال".
وفي شأن تفاصيل الأسئلة التي وجهت لرئيس البنك التنفيذي آنذاك، ووزير التجارة في حكومة كاميرون، غرين، وراء الكواليس، أكّد جوك "أعي جيدًا أنه لا يوجد دليل على معرفة غرين بكل ما يحدث في الشركة السويسرية التابة لـ(HSBC)، ونعتقد في انخفاض المعدلات التنافسية لضريبة الشركات، لكننا نعتقد أيضًا أن الناس يجب أن تدفع الضريبة المدينين بها".
وردًا على الانتقادات بأنّ الحكومة قد خفضت الضرائب لصناديق التحوط، صرح بأن "لديهم زيادة ضريبة على الشراكات ذات المسؤولية المحدودة، وكثيرًا منها تذهب لصناديق التحوط".
وعن ما إذا كانت الحكومة سوف تنشر قائمة بأسماء الأشخاص الذين تجنبوا الضرائب، ليتم التحقق من قائمة الجهات المتبرعة لحزب "المحافظين"، أوضح جوك أنَّ "النظام القائم، والذي قام فيه الناس بدفع الغرامات لتجنبهم الضرائب، يتحفظ بالبيانات دون أفصاح ليصبح نظامًا أكثر كفاءة".
وأعلن جوك أن هناك أسئلة واضحة تحتاج إلى إجابة، في شأن ما حدث لدى مصرف "HSBC"، بين عامي 2005 و2007، فالضرائب الداخلية "HMRC" تأخذ الأدلة من حوالي 1000 شخص، على كسرهم قانون المملكة المتحدة، وستواصل البحث عن الأدلة، لأنه لازال هناك المزيد منها.
واستطرد "لا يوجد دليل على خطأ لغرين في ما حدث في شركة المصرف السويسري"، مؤكّدًا أنَّ "غرين كان وزيرًا مثاليًا للتجارة".
وكشف جوك أنّ "هناك حوالي 42 ثغرة في قانون الضرائب، قامت الحكومة بسدها". وبيّن "لقد ورثنا نظامًا ضريبيًا غير قادر على منع التهرب الضريبي، فعائد الضرائب الداخلية زاد في معالجة التهرب الضريبي من 17 بليون جنيه استرليني في عام 2010 إلى 26 بليون جنيه استرليني المتوقع هذا العام".
من جانبها، ألقت صاحبة كرسي حزب "العمال" المؤثر في لجنة الحسابات العامة، مارغريت هودج اللوم على الضرائب الداخلية "HMRC". وبيّنت أنَّ الوحدة هي المسؤولة عن محاكمة التهرب الضريبي من طرف المواطنين والمؤسسات البريطانية.
وأشارت، في تصريح إعلامي، الثلاثاء، إلى أنَّه "كما ترون ضخامة ما يحدث، ماذا سيحدث بالفعل لو جلبنا الغش الضريبي في المحكمة، ولو كان غشًا مفيدًا، كان سيرفع في المحكمة لأعوام، والآن لدينا قضية غش ضريبي واحدة، عرضت من قبل في المحكمة البريطانية".
وبدوره، رفض نظير المحافظين، والرئيس التنفيذي لمصرف "HSBC" العالمي، ستيفن غرين، التعليق على الفضيحة في ذلك الوقت من العمليات السويسرية، وصرح "بما انها مسألة مبدأ، فلن أعلق على ماضي أو حاضر أعمال مصرف HSBC".
جاء ذلك فيما اتهم إد ميليباند الحكومة بغض الطرف عن التهرب من الضرائب، مضيفًا "نحن بحاجة إلى معرفة لماذا لم تتصرف الضرائب الداخلية، بعيدًا عن هوامش المعلومات، التي يبدو أنها قد أعطيت لها، في شأن ما يحدث. ومعرفة لماذا عينت الحكومة ستيفن غرين وزيرًا للتجارة، بعد صدور هذه المعلومات إلى الضرائب الداخلية".
ومن الجانب السويسري، اعتبرت السياسية ميشلين كالمي راي، التي شغلت منصب وزير الخارجية بين 2003-2011، أنّ "فتح التحقيق في ذلك هو أقل ما يمكن فعله، فالقصة أضرت بسمعة البلاد".
وأعربت عن استيائها، موضحة أنَّ "سويسرا لديها سمعة جيدة لجهودها نحو السلام، بسبب اقتصادها، ولكن بعد ذلك علمنا أن هناك أفرادًا يقومون بأشياء خفية".
أرسل تعليقك