جدة – العرب اليوم
لسنوات قليلة مضت، كانت العلاقات السعودية الصينية، تركز على التعاون في مجال النفط والبتروكيمياويات بالدرجة الأولى، ولكن مع بداية الألفية الثالثة شهدت تطورا ملموسا حتى وصل إلى مجال الشراكة الاستراتجية، التي تغطي كل المجالات، ويدعم ذلك رغبة القيادة السياسية في البلدين، التي باتت تلتقى على فترات متقاربة للغاية لتوقيع الاتفاقيات وتنظيم آلية التعاون المشترك من خلال اللجنة المشتركة..
وتركز المملكة في تعاونها مع الصين على خدمة أهداف رؤية 2030، ولذلك لم يكن مستغربا التركيز في التعاون على مجال الطاقة المتجددة حيث تسعى المملكة إلى تقليص الاعتماد على النفط، مستفيدة في ذلك بإمكاناتها الكبيرة، التي تؤهلها للإنتاج ومن أبرزها الشمس الساطعة طوال العام والرمال بمساحات كبيرة للغاية، والمتوقع أن يسهم هذا التحرك في تقليص استخدام النفط التقليدي، الذي ارتفع إلى قرابة 3 ملايين برميل يوميا جعلت المملكة في المرتبة الخامسة عالميا،
وفي مجال المقاولات والإنشاءات يجرى التوسع في الاستعانة بالشركات الصينية، وسط توقعات بأن تسهم اللجنة المشتركة بين البلدين في رفع مستوى جودة المنتجات الصينية، التي يتم توريدها إلى السوق السعودي، بوضع قواسم مشتركة للجودة والمواصفات النوعية، ويشمل التعاون الحالي بين البلدين، قطاعات الفولاذ والحديد وسكك الحديد والكهرباء والصناعة الكيميائية والسيارات والاتصالات وآلات البناء والطيران والفضاء والسفن والهندسة البحرية وغيرها من القطاعات.
تعاون شمولي
ولعل مايميز العلاقات وحجم التعاون، الذي يتسم بالشمولية في المرحلة الحالية بداية من الإرهاب وحتى التعاون الثقافي تصريحات السفير الصيني في الرياض مؤخرا، التي أشار فيها إلى ارتفاع قيمة العقود الجديدة لمشروعات المقاولات الصينية في السعودية إلى 9.5 مليار دولار، حيث تشارك أكثر من 160 شركة صينية ونحو 36.5 ألف عامل صيني في مجالات البناء والبنية التحتية والاتصالات وصناعة البتروكيماويات.
ولاشك أن ما يدفع العلاقات إلى مزيد من التطور المفاوضات الجارية حاليا بين أكثر من 60 دولة بينها السعودية والصين لتعزيز بناء (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير) و(طريق الحرير البحري في القرن الـ21) بنشاط، ويزيد من قوة العلاقات مواقف البلدين السياسية شبه المتطابقة لاسيما فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، ودعم إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس على حدود 67 ، وفيما يتعلق بملف الإرهاب على وجه الخصوص تتماهى الرؤية الصينية مع المملكة بشأن ضرورة تعزيز التعاون الاستخباري والمعلوماتى في مواجهة الإرهاب، باعتبار المعلومة هي رأس الحربة في المواجهة، ولعل ذلك الأمر هو الذي تدعو له المملكة منذ عام 2004 عندما استضافت أول مؤتمر لمكافحة الإرهاب في المنطقة، وتوجت جهودها في هذا الإطار بإنشاء مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وتبرعت له بـ 100 مليون دولار.
وتحرص الصين على دعم المنتجات العربية غير النفطية، وتركز مساعيها حاليا على إنشاء منطقة للتجارة الحرة مع دول الخليج العربية، ولايتوقف الأمر عند ذلك، بل تتطلع بكين أيضًا إلى التعاون المشترك في التعليم والتدريب باعتباره ركيزة أساسية للتنمية في الدول العربية حتى يمكن أن تنهض صناعيًا على غرار التجربة الصينية، التي حققت نجاحات ضخمة غزت بها مختلف دول العالم، ويتسق ذلك مع رؤية 2030 التي تولي النهوض بالصناعة أولوية قصوى من أجل زيادة القيمة المضافة للمواد الخام الوطنية ودعم خطط التوظيف على المستويات كافة.
أرسل تعليقك