تشكل مشاريع جديدة تهدف لتطوير التعاون الإقتصادي بين الدول العربية، أبرز العناوين في اجتماعات المجلس الإقتصادي والإجتماعي العربي في دورته الرابعة والتسعين ،التي ستعقد على المستوى الوزاري في القاهرة غدا الأربعاء.
ومن بين هذه العناوين اقتراح إنشاء "منطقة الإستثمار الحرة العربية الكبرى" ومشروع تنفيذ "منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى"، ومسألة إطلاق "الإتحاد الجمركي العربي" ومشكلات الوضع الإقتصادي الفلسطيني، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، كما تفرض تداعيات الأوضاع المضطربة في عدد من الدول العربية كالعراق وسوريا واليمن تحديات إضافية على المحاولات العربية الهادفة إلى تحقيق تكامل اقتصادي حقيقي وشامل.
ووفقا لجدول أعمال اجتماعات المجلس فإن متابعة تنفيذ قرارات الدورة الثالثة والتسعين للمجلس ستتصدر المناقشات، وسيركز الوزراء العرب على بند حول "متابعة تنفيذ الفقرات الإقتصادية لإعلان "ليما" الصادر عن القمة الثالثة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية التي عقدت عام 2012" و"متابعة تنفيذ قرارات القمة العربية الإفريقية في دورتها الثالثة والتي عقدت في الكويت عام 2013، والملف الإقتصادي لمجلس الجامعة علـى مستوى القمة (الدورة السادسة والعشرون ).
أما البند الخامس في الإجتماعات فيتمثل في قضية قديمة متجددة وهي "منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتطورات الإتحاد الجمركي العربي"، كما يناقش الوزراء العرب قضايا "الإستثمار في الدول العربية"، وعلم أنه تم إدراج البند السادس في الإجتماعات "استناداً إلى قـرار صدر عن قمة الرياض الإقتصادية والإجتماعية " في عام 2013، ويمثل هذا البند أهمية كبرى في ضوء الحاجة المتصاعدة إلى تكثيف الإستثمارات العربية في الوطن العربي، خاصة في مجال الأمن الغذائي.
وسيبحث المجلس كذلك في موضوع "دراسة حول منطقة استثمار حرة عربية كبرى"، و"تقرير مناخ الإستثمار في الدول العربية لعام 2013"، وفيما يركز البند السابع في الإجتماعات على "المنتديات العربية الدولية"، فإن من المسائل الجديدة المطروحة على جدول الأعمال فكرة "إنشاء مجلس الوزراء العرب المعنيين بشؤون الأرصاد الجوية والمناخ"، و"إنشاء لجنة عربية دائمة لإعداد وتحديث الكودات العربية الموحدة للبناء".
وهناك ما يوصف بـ" الموضوعات الإقتصادية الدورية "وأدرجت في البند العاشر لأجندة الإجتماع، وتشمل "دعم الإقتصاد الفلسطيني"، و"التقرير الإقتصادي العربي الموحد لعام 2014" وهو من البنود الدائمة في الإجتماعات، و" الخطاب العربي الموحد للإجتماع السنوي المشترك لصندوق النقد والبنك الدوليين لعام 2014"، و" تقرير الأمن الغذائي العربي لعام 2013" وهو بند دائم في الإجتماعات، وسيتصدر الإجتماعات البند الأول ويتمثل في تقرير الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، و"نشاط القطاع الإقتصادي فيما بين دورتي المجلس الثالثة والتسعين والرابعة والتسعين.
ويظهر جدول أعمال اجتماعات "المجلس الإقتصادي والإجتماعي العربي "إن الدول العربية لا تزال تعاني من مشكلات تعرقل تعاونها الإقتصادي، وعلى سبيل المثال فإنها لم تنجح حتى الآن في تطبيق قرارات عدة أصدرتها على مستويات مختلفة، وتكفي الإشارة إلى مشروع "منطقة التجارة الحرة العربية" ومسألة " الإتحاد الجمركي"، وما يرمزان إليه من أهمية، وما يواجههما من عقبات.
وتشير وثائق سيتداولها المشاركون في اجتماعات "المجلس الإقتصادي والإجتماعي " في دورته المقبلة إلى الجهود التي بذلتها الجامعة العربية (القطاع الإقتصادي) في شأن متابعة قرارات المجلس الإقتصادي في دورته السابقة، كما تشير إلى مسألة " تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية".
وكانت "قمة الرياض العربية قد أقرت وضع جدول الإلتزامات الخاصة باتفاقية تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية"، كما أن "قمة الدوحة ( العربية) كانت "قد أقرت وضع جدول زمني لاستكمال المفاوضات الخاصة بالقطاعات الخدمية التي ترغب الدول في التفاوض عليها بهدف التقدم في تحريرها ضمن إطار اتفاقية تحرير التجارة في الخدمات بين الدول العربية.
و في الإطار عقد اجتماع في الجامعة العربية في إبريل الماضي حول مفاوضات تحرير تجارة في الخدمات بين الدول العربية"، وتمت مناقشة احتياجات الدول من الناحية الفنية والتدريبية من البنك الدولي".
وفي شأن الإتحاد الجمركي العربي أكدت مصادر أن اجتماع "المجلس الإقتصادي والإجتماعي سيتدارس تصورات أعدتها "لجنة الإتحاد الجمركي" وقد أوصت بتمديد الفترة المحددة لإعلان الإتحاد الجمركي العربي، وجاء في مقترحاتها التي تبلورت في اجتماع عقد في القاهرة في يونيو الماضي وفقا لمصادر عربية تحدثت لوكالة الأنباء القطرية (قنا) أن يتم تطبيق مبدئي للإتحاد الجمركي العربي في فبراير عام 2017، ودعا الإقتراح إلى قيام الدول العربية الراغبة بالإنضمام للإتحاد (في مرحلته الأولى) بإبلاغ الأمانة العامة للجامعة أنها اتخذت التشريعات اللازمة لتطبيق القانون الجمركي العربي الموحد، وأصدرت التشريعات التنفيذية اللازمة لتعديل فئات التعرفة الجمركية، بناءً على ما اتفق عليه كتعرفة جمركية موحدة، ونص الإقتراح أيضا على أن لا تتضمن المرحلة الأولى للإتحاد تطبيق مبدأ "نقطة الدخول الأولى"، وأن يتم الإبقاء على المنافذ الجمركية البينية بكافة وظائفها الحالية، وجاء في اقتراح المرحلة الأولى للإتحاد أن "تبقى الأقاليم الجمركية للدول الأعضاء أقاليم مستقلة إلا أن جميعها تطبق قانونا جمركيا وتعرفة جمركية بشكل متطابق".
وجاء في الإقتراح الذي سيتداوله الإجتماع المقبل للمجلس تطبيق المرحلة الثانية للإتحاد الجمركي العربي في فبراير عام 2019، وتشمل "الإعتراف المتبادل بشهادات المتطابقة وتوحيد السياسات والإجراءات الجمركية والإتفاق على سياسة موحدة للمنافسة وتوحيد سياسات الدعم والإغراق والوقاية".
أما المرحلة الثالثة للإقتراح فدعت إلى "التطبيق الكامل للإتحاد الجمركي في فبراير عام 2021، ويشمل ذلك " نقطة الدخول الأولى وانتهاء الدور الجمركي للمنافذ البينية، والإتفاق على آلية التعامل مع الإتفاقات التجارية مع الأطراف الخارجية، وإخطار منظمة التجارة العالمية بإكمال تطبيق الإتحاد الجمركي العربي، والإتفاق على آليات توزيع الحصيلة الجمركية".
ويتضمن اقتراح لجنة الإتحاد الجمركي العربي مرحلة رابعة تركز على "موضوعات ممتدة إلى ما بعد التطبيق الكامل للإتحاد، كما تعطي أولوية "لدعم الدول العربية الأقل نموا، وتطوير منظومة النقل، وتطبيق معايير تيسير التجارة.
وقال مصدر عربي مطلع لوكالة الأنباء القطرية، إن اجتماعا كان قد عقده مديرو الجمارك في الدول العربية أوصى بأن تتم "تهيئة المنافذ الجمركية غير المؤهلة كنقطة دخول واحدة خلال الفترة من عام 2015 الى عام 2017، تمهيدا لإطلاق الإتحاد الجمركي العربي في المرحلة المقبلة".
وفي سياق تفاعلات اجتماع المجلس الإقتصادي والإجتماعي العربي في دورته الجديدة على مستوى الوزراء أكدت دراسة أعدت للجامعة العربية عن "الإتفاقية العربية للتجارة في الخدمات.. الواقع والتحديات" أن الخدمات تلعب دورا هاما في اقتصادات الدول العربية، وتكشف الدراسة أن متوسط مساهمتها في الناتج الإجمالي شارفت الـ 50 في المائة، وتقل هذه المساهمة في الدول النفطية لتصل لأدنى المستويات في الجزائر بنسبة تقارب الـ 30 في المائة، وتصل لأعلى مستوياتها في لبنان لتتعدى الـ 70 في المائة. وأوضحت الدراسة أن القطاع الخدمي هو أكبر قطاع مشغل للعمالة في الدول العربية بمتوسط يتعدى الـ 50 في المائة، وهو أعلى من المتوسط العالمي الذي يقارب الـ 42 في المائة.
وجاء في الدراسة التي حصلت عليها وكالة الأنباء القطرية أن القطاع الخدمي هو أعلى مشغل للعمالة حتى في الدول النفطية وتتعدى نسبة العاملين فيه الـ 55 في المائة من إجمالي العمالة في الجزائر على سبيل المثال، إلا أن هذه الأرقام لا تعني بالضرورة كفاءة القطاع الخدمي، حيث يهيمن القطاع الحكومي على هذا القطاع، وتؤكد وثائق عربية أنه رغم مرور أكثر من عشر سنوات على الإتفاقية العربية للتجارة في الخدمات فإنه لم تتخذ خطوات فعلية لتطبيق التحرير الفعلي لتجارة الخدمات العربية.
وتواجه الدول العربية في إطار سعيها لتعزيز التعاون الإقتصادي تحديات تتعلق بقضية "إنشاء منطقة الإستثمار الحرة العربية الكبرى"، وكانت القمة العربية التي عقدت في الكويت في مارس عام 2013 كلفت الأمانة العامة للجامعة العربية بإعداد دراسة حول هذا المشروع.
وقالت مصادر عربية ل (قنا) إن الدراسة شددت على أهمية هذا المشروع، وأن " الإستثمار هو محرك التنمية الإقتصادية"، و" مناخ الإستثمار في الدول العربية يعاني من عوامل متعددة طاردة للإستثمار، وخصوصا الإطار المؤسسي، على الرغم من وجود كل أشكال المؤسسات الداعمة للإستثمار على مستوى المنظمات والإتحادات العربية وشركات المشروعات الإقتصادية المشتركة".
ودعت الدراسة إلى "إيجاد إطار مؤسسي يتبع المجلس الإقتصادي والإجتماعي العربي لتكون مهمته تطوير مناخ الإستثمار في الدول العربية"، وقالت الدراسة " إذا كان التفكير في إنشاء منطقة استثمار عربية غير مناسب في الوقت الحالي فمن الأجدر تكوين لجنة لمتابعة الإستثمار في الدول العربية ضمن إطار المجلس تضم كل هيئات تشجيع الإستثمار".
ويبدو وفقا لدراسة تلقتها الجامعة العربية وتأكيدات مصادر عربية متطابقة أن الأوضاع السياسية في المنطقة العربية، وخاصة "الأوضاع المضطربة في بعض الدول" تلقى بانعكاسات سلبية على مسيرة التعاون الإقتصادي العربي، إذ لم تعد قضية تعزيز التعاون الإستثماري " أولوية " في بعض الدول العربية التي تركز على تحديات الإستقرار الداخلي كسوريا والعراق وليبيا واليمن، لكن رغم ذلك فإن المصادر تجمع على ضرورات تحقيق نقلة نوعية لمسيرة التعاون الإقتصادي بين الدول العربية، وخاصة في مجال الأمن الغذائي، وهذا يشكل تحديا من أبرز التحديات التي سيبحثها المجلس الإقتصادي والإجتماعي العربي على مستوى الوزراء في اجتماعه المقبل.
أرسل تعليقك