تتصاعد حدة المعارك في محيط مدينة تدمر الاثرية اذ تتقدم قوات النظام ببطء باتجاهها في مسعى لاستعادتها من ايدي تنظيم داعش في سيناريو من شأنه ان يفقد الجهاديين بادية الشام وصولا الى الحدود مع العراق.
وبدأ الجيش السوري منذ اسبوعين عملية لاستعادة تدمر في محافظة حمص في وسط سوريا بغطاء جوي كثيف توفره الطائرات والمروحيات الروسية، واصبح على مقربة اربعة كيلومترات منها من الجهة الغربية.
وتعد هذه العملية، وفق مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن، "معركة حاسمة لقوات النظام، كونها تفتح الطريق امامها لاستعادة منطقة البادية وصولا الى الحدود السورية العراقية شرقا".
وسيطر الجيش السوري الاسبوع الماضي على تلة هي الاعلى من الجهة الجنوبية الغربية لتدمر وتبعد عنها اربعة كيلومترات.
الا ان العملية، بحسب عبد الرحمن، "تحتاج الى وقت، ولا يمكن لقوات النظام ان تتقدم بسرعة كونها منطقة مكشوفة ومن السهل على تنظيم الدولة الاسلامية نصب كمائن فيها"، وذلك برغم استهداف الطائرات الحربية الروسية وتلك التابعة لقوات النظام تدمر ومحيطها، بـ"800 ضربة" على الاقل منذ بداية الشهر الحالي.
وصدّ تنظيم الدولة الاسلامية الاثنين هجوما لقوات النظام كانت تحاول التقدم باتجاه المدينة. وقتل وفق المرصد، 26 عنصرا على الاقل من قوات النظام.
وافاد موقع "اعماق" الاخباري، المرتبط بتنظيم الدولة الاسلامية، ان انتحاريا فجّر نفسه في شاحنة بمجموعة من قوات النظام، ما اسفر عن "مقتل 30" عنصرا.
ويقول الخبير في الشؤون السورية في جامعة ادنبرة توماس بييريه لفرانس برس ان البطء في تقدم الجيش السوري يعود الى "تصدي تنظيم الدولة الاسلامية له وتكبيده لقوات النظام وحلفائه خسائر فادحة".
ويوضح بييريه "بسبب الطبيعة الجغرافية للمنطقة على قوات النظام التقدم في ارض صحراوية مكشوفة امام نيران تنظيم الدولة الاسلامية".
ويعتمد الجيش السوري، بحسب شبكة تدمر الاخبارية المعارضة، على "سياسة الأرض المحروقة" والتقدم من الجهة الغربية، فيما "يستميت التنظيم في الدفاع ويعتمد سياسة الإنتشار الموسع والتمويه بالمواقع لتشتيت جيش النظام".
ويسيطر تنظيم الدولة الاسلامية على مدينة تدمر منذ ايار/مايو 2015، وعمد مذاك الى تدمير العديد من معالمها الاثرية وبينها قوس النصر الشهير ومعبدي شمين وبل.
واثار سقوط تدمر على الفور قلقا في العالم على المدينة التي يعود تاريخها الى الفي عام، لا سيما ان للتنظيم سوابق في تدمير وجرف الآثار في مواقع اخرى سيطر عليها لا سيما في العراق.
وتتوسط اثار تدمر التي تبعد مسافة 210 كلم شمال شرق دمشق، بادية الشام.
-خسارة رمزية وعسكرية-
وفي حال نجحت قوات النظام باستعادة تدمر، وفق عبد الرحمن، "سيخسر تنظيم الدولة الاسلامية تلقائيا منطقة البادية بين المدينة والحدود العراقية شرقا اي مساحة تصل الى 30 الف كيلومتر مربع".
واوضح عبد الرحمن، ان منطقة البادية غير مأهولة بالسكان، وسيكون من السهل طرد تنظيم الدولة الاسلامية منها نتيجة القصف الجوي الروسي الذي سيستهدف اي قافلات تقل تعزيزات للجهاديين.
واعلنت موسكو الاسبوع الماضي انها ستسحب الجزء الاكبر من قواتها على الارض بعدما "انجزت" مهمتها في سوريا اثر تدخل جوي بدأ في 30 ايلول/سبتمبر، مؤكدة في الوقت ذاته انها ستواصل ضرباتها ضد "الاهداف الارهابية".
وبخسارة البادية، سيضطر التنظيم المتطرف الى الانسحاب شرقا الى محافظة دير الزور التي يسيطر عليها بالكامل او الى مناطق سيطرته في العراق.
وتتراجع بذلك مناطق سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا الى ما بين 25 و30 في المئة من الاراضي السورية مقابل 40 في المئة حاليا، وفق عبد الرحمن.
الا ان بييريه يشكك في قدرة قوات النظام على التقدم اكثر بعد تدمر، ويقول ان الجيش السوري "يخوض اصلا في الوقت الحالي معارك صعبة ضد تنظيم الدولة الاسلامية في المنطقة الصحراوية غرب المدينة وفي الريف الشرقي لكل من حماة وحمص (وسط)".
وبالتالي بالنسبة اليه، فان خسارة تدمر رمزية اكثر منها عسكرية.
ويقول "ستكون خسارة رمزية ضخمة كونها ستمكن النظام من تقديم نفسه كحامي للمدينة الاثرية، حتى وان حصل ذلك على حساب تحويل المنطقة السكنية في المدينة الى حطام".
ويفر من تبقى من سكان في المدينة الى مخيمات اللاجئين البعيدة بالقرب من الحدود الاردنية.
ا ف ب
أرسل تعليقك