القاهرة ـ أ.ش.أ
قال الروائي فؤاد قنديل إن الروائى العربي الكبير نجيب محفوظ يعتبر ظاهرة أدبية قل أن يكون لها نظير، وذلك بفضل سمات عديدة تميزه عن أغلب الكتاب، فرغم إسهاماته الكبرى في إثراء المكتبة العربية بإبداعاته الروائية والقصصية إلا أنه يتميز بالتواضع الشديد والأدب الجم وقوة الذاكرة وحضور البديهة وروحه تفيض بالرقة والعذوبة والمرح.
وأضاف قنديل في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط لمناسبة ذكرى رحيل محفوظ التي تحل يوم السبت المقبل: لمست ذلك خلال اللقاءات الكثيرة في كازينو صفية حلمى بميدان الأوبرا ومقهى ريش وكازينو قصر النيل وإبان عملنا معا في مؤسسة السينما، كما أنه يلتزم بأنظمة صارمة تدير كل شئونه الشخصية والأدبية بدقة بالغة.
ويرى قنديل أن نجيب محفوظ جمع بين الجدية والدعابة وتعامل مع الحياة بحكمة وغاص في أسرارها و آثر البساطة ولم يسمح للمطالب المادية أن تأكله وتفرغ للإبداع تماما، وقد أعانته قراءاته في الأدب العربي والعالمى مع تجربته الاجتماعية واندماجه في الطبقات الشعبية المصرية فى تشكيل منظومة إبداعية خصيبة ومشعة وفتحت له أبوابا لا تنتهى من الحكايات والعوالم المدهشة، ومالبث أن اهتدى إلى أهمية التجريب والتطوير في الأدوات الفنية بالاطلاع على المدارس الحديثة وكتابات الشباب، ومن ثم اتخذت أعماله مع بداية الستينيات حالة جديدة من التشكيل الفنى ذى المستويات التى تفسح المجال للجدل والتأويل.
واستطرد قائلا: محفوظ بالنسبة لي ولجيلي هو الأب مثل تشيكوف وهيمنجواي وفوكنر، مهما تعددت مناحي التشكيل لدى بعض الأبناء، لأنه ليس ذا لون واحد كإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وغيرهما، فقد استطاع أن يقفز خارج سفينة السابقين عليه والمجايلين له قبل أن يغرق في بحيرة التقليدية ومياهها الآسنة، ومع ذلك فمعظمنا والأجيال التالية لم نعد نشبهه لأن الزمان اختلف وكذلك اللغة والثقافة والرؤى والقضايا وانفتاح آفاق الحرية والجسارة والوعي.
وأضاف: القارئ نفسه اختلف بعد أن هبت على مجتمعاتنا رياح سياسية واقتصادية عاصفة، فضلا عن تقنيات الكتابة التي تأثرت بالتكنولوجيا وكان طبيعيا ألا نشبهه لأن الفن في الأصل ابتكار يقتضي الاختلاف، لكن محفوظ مازال كاتبا حيا وصالحا لإثارة الدهشة.
أرسل تعليقك