يتعرض كل الناس للإصابة بالصداع، ولكن هناك عامل رئيسي واحد يمكن أن يزيد الخطر بشكل كبير، هو أن تكون امرأة, حيث كشفت دراسة أن النساء إحصائيا هن بلا حدود أكثر عرضة من الرجال للإصابة بكل أنواع الصداع, ووفقا لجمعية الصداع النصفي الخيرية، فإن المرأة ثلاث مرات أكثر عرضة من الرجال لأن يصبن بالصداع النصفي، الذي هو فضلا عن التسبب في الألم والخفقان يمكن أن يحقق أعراض أخرى، مثل الاضطرابات البصرية أو الغثيان, كما أن المرأة هي أكثر عرضة لتطوير صداع التوتر، وهو الشكل الأكثر شيوعا، حيث تشعر بالوجع في جميع أنحاء الرأس والضغط خلف العينين, وبينت الدراسة أن النساء أكثر عرضة من الرجال للصداع المزمن لما لا يقل عن 15 يومًا في الشهر.
ووجدت مراجعة لـ24 دراسة عالمية نشرت في دورية الصداع في عام 2011 أنه في حين أن أكثر من نصف النساء في استطلاع الرأي (52 في المائة) عبرن عن وجود مشكلة مع الصداع في وقت البحث، وفقط 37 في المائة من الرجال اشتكوا من ذلك الأمر, وأوضحت أنه ليس مجرد ألم في الرأس، الصداع النصفي خصوصا يمكن أن يأتي مع غيره من المخاطر الصحية على المدى الطويل, فيما وجدت دراسة كبيرة شملت أكثر من 100 ألف امرأة نشرت في المجلة الطبية البريطانية في يونيو، أن أولئك الذين ذكروا وجود صداع نصفي لديهم خطر 50 في المائة أعلى من الموت جراء النوبات القلبية والسكتة الدماغية أو أمراض القلب.
ويعتقد الباحثون الآن أنه يجب أن تجرى المزيد من الأبحاث فيما إذا كانت علاجات الصداع النصفي يمكن أن تقلل من هذه المخاطر, وبعد حين الأدوية مثل أدوية التريبتان يمكنها أن تساعد على التقليل من شدة الصداع النصفي، لكنها لا تعمل للجميع، وليس هناك حتى الآن أي بديل للشفاء, ويقول البروفيسور أندرو تشارلز، مدير برنامج غولدبرغ للصداع النصفي في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس: "سبب واحد لعدم توافر فرص العمل في ذلك الموضوع، هو أن الصداع النصفي يؤثر في الغالب على النساء", وأضاف: "لذلك حتى وقت قريب تم رفض فكرة أنه هذا الأمر يمثل مشكلة خطيرة، في حين أنه يمكن أن يكون له تأثير كبير على حياة الناس وهو مشكلة صحية عامة خطيرة".
ولكن لماذا النساء هن أكثر عرضة للصداع النصفي والصداع في المقام الأول؟ إنها ليست مجرد أن النساء يشعرن بالألم أكثر، فقد تبين وجود اختلافات فيزيائية أساسية بين الجنسين, وتطرح الدراسة بعض الأسباب المختلفة التي حددها العلماء لهذا ,وتكمن في أولًا, حيث كشف أن مخ النساء أكثر انفعالا, أحد الأسباب لأن النساء أكثر عرضة للصداع النصفي خصوصا، قد يكون بسبب الطريقة التي يتصرف بها مخهن, ويعتقد أن الصداع النصفي يبدأ بدفعة من الاستثارة التي تؤدي إلى نشر الاكتئاب القشري (CSD)، وهي موجة من نشاط الخلايا الشاذة التي تمر كموجة عبر الدماغ, ويقول الدكتور أندرو داوسن: "بدلا من اتباع الأوعية الدموية أو فص من الدماغ، يبدأ الصداع النصفي فور مرور هذه الموجة من الإثارة عبر المخ في بضعة ملليمترات في دقيقة واحدة، وخلال هذه الفترة تبدأ الاضطرابات البصرية", وقد يكون سبب الصداع النصفي حساسية للتغيرات الصغيرة، مثل درجة الحرارة على سبيل المثال، أو تغير إجراءات مثل النوم, ومع ذلك، فإن مخ الأنثى يبدو أن لديه حساسية خاصة.
2. عضلات الفك تتعب بسهولة أكبر, حيث يعتبر أحد أسباب الصداع هو الميل إلى الطحن وجز الأسنان ليلا, ومن الواضح أن الرجال قد يضغطون على أسنانهم أيضا، لكنهم يميلون إلى تطوير الأسنان البالية الناجمة عن ذلك، في حين أن النساء أكثر عرضة لتطوير ألم في العضلات حول الفك والصداع، وفقا لكيت ستوكس, ويعتقد أن هذا ينبع من الاختلافات بين عضلات الفكين لدى الذكور والإناث, وبينت الدراسة أن النساء لديها ألياف عضلية بيضاء أكثر، التي تتعب وتتألم بسهولة أكثر من ألياف العضلات البطيئة لدى الرجال, ويقول الدكتور ستوكس: "يمكن تلمس آلام الرأس الناجمة عن مشاكل الفك في المحاجر، خلف العينين، في شريط يلف الرأس وفي الجزء الخلفي من الرقبة، وهو ما يجعلك تستيقظين بصداع", وتشمل العلاجات جهاز البلاستيك الذي يلبس فوق الأسنان في الليل للمساعدة في تقليل الضغط.
3. الدورة الشهرية, حيث أن نصف النساء يعانين من الصداع النصفي الذي يسمى بصداع الطمث النصفي، وهذا يعني أن تلك الأعراض تأتي نتيجة للدورة الشهرية, فيما تعد معظم الاختلافات بين الرجل والمرأة في الصداع تقع على عاتق الهرمونات الأنثوية المرتبطة بدورة الطمث، كما تقول آن ماكغريغور، وهي أستاذة في مركز العلوم العصبية والصدمات النفسية في بارتس, وأشارت إلى أن الصداع النصفي والصداع هما الأكثر شيوعا للنساء في الأيام الثلاثة قبل وبعد يومين من الدورة الشهرية, ويرجع ذلك إلى انخفاض سريع في هرمون الأستروجين الأنثوي الذي يحدث في الأيام التي تسبق الدورة، وهو في الرحم يؤدي إلى التخلص من البطانة، مما يؤدي إلى نزول الدورة الشهرية، وصعود البروستاغلاندين، وهي الأحماض الدهنية التي تطالب الرحم بأن ينقبض, ويعتقد أن هذين العاملين يؤديان إلى انخفاض مستويات السيروتونين، وهي مادة كيميائية في المخ, ويعتقد أن انخفاض مستويات السيروتونين لجعل الأوعية الدموية في المخ تنكمش فجأة ثم تتمدد، مما يثير الصداع، ويؤثر السيروتونين أيضا على آليات الألم, وبينت أن التقلبات في الهرمونات التي تحدث في كل دورة هي التي تسبب الصداع النصفي والصداع لكثير من النساء, وأشارت إلى أن هذه المرحلة من تعطل الهرمونات يمكن أن تستمر لمدة تصل إلى 20 عامًا، ويستمر كذلك بعد توقف الدورة، كما حذرت ماكغريغور.
4. المرأة معدة لتصاب بالصداع, حيث تعتبر القابلية للتعرض للصداع النصفي يمكن أن تكون وراثية، وهذا الجين من الصداع النصفي له تأثير على النساء أكثر من الرجال, وهذا يعني أنهن أكثر عرضة للإصابة بالصداع النصفي من الرجال، حيث تولد النساء بهذه الجينات, ويعتقد بعض الخبراء أن الميل الوراثي لدى المرأة لتطوير الصداع وربما كان له ميزة تطورية, فإن نصف المخ يميل إلى الإفراط في الاستجابة للتغيرات، سواء في الروتين أو البيئة, ويقول البروفيسور تشارلز: "أولئك المصابين بالصداع النصفي يكونون أكثر حساسية تجاه ما يجري من حولهم، وهناك الكثير من التكهنات أن الصداع النصفي لدى النساء يجعلهن تاريخيا أكثر تفاعلا مع أي تغيير في محيطهن".
5. يتناولون حبوب كثيرة, وقد يكون السبب في أن النساء أربع مرات أكثر عرضة للصداع من الرجال، هو الإفراط في استخدام المسكنات, ويتطور مع استمرار استخدام أكثر من وصفة طبية أو وصفة دواء لتخفيف الألم, وهناك نظرية تقول أن الاستخدام المنتظم للمسكنات يقمع أجهزة الإحساس بالألم في الدماغ وحساسية الأعصاب هناك، حتى عندما يتم انقطاع عن الأدوية، يتطور الصداع, وذلك يمكن أن يؤدي إلى الصداع اليومي المزمن، وهو أي نوع يستمر لأكثر من أربع ساعات يوميا لمدة 15 يوما أو أكثر في الشهر.
ويقول بريندان ديفيس، طبيب أعصاب استشاري يدير عيادة الصداع في مستشفى الجامعة الملكية ستوك: "كل مسكنات الألم يمكن أن تسبب صداع الإفراط في الدواء، نظرا لأنها تحتوي على مزيج من المسكنات المختلفة، مثل سيندول وسولبادين، والتي من الأرجح تسبب مشاكل", وأضاف, "إذا كنت تتناول أي من مسكنات الألم لأكثر من عشرة أيام إلى 15 يوما في الشهر لأكثر من ثلاثة أشهر، يمكنك أن تعاني من زيادة تواتر الصداع، ويصبح الدواء هو المشكلة", وبين أنه لا شك أن النساء تعاني من تلك الأعراض، نظرا لأنهن يتناولن المسكنات بشكل أكبر من الرجال, وأوصى بوقف كافة المسكنات لمدة ستة إلى ثمانية أسابيع لتقليل الصداع, وتابع, "أما أولئك الذين يأخذون المسكنات القوية القائمة على المواد الأفيونية مثل ترامادول أو الكوكائين لفترة طويلة من الزمن، قد يحتاجون إلى الذهاب إلى المستشفى عند وقف المسكنات لمساعدتهم على التعامل مع أي أعراض انسحاب".
6. أدمغتهم تبدو مختلفة حيث يعتبر شكل دماغ المرأة قد يعمل ضدها عندما يتعلق الأمر بالصداع, فيما أجرى الباحثون في مستشفى الأطفال في بوسطن وكلية هارفارد الطبية مسح للدماغ لـ44 شخص، نصفهم كان يشكون من الصداع النصفي، والنصف الآخر لم يكن كذلك, ووجد الباحثون أن النساء في الدراسة اللاتي لديهن صداع نصفي كانت المادة الرمادية لديهن أكثر سمكا (المنطقة التي تحمل خلايا الدماغ، على عكس المادة البيضاء التي تحمل الكابلات، التي تحمل المعلومات بين الخلايا) في كل من العزل الخلفي (المرتبط بمعالجة الألم) والطلل، منطقة من الدماغ مرتبطة بالصداع النصفي, وأشارت الدراسة إلى أن المشاركون من الذكور، سواء أولئك الذين لديهم صداع نصفي وأولئك الذين لم يكونوا كذلك، لم يكن لديهم هذا السمك في المادة الرمادية, وتعد هذه واحدة من العديد من الدراسات التي وجدت اختلافات هيكلية في أدمغة أولئك الذين لديهم صداع النصفي, بينما تجري نظرية جديدة أخرى تحقيقا حول ما إذا كانت النساء (وكذلك الرجال الذين يميلون إلى تكوين الصداع) لديهن أعصاب مختلفة في رقابهن، لأن آلام الرقبة هي العامل المشترك في الصداع النصفي، وفقا للبروفيسور تشارلز.
7. زيادة الوزن تزيد من خطر الإصابة حيث يزيد الوزن الزائد من خطر الصداع لكلا الجنسين، ولكن الخطر هو أعظم بالنسبة للنساء البدينات, ووجدت دراسة واحدة على أكثر من 3700 من النساء، التي نشرت في عام 2011 في مجلة الصداع أن خطر الصداع النصفي يزيد مع وزن المرأة، حيث أن النساء البدينات يعانين من وجود ما يقرب من ثلاثة أضعاف مخاطر الصداع النصفي من الإناث ذوات الوزن الصحي, ولكن الدراسات لم تجد مثل هذا الخطر الكبير في للرجال, ومن المعروف أن الأنسجة الدهنية أيضا تطلق مواد كيميائية ملتهبة قد تؤثر على الأوعية الدموية في الدماغ، وبالتالي قد تؤدي إلى الصداع بهذه الطريقة.
8. تناول حبوب منع الحمل حيث تعد وسائل منع الحمل على أساس الهرمون، بما في ذلك حبوب منع الحمل وبعض الوسائل الأخرى، هي نقطة انطلاق للصداع على غرار التوتر والصداع النصفي في ما يصل إلى 10 في المائة من النساء, وبعض النساء اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل قد يعانين من الصداع في الأسبوع الذي تسقط فيه الحبوب، وذلك بسبب انخفاض مستويات هرمون الاستروجين, وأوضح ماكغريغور يقول أن تناول حبوب منع الحمل دون انقطاع لا يقل عن ثلاث دورات، إن لم يكن بشكل مستمر، يمكن أن يساعد على الصداع, وأضاف, "يمكن القيام به باستمرار، ولكن بعض النساء يفضلن عدم القيام بذلك لأنه يعني أن ليس لديهن دورة شهرية", وتابع, "يمكن للولب النحاس، في بعض الحالات، أن يزيد مستويات البروستاجلاندين التي يمكن أن تؤدي إلى الصداع النصفي", فيما قال الدكتور هاردمان "النساء اللواتي يعانين من الصداع النصفي، الذي يمكن أن يسبب الدوخة، وطنين في الأذنين وتشوش الرؤية، لا ينبغي أن يتناولن حبوب منع الحمل".
وأظهرت الأبحاث أن النساء المصابات بهذا النوع من الصداع النصفي لديهن مخاطر أعلى للإصابة بالسكتة الدماغية، عند استخدام هذا النوع من وسائل منع الحمل.
أرسل تعليقك