إحتدمت المعارك في الجولان السوري المحتل بين القوات الحكومية السورية ومقاتلي المعارضة الذين شنوا هجومًا واسعًا على منطقة الحميدية التي تُعتبر مركزًا أساسيًا لتجمع وحدات الجيش السوري قرب معبر القنيطرة الذي سقط المعبر الأسبوع الماضي في أيدي المعارضة، بمن فيها "جبهة النصرة"، الذراع الرسمية لتنظيم "القاعدة" في سورية. وجاءت معارك الجولان في وقت أورد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الذي يتخذ من بريطانيا مقرًا، معلومات عن أن القوات الحكومية السورية أعدمت في محافظة طرطوس الساحلية ثلاثة ضباط أحدهم برتبة عميد "بتهمة الخيانة والتسبب في مقتل عدد من عناصر القوات الحكومية وتزويد مقاتلين من المعارضة بمعلومات عن تحركات القوات الحكومية
وتزامنت ضراوة معارك الجولان مع تجدد الحديث عن "حل سياسي" للأزمة السورية، وأوردت وكالة الأنباء السورية "سانا"، في تقرير من موسكو أن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السوري وليد المعلم بحث مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي "الوضع في سورية والصيغ المحتملة لإيجاد حل سياسي للأزمة فيها". ونقلت الوكالة عن بيان لوزارة الخارجية الروسية، أن الجانبين "تبادلا الآراء حول الصيغ المحتملة التي تتيح استئناف الجهود بغية التوصل إلى مصالحة سورية داخلية"، مشيرة إلى أن الجانبين أكدا أن الوضع في سورية لا يمكن حله سوى "بوسائل سياسية ديبلوماسية".
ونقلت "سانا" عن الخارجية الروسية، أن لافروف والمعلم بحثا أيضًا في تطورات سورية في ضوء ازدياد الخطر فيها والمنطقة، نتيجة الجرائم التي يقترفها متشددو تنظيم ما يسمى دولة العراق والشام المتطرف". وكرر المعلم "استعداد سورية لتنسيق خطواتها في مكافحة التطرف مع ممثلي المجتمع الدولي ارتباطًا بتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 2170"، علمًا بأن الدول الغربية سارعت إلى رفض عرض مماثل قدمه المعلم للمشاركة في قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" بعد صدور قرار المجلس الشهر الماضي.
ونقل عن سكان وناشطين، أن السلطات السورية قبضت على ناشط مؤيد للحكومة أطلق حملة على شبكات التواصل الاجتماعي مطالبًا المسؤولين بتقديم معلومات عن مئات الجنود المفقودين. وأجّج الاعتقال الذي حدث حملة غير معتادة لدى بعض مؤيدي الحكومة يحمّلون فيها السلطات مسؤولية ارتفاع عدد القتلى بين الموالين، وكان الناشط والمحامي مضر حسان خضور كان قبل اختفائه يمثّل صوت اعتراض علني نادر ومتصاعد في الوقت ذاته بين العلويين. وكتب الناشط في صفحة خضور على موقع "فيسبوك" مطلع الأسبوع، أن المخابرات الجوية اعتقلته في دمشق "بعد اتصالات معه ووعدوه بالتعاون للتحقق من مصير كل جندي فُقِد في مطار الطبقة" الذي استولى عليه مقاتلو "الدولة الإسلامية" الأسبوع الماضي. وفي خطوة غير مألوفة، أوردت الصفحة اسمي ضابطين كبيرين وحمّلتهما المسؤولية عن سلامة خضور. وجرى تداول نشر التعليق أكثر من 160 مرة. وبالنسبة إلى معارك الجولان، أشارت وكالات الأنباء إلى معارك قرب معبر القنيطرة، من دون أن يتضح هل نجحت القوات الحكومية في استعادته من أيدي مقاتلي "جبهة النصرة". وذكرت أنه كانت تمكن بوضوح مشاهدة مقاتلي الطرفين يخوضون المعارك، من الجانب الخاضع لسيطرة إسرائيل في هضبة ا
لجولان. وأمكن مشاهدة مقاتلي "النصرة" على بعد أمتار قليلة من السياج. وتم إنزال علم سوري كبير ظل يرفرف أيامًا بين معبر القنيطرة والبلدة المهجورة.
وفيما لا تزال المفاوضات مستمرة لإطلاق سراح 44 عنصرًا من قوات حفظ السلام من "فيجي" خطفوا الخميس الماضي في أعقاب اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية السورية ومقاتلي المعارضة السورية، بدا لافتًا مطالبة قائد الجيش الفلبيني بإخضاع قائد قوّة الأمم المتحدة (أندوف) في الجولان للتحقيق، متّهمًا إياه بأنّه طلب من الجنود الفلبينيين الذين كانوا محاصرين في مركزهم، تسليم أسلحتهم للمعارضة، مقابل الإفراج عن المختطفين من "فيجي"
ونقلت وكالة الأسوشييتدبرس عن غريغوريو كتابنغ قوله "أمرتهم بعدم الاستسلام ورفض الخضوع لأوامر قائد قوّة الأمم المتحدة، وهذا ما قاموا به، لأن هذا الأمر يتعارض مع الأدبيات العسكرية، كما أنّ سلامتهم لن تكون مضمونه إذا سلّموا سلاحهم". وأشار إلى أنّ هذا الطلب قد يهدف إلى إطلاق سراح العناصر المختطفين من فيجي. في المقابل، مضيفًا "فليبحثوا عن وسيلة أخرى للإفراج عنهم"
وكان عشرات الجنود الفلبينيين العاملين ضمن قوات الأمم المتحدة في الجولان، تمكّنوا ، من تنفيذ "عملية هروب كبرى" من مسلحي "النصرة" الذين كانوا يطوقون مركزهم.
وأقرّت "جبهة النصرة"، بوقوفها وراء احتجاز 44 جنديًا من دولة فيجي، يعملون ضمن إطار قوة الأمم المتحدة، مرجعة السبب إلى ما سمته "تواطؤًا بين القوات الدولية والقوات الحكومية السورية، ومؤكدة أن "المحتجزين في مكان آمن، وفي حالة صحية جيدة، ويقدم لهم ما يحتاجونه من طعام وعلاج". ورغم اشتداد المعارك على جبهة الجولان، لم تنجح القوات الحكومية في استعادة "معبر القنيطرة" بينما نفذت "النصرة"، هجومًا على بلدة الحميدية الواقعة على الحدود في محاولة للسيطرة على البلدة، وفق ما أكّد مدير المرصد السوري مشيرًا إلى أنّ الاشتباكات في الجولان أدّت إلى وقوع إصابات مؤكدة في صفوف "النصرة" و"الكتائب الإسلامية" والقوات الحكومية.
و قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن "معارك عنيفة وقعت بين مسلحي المعارضة السورية وقوات القوات الحكومية على بعد مئات الأمتار من المنطقة العازلة التي تفصل بين سورية والمنطقة من الجولان التي تحتلها إسرائيل". وأشارت إلى أنّ الجانبين تبادلا إطلاق قذائف الهاون والصواريخ وإطلاق النار من الدبابات ومنع الجيش الإسرائيلي الوصول إلى أماكن عدة في المنطقة وأعلنها مناطق عسكرية مغلقة.
وأمكن سماع تبادل لإطلاق نيران الأسلحة الصغيرة وانفجار قذائف مورتر من الجانب الإسرائيلي، الذي كان يراقب الأوضاع بحذر، كما أمكن مشاهدة القوات التي تتبادل إطلاق النار بوضوح، لافتة إلى مشاركة دبابة واحدة على الأقلّ من القوات الحكومية في القتال.
ويتمركز جنود قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة العاملة في الجولان لمراقبة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسورية منذ 1975، ويبلغ عددهم 1252 جنديًا من 6 دول هي فيجي والهند وأيرلندا ونيبال وهولندا والفيلبين.
وأنشئت قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك بموجب قرار مجلس الأمن 350 عقب فض الاشتباك الذي اتفقت عليه القوات الإسرائيلية والسورية على الجولان.
و قالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن الطائرة من دون طيار التي نجحت القوات الجوية الإسرائيلية بإسقاطها، من خلال صاروخ باتريوت بعد أن دخلت المجال الجوي الإسرائيلي من الحدود الشمالية مع سورية، تبين أنها "إيرانية".
ونقلت القناة العبرية الثانية عن مصادرها أن هذه الطائرة من طراز "يسير" التي صنعت في إيران في أيلول/ سبتمبر 2013، مبينةً أنه تم اعتراضها في أجواء القنيطرة لحظة دخولها الحدود الإسرائيلية دون إحداث أي أضرار.
وأشارت القناة إلى أن هذا النوع من الطائرات بإمكانه التحليق على ارتفاع أكثر من 1.5 كم، مع ثماني ساعات قدرة على الطيران والتحليق في دائرة مداها 200 كلم، ورجحت أنها صنعت بعد أن استولى الجيش الإيراني على طائرة أميركية في كانون الأول/ ديسمبر 2012.
ولفتت إلى أن المعارضة السورية تمكنت من السيطرة على مثل هذه الطائرات دون طيار في أكثر من منطقة في سورية، وأن أحد النواب اللبنانيين اتهم حزب الله اللبناني باستخدام هذه الطائرات سابقًا في محاولة لاغتياله.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون، قال إن اعتراض الطائرة من قبل نظام الدفاع الجوي أثبت مرة أخرى يقظة قواته في اعتراض مثل هذه الطائرات، مؤكدًا أن إسرائيل "لن تتسامح مع أي انتهاك لسيادتها أو أي محاولة لإيذاء الإسرائيليين وجنود الجيش سواء عن قصد أو غير قصد"
ورجح ناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن الجيش السوري أطلق الطائرة وأنها ربما دخلت بالخطأ المجال الجوي الإسرائيلي.
وفي القاهرة، قال مصدر ديبلوماسي مصري رفيع المستوى إن ما يتردد حول وجود مبادرة مصرية لحل الأزمة السورية تتضمن مغادرة الرئيس بشار الأسد لمنصبه "كلام غير دقيق". وقال المصدر لـصحيفة الحياة إن الموقف المصري داعم للحل السياسي في سورية عن طريق الديموقراطية وتحقيق تطلعات الشعب السوري وبما يحفظ لسورية وحدة أراضيها ومعارضة أي مخططات للتقسيم على أسس دينية ومذهبية طائفية والوقوف بكل حزم مع إرادة الشعب السوري.
أرسل تعليقك