تستعد الحكومة الكردية وبالتعاون والتنسيق دولي، لتثبيت حلمها الذي طالما حلمت به ليكون على أرض الواقع، تمهيدًا لخطوة الاستفتاء على استقلال الإقليم العام المقبل، حتى تقوم بترسيم الحدود، وضم أراضٍ إضافية خلال المعارك العنيفة التي تخوضها قوات الإقليم مع تنظيم "داعش"، وضمّها للدولة الموعودة، بحسب ما أشارت اليه صحيفة عربية.
ونقلت صحيفة "العربي الجديد" عن مصدر كردي، أن عملية ترسيم فعلية لحدود الدولة الكوردية المقبلة تجري حالياً على الأرض، ولفت الى أن فرقا فنية متخصصة تعمل بإشراف مهندسين بريطانيين وفرنسيين وأميركيين، على حفر خندق لترسيم حدود كردستان، وقد أُنجزت مساحة من الحفر تقدر بأكثر من 100 كيلومتر تبدأ من حدود قضاء خانقين 175 كيلومترا شمالي بغداد (شرقي العراق على الحدود الإيرانية) وتنتهي عند ناحية ربيعة في محافظة نينوى 520 كيلومترا شمالي بغداد، على الحدود السورية.
ويمتد شريط الحدود الافتراضية لإقليم كردستان بطول لا يقل عن 400 كيلومتر. والخندق الحدودي، وفقاً للمصدر الكردي، بعمق ثلاثة أمتار وبعرض مماثل، يتم التحكم به، بواسطة نظام مراقبة إلكتروني.
وأكّد عضو قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، علي عوني، أنّ إقليم كردستان سينظم استفتاء شعبياً بشأن استقلال الإقليم خلال العام الجديد 2016، لافتاً الى أن رئيس الإقليم مسعود بارزاني أوصى بذلك خلال اجتماع لحزبه "الديمقراطي الكردستاني"، عُقد أخيراً، وأنّ الحكومة باتت مُكلفة بالتهيئة للاستفتاء.
وأعلن أن بارزاني أوصى قيادة حزبه في اجتماع عقد يوم 21 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، بالاستعداد لإجراء استفتاء الاستقلال، والتشاور مع بقية الأحزاب الراغبة في الانضمام للمشروع، مبيناً "في جميع الأحوال والظروف، ستُجرى عملية الاستفتاء بشكل منظم خلال العام المقبل 2016".
وأشار إلى أن زيارات بارزاني إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية وغيرها هدفت إلى الحصول على الدعم لموضوع الاستقلال.
وبخصوص حدود الدولة، قال عوني "نحن منشغلون حالياً بموضوع الحدود، المناطق التي تمكنا من استردادها لن ننسحب منها، لأننا ضحينا بالدماء من أجلها".
وأوضح سياسيون كرد وقادة في قوات البيشمركة، أنهم يرسمون حدود دولتهم بالدماء أثناء المعارك التي يخوضونها مع تنظيم (داعش).
ووفقاً لتقديرات المسؤولين في إقليم كردستان، فإنّ قوات البيشمركة باتت موجودة في حوالي 90 في المائة من الأراضي التي يطالبون بها، ولم تبق سوى 10 في المائة من أراضيهم خارج سيطرتهم وتخضع لمسلّحي تنظيم (داعش).
وعن المعوّقات التي تعترض استقلال كردستان، لفت إلى وجود الكثير منها، بينها الأزمة الاقتصادية والحرب ضدّ تنظيم "داعش" والضغوط الداخلية والخارجية، مبيناً "لكن الفرصة قائمة ومهمة في ظل هذه الأزمات، ويجب استغلالها".
وأضاف "نحن على قناعة بأن هناك أطرافا داخلية ضد موضوع الاستقلال".
وأشار في هذا الخصوص إلى حركة "التغيير" التي يقودها المساعد السابق للرئيس العراقي جلال طالباني، نوشيروان مصطفى.
وبين عوني أن "حركة التغيير ليست مع الاستقلال ولا تؤيد الدولة الكردية، لذا سنعمل مع الأحزاب والجهات التي تؤمن بالاستقلال، كما تم تكليف الأجهزة الحكومية لتهيئة الظروف المناسبة لإجراء الاستفتاء".
وأكّد بيان لرئاسة إقليم كردستان، الخميس الماضي، أن رئيس الإقليم أبلغ وفداً قيادياً من حزب "الكادحين"، أن العام الجديد سيشهد تحركات بهدف إطلاق حوارات بين الأحزاب السياسية المختلفة في الإقليم.
وأعلن أن الاجتماع "أكد على أهمية وحدة البيت الداخلي الكردي، حتى يستفيد الكرد من التغييرات المقبلة في الشرق الأوسط والتي ستتضمن تغييرات في الخرائط".
وتوقّع القيادي في حزب "الكادحين" سعد خالد، أن تبدأ الحوارات الداخلية بين الأحزاب في إقليم كردستان مع بداية العام الجديد، موضحاً "أتوقع أن يلتقي البرزاني الأحزاب في العام الجديد، وأن يتم تجاوز الأزمات الموجودة، لأن الفرصة المتاحة أمام شعبنا تاريخية، ويجب الاستفادة منها، وقد رأينا بارزاني خلال اللقاء حريصاً على وحدة البيت الكردي وصفوف الشعب".
ويربط مراقبون كرد بين إعلان الاستقلال، وبين حلول الذكرى المئوية لاتفاقية تقسيم منطقة الشرق الأوسط، التي يطلق عليها سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا.
ويمر في مايو/أيار 2016 قرن كامل على تلك الاتفاقية التي أُعلن عنها في عام 1916، وجرى وفقها تقسيم المنطقة، ومن ضمنها المناطق التي يسكنها الكورد، والتي أصبحت مقسمة على أربع دول في المنطقة هي إيران والعراق وتركيا وسورية.
ويعتقد المراقبون أن المدة الزمنية التي ترتبط بها اتفاقية سايكس بيكو هي 100 عام، وأن انتهاء تلك الفترة سيتيح للكرد إعلان استقلالهم وتأسيس دولة لهم.
وعارضت حكومات الدول الأربع التي تضم المناطق الكردية أي محاولات لتأسيس دولة كردية في المنطقة، لكن التغييرات السياسية والأمنية التي طرأت على المنطقة، بينها إطاحة نظام الحكم في العراق في 2003، ثم الأحداث في سورية منذ عام 2011، والانفتاح التركي على القضية الكردية، ساهمت في ولادة ظروف مواتية في تلك الدول.
وتبيّن لأنقرة أن مجاورة دولة شيعية على حدودها الجنوبية مرتبطة في قرارها بإيران سيتسبب في متاعب لها، وسيحد كذلك من فرص تحقيق مكاسب اقتصادية، بعكس ما إذا كان هناك دولة كردية، خصوصاً إذا ما تم أخذ مستوى التعاون القائم منذ ما يزيد على عقدين بين إقليم كردستان وبين تركيا في المجال الاقتصادي والأفضلية، التي تحصل عليها الشركات التركية للعمل في المنطقة وإمكانية تحول كوردستان الى مصدر مهم للطاقة بالنسبة لتركيا.
أما مواقف العواصم الثلاث الأخرى، دمشق وبغداد وطهران، فقد بات مؤكداً أنّ الأخيرة هي التي توجه مواقف وسياسات العراق وسورية في مختلف القضايا وبينها الاستقلال الكردي. وكشفت تحركات العواصم الثلاث على مدى السنوات الماضية، وحتى الآن أن هذه الجبهة ستقف ضد الدولة الكردية وستسعى لعرقلة ولادتها.
ويعمل الإيرانيون حاليًّا على توظيف أوراق عدّة ضدّ استقلال كردستان، بدءاً من الحصار المالي الذي تفرضه بغداد على الإقليم منذ عامين، ثم قضية تحريك جماعات مسلحة للانتشار على أراضي الإقليم لتأدية أدوار مطلوبة منها في توقيتات معينة، مثل حزب "العمال الكردستاني"، الذي يتحرك وفقاً لأجندة المصالح الإيرانية، إضافة إلى توجيه بعض الأحزاب والجماعات السياسية الكردية لعدم تأييد خطوات الاستقلال.
ولا تخفى الشبهات التي تثار بشأن صلات قد تكون موجودة لكل من دمشق وبغداد وطهران بقادة في تنظيم "داعش"، تنسق بشأن العمليات المسلحة لتستهدف إقليم كردستان وتعرقل خطط الاستقلال.
أرسل تعليقك