واشنطن - رولا عيسى
أعربت الأمم المتحدة عن بالغ قلقها مما وصفته بالاتفاق "العاجل" بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة، وأنه ينطوي على الدفع مجددًا باللاجئين السوريين إلى مناطق الحرب في الشرق الأوسط، من دون توضيح الضمانات الكافية لحمايتهم بموجب القانون الدولي أو التطرق إلى سُبل توفير العمل والرعاية الصحية والتعليم والمساعدات الاجتماعية.
وشكَّك المفوض السامي في الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، من قانونية الاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه أخيرًا، وأساس الاتفاق برنامج تبادل اللاجئين المثير للجدل، وبموجب الخطة، فإن اللاجئين السوريين في الجزر اليونانية سيعودون إلى تركيا، بينما تستقبل الدول الأوروبية طالبي اللجوء الموجودين الآن في تركيـا، ولكن غراندي وخلال حديثه أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، أكد أنه يشعر بالقلق البالغ من الاتفاق علي أيّة ترتيبات تنطوي علي عودة أي شخص من بلدٍ إلى آخر من دون توضيح الضمانات لحماية اللاجئين بموجب القانون الدولي.
وشدَّد غراندي على أن عودة طالبي اللجوء إلى بلادٍ أخرى لابد وأن يصاحبها ضمان بعدم عودتهم مرة أخرى إلى البلد الذي لاذوا بالفرار منه، فضلاً عن ضمان توفير العمل والرعاية الصحية والتعليم والمساعدات الاجتماعية من جانب البلاد التي يعود إليها طالبو اللجوء، وذكر المدير الإقليمي لأوروبا في مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فنسنت كوشيتيل، أن التزام الاتحاد الأوروبي بإعادة توطين 20,000 لاجئ على مدى عامين على أساس تطوعي بقي متدنيًّا للغاية.
وأكد كوشيتيل، خلال مؤتمر صحافي في جنيف، أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تحظر الطرد الجماعي للأجانب، بينما دعت المفوضية العليا في أوروبا إلى ضرورة ضمان توفير التدابير الاحترازية للاجئين العائدين إلى الشرق الأوسط خلال قمة الاتحاد الأوروبي المزمع إقامتها الأسبوع المقبل، وكانت هناك إشادة من جانب قادة الأوروبي على خطة تبادل اللاجئين باعتبارها انطلاقاً عظيماً من شأنه إثناء السوريين عن القيام برحلات خطرة عبر بحر إيجه.
كما أصرّ رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، على أن إرسال اللاجئين إلى تركيا يعد قانونياً ومتمشياً مع اتفاقية جنيف، حيث أوضح نقلاً عن فقرات محددة في إجراء التوجيه بشأن اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي إمكانية رفض البلدان النظر في طلبات اللجوء حال وجود مكان آمن لإعادتهم إليه، ومن ثم حينما قررت اليونان أن تركيا تعد بلداً آمنًا، فإن سياسة العودة كانت حينئذٍ قانونية.
أما جماعات حقوق الإنسان فليست مقتنعة بصفقة التبادل للاجئين، حيث قالت منظمة العفو الدولية إنه من السخيف وصف تركيا كبلد ثالث آمن، في الوقت الذي عاد فيه بعض الفارين إلى سورية وتعرضوا لإطلاق النار خلال محاولتهم عبور الحدود التركية، وأضاف مدير برنامج أوروبا في منظمة العفو الدولية، شون دالهاوزن، أنه حال تطبيق صفقة التبادل بمعناها المطلق، فإن عدد اللاجئين الذين تخطط أوروبا لاستقبالهم سيتوقف على عدد اللاجئين ممن هم على استعداد للمخاطرة بحياتهم من خلال وسائل أخرى.
بينما وعلى صعيد الأكراد الفارين من العراق وسورية وتركيا، كتب المتحدث بإسم الشؤون الداخلية داخل الحزب الديمقراطي الحر، توم بريك، رسالة إلى وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، وكذلك وزير الداخلية، تيريسا ماي، تقول إنهم سيواجهون اضطهادات إذا ما اضطروا إلى العودة لتركيا بموجب اتفاق الاتحاد الأوروبي المقترح، وأشار بريك في رسالته إلى أن الكثيرين من الأكراد كانوا قد فرّوا من العراق وسورية نتيجة الدمار الذي خلفه تنظيم داعش في المناطق الواقعة شمال سورية والعراق، كما أن تصاعد حدة الاعتداءات من قِبل القوات التركية ضد حزب العمال الكردستاني قد أدى إلى محاولة المزيد من الأكراد الوصول إلى أوروبا.
ووصفت ميلاني وارد من لجنة الإنقاذ الدولية، سياسة تبادل اللاجئين ما بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بغير المفيدة ولا تصب سوى في صالح المهربين، وحرص غراندي على تذكير الحاضرين في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بأن الصراع في سورية يدخل عامه السادس، وأن اللاجئين السوريين يواجهون ظروفاً صعبة بشكل متزايد في الأردن ولبنان، حيث يعيش 90% منهم تحت خط الفقر لعدم قدرتهم على العمل ونفاد جميع مدخراتهم.
وفي توبيخ ضمني للاتحاد الأوروبي، أكد غراندي أن الأفغان الذين يراهم الكثير من الدول الأوروبية غير مستحقين للحصول على طلبات اللجوء المشروعة، في حاجة أيضًا إلى حماية عاجلة، ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن 31 منطقة في أفغانستان من أصل 34 شهدت العام الماضي تزايداً في أعداد الفارين من النزاع، كما ارتفع عدد الأفغان المشردين داخلياً إلى مليون شخص، أي بزيادة قدرها 78٪.
وأضاف غراندي، في كلمته التي ألقاها، تزامنًا مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، أنه وفي كثير من الأحيان فإن هناك أشخاصًا لا يدركون كم عدد النساء والأطفال الذين يفرون من الصراعات حول العالم، وذلك خلاف الصورة المعروفة بمحاولة وصول الشباب من الرجال إلى أوروبا بحثاً عن العمل.
أرسل تعليقك