أدت الحرائق التي اندلعت في 5 خزانات كبيرة للنفط في ليبيا أثناء المعارك التي يخوضها الجيش ضد ميليشيات "عملية فجر ليبيا" التي تسعى للسيطرة على منطقة الهلال النفطي، إلى اشتعال الموقف السياسي والعسكري مجددًا.
وحاولت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبدالله الثني الحصول على مساعدات عاجلة لوقف الحرائق، لكن الدول التي استهدفتها الاتصالات مع الحكومة لم تسفر عن أي استجابة ملموسة، وفقًا لما أكده مسؤول ليبي.
وأضاف المسؤول "تم إبلاغنا أنَّه يتعين وقف القتال لكي تتمكن هذه الدول من إرسال طائرات عاجلة لإخماد حرائق النفط"، موضحًا أنَّ "ميليشيات فجر ليبيا مستمرة في هجومها ومحاولة تدمير الموارد النفطية للشعب الليبي"، حسبما ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط".
وأصاب صاروخ صهريجا لتخزين النفط، في ميناء السدر أكبر ميناء نفطي في البلاد الواقع في شرق البلاد، الأسبوع الماضي، بينما أوضح المتحدث باسم قوة الأمن المتحالفة مع حكومة الثني المعترف بها دوليًا، علي الحاسي، أنَّ "النيران امتدت إلى 5 خزانات نفطية في المجمل"، مضيفًا أنهم يحاولون إخمادها، لكنه أشار إلى أنَّ قدراتهم محدودة.
وأعلن رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الذي يتخذ من طبرق بأقصى الشرق مقرًا له، عيسى العريبي، أنَّ أعضاء المجلس طلبوا من إيطاليا المساعدة برجال إطفاء، موضحًا أنَّ إيطاليا أبدت استعدادها للمساعدة في إخماد الحريق في خزانات النفط في ميناء السدر، ولكن بشرط توقف القتال.
والتهمت النيران 3 صهاريج نفطية في مرفأ السدرة النفطي أكبر مرافئ النفط الواقعة فيما يعرف بمنطقة "الهلال النفطي"، بعد إصابة أحد الصهاريج بقذيفة صاروخية أطلقتها "فجر ليبيا" من زورق بحري باتجاه المرفأ.
وكانت وحدات من الجيش قد صدت هجوما عنيفا لمقاتلي "فجر ليبيا" شنته على منطقة "الهلال النفطي من عدة محاور من بينها البحر والصحراء"، وأكد المتحدث باسم غرفة عمليات الجيش وحرس المنشآت النفطية في الهلال النفطي، علي الحاسي، أنَّ "قوات المشاة المتكون معظمها من حرس المنشآت النفطية صدت الهجوم بالمدفعية الثقيلة والمتوسطة، في حين أجبر سلاح الجو من خلال غارات مكثفة القوات المهاجمة على الانسحاب غربًا باتجاه سرت، وأعطبت 3 زوارق بحرية هاجمت بها المرفأ من المياه المقابلة له".
وفيما أعلن عن قتيل من حرس المنشآت النفطية، أضاف الحاسي أنَّ "الزوارق البحرية أطلقت عدة صواريخ باتجاه مرفأي السدرة ورأس لانوف، وأصابت خزانا للنفط جنوب ميناء السدرة بقذيفة صاروخية، وتسببت في احتراقه".
وكانت حكومة الثني قد طالبت، المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته فيما يتعلق بحماية المدنيين في ليبيا، محذرةً من انتشار التطرف في دول الجوار إذا ما تمكن مقاتلو "فجر ليبيا" من احتلال الموانئ النفطية، فيما اعتبر البرلمان أنَّ الهدف من وراء السيطرة على المنطقة الغنية بالنفط "تمويل الأنشطة المتطرفة" في ليبيا والعالم.
وغطت ألسنة اللهب والدخان الكثيف منطقتي السدرة وراس لانوف (130 كيلومتر شرق سرت) بالكامل، مما ينذر بكارثة بيئية في حال عدم السيطرة على النيران التي قد تمتد لبقية صهاريج المرفأ وتأتي عليه.
وكشفت مصادر عسكرية أنَّ 19 جنديًا قُتلوا في سرت والسدرة إثر هجمات لمقاتلي "فجر ليبيا" التي تسببت في احتراق أول خزانات النفط الخام في مرفأ السدرة.
وأطلق مقاتلو "فجر ليبيا" على عملية زحفها مطلع الأسبوع الماضي باتجاه "الهلال النفطي" اسم "عملية الشروق لتحرير الحقول النفطية"، موضحةً أنَّها جاءت بتكليف من المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق والمنتهية ولايته)، لكن قائدها طارق شنينة المصراتي، قتل إثر غارة جوية عقب الهجوم.
وتضم منطقة الهلال النفطي مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت (500 كلم) شرق العاصمة، وتتوسط المسافة بين بنغازي وطرابلس، وتحوي المخزون الأكبر من النفط، إضافة إلى مرافئ السدرة ورأس لانوف والبريقة الأكبر في ليبيا.
وبحسب متحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط، فإن القتال بين الجماعات المتنافسة في البلاد أدى إلى تراجع إنتاج ليبيا من النفط الخام إلى 352 ألف برميل يوميا، وكان السدر ورأس لانوف قادرين على تصدير نحو 300 ألف برميل قبل إغلاقهما.
من جهتها، دانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشدة الهجمات التي تجددت على المنشآت النفطية، والتي تسببت (حسب التقارير الواردة) في نشوب حريق في الخزانات في ميناء سدرة النفطي، ودعت إلى وقف هذه العمليات فورًا.
وحذرت البعثة من التداعيات البيئية والاقتصادية نتيجة أعمال العنف والتدمير في منطقة الهلال النفطي، مضيفةً أنَّها "تدعو القوات على الأرض إلى التعاون لإفساح المجال أمام فرق الإطفاء لإخماد الحريق".
وجددت البعثة الدعوة لوقف جميع الأعمال العسكرية، بما فيها الغارات الجوية التي تهدد بتوسيع نطاق الصراع، معتبرةً أنَّ هذه الهجمات انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن حول ليبيا.
ورأت أنً النفط الليبي ملك لكل الشعب الليبي، وهو عصب الحياة الاقتصادية في البلاد، مشيرةً إلى أنَّه رغم الدعوات المتكررة للبعثة لإنهاء القتال والفصل بين القوات، فإن العنف لا يزال مستمرًا.
وبعدما كررت دعوتها لجميع الجهات لحماية المنشآت النفطية الليبية والامتناع عن أي إجراء من شأنه تعريض هذه الثروة الوطنية الاستراتيجية للخطر، حثت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الأطراف الفاعلة المؤثرة لبذل جميع الجهود الممكنة لإنهاء دائرة العنف عديمة الجدوى.
وأكدت أنَّه لن يكون هناك رابح في الصراع الحالي، وأنَّ العنف المستمر في منطقة الهلال النفطي وبنغازي وغيرها من المناطق في ليبيا سيزيد الشقاق بين الليبيين ويؤدي إلى إلحاق المزيد من الدمار بالبنية التحتية للبلاد وبمؤسسات الدولة، إضافة إلى تأثيره السلبي الخطير على الاقتصاد الليبي، مشيرةً إلى أنَّ هذا التصعيد الأخير في منطقة الهلال النفطي يقوض من الجهود المستمرة لعقد حوار سياسي.
إلى ذلك، اعترف مسؤولون عسكريون في عملية الكرامة التي يقودها الفريق أول خليفة حفتر ضد المتطرفين في بنغازي (شرق البلاد)، بخسارتهم المؤقتة لمواقع عسكرية داخل المدينة.
وأضافوا أنَّ عناصر الجماعات المتطرفة لاسيما من تنظيم "أنصار الشريعة" و"مجلس ثوار بنغازي"، قد نجحت في التسلل مجددا إلى منطقة الليثي، التي تعد المعقل الرئيسي للجماعات المتشددة في بنغازي، مشيرةً إلى قيام هذه العناصر بأعمال انتقامية ضد السكان من مؤيدي الفريق حفتر، بما في ذلك حرق عشرات المنازل وقتل 20 شخصًا على الأقل.
وأوضح مسؤول عسكري أنَّ "المسلحين استغلوا انشغال الجيش في محور الصابري وسط مدينة بنغازي، وباغتوا المواطنين المسلحين الذين يحرسون تلك المنطقة، وسيطروا على أجزاء كبيرة منها"، مشيرًا إلى وقوع أعمال قتل وحرق انتقامية.
واعترف المتحدث باسم عملية "الكرامة"، الرائد محمد الحجازي، أنَّ "عناصر من المتطرفين تسللوا إلى منطقة الليثي مجددا، بعدما كان الجيش قد أوشك على إخلائها من المسلحين".
لكن قوات الجيش سرعان ما حاولت استدراك الموقف بتعزيز وجودها في المنطقة بوحدات من القوات الخاصة (الصاعقة)، إضافة إلى كتيبة دبابات، كما أعلنت أنَّها نجحت في لقضاء على عدد من القناصة كانوا متمركزين فوق المنازل في المنطقة.
وانفجرت سيارة مفخخة أمام مقر الإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية في وزارة الداخلية الليبية في العاصمة طرابلس، بعد ساعات من نشوب حريق في مقر السفارة السعودية في المدينة.
وأوضح مدير الإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية في وزارة الداخلية، العقيد مبروك بوظهير، أنَّ "مجهولين وضعوا سيارة مفخخة أمام المبنى، حيث تم تفجيرها عن بعد"، مضيفًا أنَّ "الانفجار تسبب في حدوث أضرار مادية بالمبنى، دون أن يسفر عن إصابات بشرية"، مشيرًا إلى أنَ الأجهزة الأمنية بدأت في البحث والتحري عن الجناة وتقديمهم للعدالة.
واعتبر أنَّ هذا العمل الذي استهدف مقر الأمن الدبلوماسي هدفه زعزعة الأمن والاستقرار الذي تشهده العاصمة طرابلس، والنيل من عناصر الشرطة القائمين على أمن وحماية مقار البعثات الدبلوماسية.
واندلع حريق مفاجئ في مقر السفارة السعودية في طرابلس، من دون أي أسباب معلنة، وأكد العقيد مبروك أنَّ حريقًا محدودًا قد نشب داخل فناء السفارة السعودية في وسط طرابلس ناتج عن ماس كهربائي، بسبب سقوط الأمطار الغزيرة.
وأوضح مبروك في تصريحات لوكالة الأنباء الموالية للحكومة الموازية التي يترأسها عمر الحاسي، والتي تسيطر على العاصمة منذ تموز/ يوليو أنَّ عناصر هيئة السلامة الوطنية تمكنوا من إخماد الحريق، وذلك بعد ورود معلومات من أعضاء الأمن الدبلوماسي المكلفين بحماية السفارة بوجود دخان يتصاعد في مقر السفارة، مضيفًا أنَّ الحريق تسبب في احتراق 3 سيارات كانت متوقفة داخل مقر السفارة.
وأضاف أنَّه تم الاتصال هاتفيًا بالسفير السعودي، وإبلاغه بالحريق، وطمأنته بالسيطرة عليه، مشيرًا إلى أنَّه تم فتح تحقيق في الحادث من قبل الإدارة ومركز شرطة الأوسط.
وكانت السفارة السعودية في طرابلس قد أغلقت أبوابها وغادر طاقمها الدبلوماسي إلى المملكة في 19 أيار/ مايو الماضي.
من جانبه، أعلن وزير الداخلية الليبي، عمر السنكي، أنَّه خاطب بشكل كتابي وعاجل سفراء دول كل من أميركا وألمانيا وإيطاليا، المعتمدين لدى دولة ليبيا، وطالبهم بتقديم المساعدات العاجلة من أجل إطفاء الحرائق، وإيقاف الأضرار الخطيرة الناتجة عنه والسيطرة على تداعياتها البيئية.
أرسل تعليقك