كشف أحد أقارب زعيم تنظيم "داعش" المتطرف أبو بكر البغدادي، والمعتقل بتهمة المشاركة في جريمة قاعدة سبايكر، أنَّه ينحدر من عائلة متطرفة محضة، فوالده من الأمراء في الموصل وشقيقاه مقاتلان لدى تنظيم "داعش" المتطرف، احدهما رفيق قديم لزعيم التنظيم منذ أن كانا مسجونين في "بوكا"، أما شقيقته فهي زوجة البغدادي.
وأوضح أحمد أنه وقع في قبضة الحشد الشعبي بعدما استبدل الزي الأفغاني بملابس أخرى وركض مسرعًا إلى النهر ليجتازه سباحة في تكريت، مشيرا إلى أنه حيلته حين زعّم أنه مخبرٌ لدى ضابط في الجيش، لم تنفعه بل انكشف وسلم أمره معترفًا باشتراكه في جريمة معسكر سبايكر.
وعلى الرغم من أن أحمد كان يعمل ميكانيكيًا للعجلات في حي الجمعية التابع لتكريت، بايع تنظيم "داعش" في العام 2013، ولم يمنعه ذلك عن ممارسة هوياته في السرقة، حتى قُبض عليه وحُكم بالحبس لمدة عام واحد، وأودع لدى مركز لشرطة الأحداث وسط المدينة؛ لأنه لم يتخط حينها الـ 18عاما.
وتتألف عائلة أحمد من أب يعمل كأحد أمراء "الحسبة" في ولاية نينوى، وشقيقين أنخرط الأول في صفوف القاعدة قبل أن يُقتل في جنوب بغداد خلال المواجهات مع القوات الأميركية في العام 2006، أما الآخر فهو مقاتل لدى "داعش" ويسكن الموصل أيضًا.
وشقيق أحمد رافق إبراهيم عواد البدري المعروف حاليًا بأبي بكر البغدادي (زعيم داعش)، عندما كان الاثنان في سجن بوكا خلال العام 2004، وافترقا بعد إطلاق سراحيهما.
والتقى الصديقان مرة أخرى في الموصل بعد سقوطها بيد التنظيم المتطرف في منتصف العام الماضي، واستمر التقارب بينهما حتى تزوج البغدادي من شقيقة أحمد المدعوة إسراء.
وامتد نشاط التنظيم إلى تكريت فوقعتْ هي الأخرى أسيرة بيده في العاشر من حزيران، يونيو 2014، وخرج من السجون جميع الموقوفين بمن فيهم أحمد الذي عاد إلى بيته ليتعرف على القائد الشرعي لولاية صلاح الدين مجددًا البيعة أمامه.
ووفق النظام العسكري لداعش، فإن المقاتلين يباشرون في مهامهم مدة شهر كامل، مقابل منحهم إجازة لـ14 يومًا، وفي يومه الأول بعد البيعة، انتقل أحمد على سيطرة (الأقواس) المواجهة لجامعة تكريت لاستقبال منتسبي قاعدة سبايكر المنسحبين، وهناك اشرف على اختطاف 50 جنديًا، تم اقتيادهم مع رفاقهم الأسرى إلى منطقة القصور الرئاسية.
ولم تكن أعمال أحمد عسكرية في بداية الأمر، بل اقتصرت على الجوانب الإدارية والخدمية في تقديم الطعام إلى أمراء القواطع، وصدرت الأوامر بألا يترك الإداريون القصور، لكن أحمد عرّف بأن عمليات إعدام قد بدأت بحق منتسبي قاعدة سبايكر منذ الساعات الأولى التي تلت عملية الاختطاف، حتى جاء اليوم الرابع حيث طلب والي صلاح الدين إشراكه ومن معه في الجريمة فكانت حصته نحو 7 جنود أطلق على رأسهم النار من المنصة التي ظهرت في المقاطع الفيديوية، ومن ثم رميهم في النهر.
وعاد أحمد إلى نينوى حيث هربت عائلته، ليتمتع بإجازته، وعبر سيطرات التنظيم التي تدقق بواسطة (بصمة العين) الوافدين والخارجين من المدينة، وعلّم بأن أخته قد تزوجت، وطلب منه والده أن يتهيأ للقاء زوجها.
وفي اليوم التالي توجّه الاثنان إلى أحد المنازل وسط نينوى، وكانت المنطقة تشهد إجراءات أمنية مشددة، لكن أحمد تفاجأ بأن الحرس المنتشرين تساهلوا معه كثيرًا وسمحوا له بالمرور إلى عقر الدار بنحو مباشر، على العكس من بقية المتواجدين فقد تعرضوا إلى تفتيش دقيق.
وقف البغدادي في الرواق الأيمن ويرتدي (دشداشة بيضاء)، ويكتفي أحيانًا بتحية زوراه من دون المصافحة، أما التقبيل فهو غير جائز، ولم تكف تحية أحمد لزوج أخته في التعرّف على شخصيته، فقد علّم بأنه الخليفة من خلال والده؛ لأنه ظهر بشكل مختلف عمّا مألوف في صوره المنتشرة في الإعلام.
وخلال الجلسة التي استغرقت نحو نصف ساعة، استمع الحاضرون للبغدادي وهو يوجّه بضرورة تطبيق أحكام الشريعة، وأبدى تخوّفه من التائبين (أفراد الشرطة والجيش)، كما حذر البغدادي من التهاون في معركة تكريت، الذين ناشد ممثلون عنها بمزيد من المقاتلين العرب لتحصين دفاعاتهم، لكنه اعتذر عن تلبية هذا الطلب، متذرعًا بأن الأوضاع الحالية لا تسمح بذلك.
وبعد انتهاء مدة الإجازة، التحق أحمد في "جند الخلافة" في تكريت، وحصل على امتيازات عدة؛ لأنه من أقارب زعيمهم، أضيف على عمله في الخدمات، مهام أخرى تتعلق بإيصال الأسلحة المهرّبة من مدينة الرقّة السورية إلى صلاح الدين، وكان دوره يبدأ عند حدود قضاء بيجي فهو ينقل الشحنة إلى المشجب في القصور الرئاسية.
واحدة من الشحنات راقت له ودفعته إلى الطلب من حرس المشجب وهم من غير العراقيين، سحبها بحجة إيصالها إلى حي القادسية، ولم يعارضوا خوفًا من المحاسبة، لكنه سارع لبيعها إلى مهرّب للأسلحة لقاء مبلغ 40 ألف دولار.
وجاءت فرق التفتيش من الرقّة لكي تتطلع على الأسلحة واكتشفت السرقة، واعتقل جميع الحرس إلا هو الذي كان فوق الشبهات نظرًا لمكانته في الخلافة المزعومة، حتى قُبض على المهرّب الذي اشترى الشحنة واعترف عليه.
وأودع أحمد في سجن انضباطي داخل تكريت، غير أن معاملته كانت من نوع خاص فلم يتعرض لأي أذى، بل حصل على عفو خاص من البغدادي عاد على أثره لممارسة عمله.
وكرّر السرقة مرة أخرى حين طُلب منه توزيع الرواتب على المقاتلين التي تصل إلى 48 مليون دينار، لكنه استولى عليها وأحرق عجلته متذرعًا بأنها تعرضت إلى قصف جوي وداخلها المبالغ المالية.
وبعد زيادة الشكوك حول أمانته، قرّر أحمد ترك السرقة، والتفرغ إلى السيطرات العسكرية والأمنية التي انتدب إليها.
وعشية هجوم القوات الأمنية على تكريت، بقي ومعه 37 مقاتلًا محليًا حتى الساعات الأخيرة، بعدها انسحب الجميع إلى صحراء الجزيرة، تاركين خلفهم خسائر نحو 100 قتيل عربي وأجنبي ضمن قاطع عملياتهم –جميعهم من الانتحاريين-
واشترك أحمد في عمليات الاعتداء على مصفى بيجي، وفي كل مرة يتلكأ في الهجوم خشية على حياته، ويتخلص من عقاب الخلافة بمعلومات يمنحها لقادته عن تحركات القوات الأمنية؛ لأنه يهرب إلى جبهتها ومن ثم يعود.
وفي آخر هجوم فاشل قرّر أحمد العبور إلى سامراء بعد أن استبدل زيه الأفغاني بـ(تراكسود)، واجتاز نهر دجلة سباحة، فتفاجئ بكمين للحشد الشعبي حاول التخلص منه بالمرور مع المدنيين، لكنه تعرض إلى المساءلة؛ لأن مظهره كان يبعث على الشك.
وادعى في البداية أنه يعمل مصدر معلومات لصالح أحد ضباط قيادة عمليات سامراء، لكن أفراد الحشد أخذوه إليه وأنكر هذا الضابط وجود أي صلة معه.
وبعد سلسلة من التحقيقات اعترف بقصته، وسُلم إلى الهيئة التحقيقية القضائية المكلفة بملف سبايكر، التابعة للمحكمة المركزية في بغداد، بوصفه أحد المشاركين في الجريمة.
أرسل تعليقك