قرَّر مجلس النواب الليبي، المنعقد في طبرق، تأجيل جلسة مناقشة التشكيل الحكومي الثاني، واستدعاء رئيس الحكومة المكلف فائز السراج للمثول أمام البرلمان؛ لمناقشة مواصفات الوزراء كل على حدة.
ولاقى التشكيل الثاني لحكومة الوفاق الوطني، المنبثقة عن اتفاق الصخيرات في المغرب، سلسلة اعتراضات جدية، فور الإعلان عنها ليلة الاثنين الماضي، وأتى التحفظ الأبرز من جانب عضوين في المجلس الرئاسي لحكومة الصخيرات يمثلان قائد الجيش الليبي، الفريق خليفة حفتر.
وتركزت العقدة الأبرز على ترشيح المهدي البرغثي المناهض لحفتر لمنصب وزير الدفاع، إذ يسود اعتقاد بأن البرغثي هو الذي وقف وراء انشقاق الناطق باسم "الكرامة"، محمد الحجازي، عن حفتر قبل أيام وكيّله الاتهامات إلى قائد الجيش بارتكاب تجاوزات والانخراط في فساد.
وذكر عضو المجلس الرئاسي لحكومة الصخيرات، علي القطراني، المحسوب على حفتر، بعد انسحابه من مشاورات تشكيل الحكومة، قائلًا: لن نسمح بتنفيذ أجندات ومؤامرات الإخوان المسلمين، ولن نسمح بتمرير الحكومة الإخوانية التي لم أحضر مراسم تشكيلها.
ودعا القطراني إلى إسقاط رئيس الحكومة السراج الذي اعتبره "رأس الأفعى"، مشيرًا إلى وجود أعضاء في الحكومة لا يريدون تسليح الجيش الليبي، وأن هناك 3 أعضاء من المجلس الرئاسي غير معترفين بشرعية برلمان طبرق، وأنه أجرى اتصالات مع نواب في طبرق وأكدوا رفض الحكومة وإسقاط السراج.
وأوضح العضو المنسحب من المجلس الرئاسي، عمر الأسود، أن تشكيل الحكومة الذي تم الإعلان عنه، أتى في ورقة جاهزة من خارج المجلس الرئاسي، وأنه يضم 3 أسماء من المتهمين بقضايا فساد ما زالت قيد التحقيق، ومنهم من صدر حكم في حقه، محذرًا من أن تمرير الحكومة سيتيح سرقة الأموال المتبقية للشعب الليبي، ومعلنًا إخلاء مسؤوليته من الحكومة وتشكيلتها وأسمائها، بحسب قوله.
ولم تستبعد مصادر في طبرق أن يكون استدعاء السراج للحضور إلى المجلس اليوم، هدفه مساءلته بشأن شخصيات مثيرة للجدل تضمنها تشكيله الحكومي الجديد، لاسيما المرشح لوزارة الخارجية محمد الطاهر سيالة، والذي شغل منصب الأمين المساعد للجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي، ونائب وزير الخارجية، في عهد العقيد الراحل معمر القذافي.
وأضافت المصادر أن ثمّة قرارًا من المجلس الوطني الانتقالي غداة الثورة على نظام القذافي، بالحجز على أرصدة سيالة؛ للدور الذي لعبه في إخفاء أرصدة وأموال في الخارج، ذلك أنه كان يعتبر ذراع القذافي في الاستثمارات الخارجية.
كذلك رشح السراج لوزارة التخطيط الطاهر الجهيمي، الذي كان يتولى منصب أمين اللجنة الشعبية للتخطيط "وزارة التخطيط" في عهد القذافي، ويعني ذلك أن تشكيل السراج ضمّ عضوين بارزين "على الأقل" من عهد القذافي.
بينما اعتبر مقربون من السراج أن استدعاءه إلى طبرق قد يكون مقدمة لإقرار تشكيله الحكومي، باعتبار أن الاستدعاء اقترن بطلب إحضار السير الذاتية لمرشحيه الوزاريين، وأشارت المصادر ذاتها إلى ضغوط ربما يكون مارسها وزير الخارجية الأميركي جون كيري على رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح؛ من أجل إقرار التشكيل الثاني، تمهيدًا لبدء عملية معقدة لإدخال الحكومة إلى طرابلس وتأمينها هناك.
لكن مصادر في مجلس النواب، ممثلة للشرق الليبي، اعتبرت أن ما يحدث في الصخيرات "عبث لا يمثلنا ولا يعنينا في برقة"، بحسب قوله، مضيفًا: إذا استمرت الأمور على هذا المنوال فإن نواب برقة سيطالبون البرلمان بإعلان فشل أطراف اتفاق الصخيرات في تشكيل حكومة.
أرسل تعليقك