واصل مسلحو تنظيم "داعش" وبينهم عدد كبير من الأجانب، استهدافهم للمنشآت في الهلال النفطي وسط ليبيا، غداة اجبارهم على الانسحاب إلى منطقة وادي بوكحيلة غرب ميناء السدرة حيث دارت اشتباكات بينهم وبين حرس المنشآت النفطية، أسفرت عن سقوط 7 قتلى وعدد من الجرحى في صفوف الحرس.
وذكر محمد الحراري الناطق باسم المؤسسة الوطنية للنفط أن حريقاً اندلع في خزان في السدرة بعدما قصفه مسلحو "داعش" الذين استهدفوا أيضاً خطاً للأنابيب اشتعلت فيه النار أيضاً.
وأبدى الحراري مخاوفه لاستحالة إخماد الحرائق في الهلال النفطي لصعوبة الوصل إلى المنطقة في ظل الاشتباكات، مشيرًا إلى استهداف المنطقة بالقصف فيما كان رجال الإطفاء على وشك احتواء حريق اندلع في خزان للنفط في ميناء رأس لانوف المجاور الذي أصيب في اشتباكات الأثنين.
وفي وقت تعذّر فيه الحصول على معلومات نتيجة انقطاع الاتصالات في المنطقة، نقلت تقارير عن الناطق باسم حرس المنشآت علي الحاسي أن "المعارك تواصلت اليوم مع "داعش" وشارك فيها الطيران" الذي قصف أهدافًا للتنظيم.
وأضاف الناطق أن الاشتباكات "تركزت جنوب غرب منطقة السدرة على بعد 20 كلم" من الميناء، وزاد: "لدينا سبعة شهداء و25 جريحًا". ولم تتوافر معلومات دقيقة عن الخسائر في صفوف "داعش"، لكن مصادر مطلعة أكدت لـ "الحياة" أن أربعة قتلى على الأقل سقطوا في صفوف التنظيم في معارك الثلاثاء.
وقال العقيد مصطفى الشركسي الناطق باسم سلاح الجو الليبي التابع لرئاسة الأركان في طرابلس، إن طائرات انطلقت من قاعدة مصراتة الجوية، نفّذت غارات عدة على "داعش"، وأجبرتها على التراجع في اتجاه بن جواد، فيما أعلنت رئاسة الأركان في طرابلس انها "في حال تنسيق تام" مع حرس المنشآت لصد هجمات "داعش".
وأعلن محمد منفور، آمر غرفة العمليات الجوية في بنغازي التابعة لقيادة اللواء خليفة حفتر، عدم مشاركة قواته في صد هجوم "داعش" في الهلال النفطي، "لوصول تعليمات من القيادة بعدم المشاركة". ولم يعط منفور مزيداً من التفاصيل، لكن مراقبين عزوا ذلك الى حال نفور بين قيادة حفتر وحرس المنشآت.
وقال مصدر بجهاز حرس المنشآت، إن عنصراً من الحرس قتل وجرح آخرون في هذه الاشتباكات التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، فيما شاهد سكان بلدة رأس لانوف أعمدة الدخان تتصاعد فوق منطقة الاشتباكات. وأكد المصدر تعرض أحد الخزانات النفطية للقصف من قبل مسلحي داعش، موضحاً أن الاشتباكات تدور على بعد 10 كم غرب السدرة، و30 كم غرب رأس لانوف.
وقال حارس لوكالة رويترز، إن انتحاريين يقودان سيارتين هاجما ميناء السدرة، وبعد ذلك تراجع المسلحون، وإن صاروخاً أصاب خزان النفط قرب رأس لانوف على بعد 20 كيلومتراً من السدرة. وقال ناطق باسم المؤسسة الوطنية للنفط إن الخزان كان يحتوي على نحو 400 ألف برميل من النفط. ولاتزال المؤسسة الوطنية للنفط تحاول إخماد الحريق. وذكر التنظيم أنه هاجم ميناء السدرة بعد الاستيلاء على مدينة بن جواد. لكن لم يتسن تأكيد سقوط المدينة من مصدر مستقل.
وكانت عناصر من "داعش" شنت الاثنين، هجوماً كبيراً للسيطرة على ميناء السدرة النفطي الذي يبعد نحو 180 كيلومتراً عن معقل التنظيم مدينة سرت الساحلية.
وأكد مصدر عسكري أن القوات الجوية التابعة للجيش الوطني الليبي التابع للحكومة المؤقتة المعترف بها دولياً تتصدى للهجوم. وقال علي الحاسي الناطق باسم حرس المنشآت النفطية لوكالة الأنباء الألمانية، إن اشتباكات الثلاثاء بين داعش وعناصر حرس المنشآت النفطية أسفرت عن مقتل جنديين من الحرس، إضافة إلى أكثر من عشرة من عناصر التنظيم. وفي ميناء رأس لانوف النفطي القريب جرى بشكل كبير احتواء حريق كان اندلع في صهريج نفطي أيضاً، الاثنين، إلا أن النيران مازالت مندلعة.
أصيب الليبيون بصدمة بعد إصدار تنظيم "داعش" بيانًا نعى فيه "أبو عبدالله الأنصاري" أحد الانتحاريين الذين شاركوا في الهجوم على ميناء السدرة النفطي الأثنين. وأرفق التنظيم بيانه بنشر صورة الانتحاري، وتبيّن أنه فتى في 15 من عمره فُقد من منزل عائلته في طرابلس قبل أربعة أشهر.
وقال جيران العائلة إن الطفل اسمه عبد المنعم ضويلة، من مواليد عام 2000 وفي الصف الثالث إعدادي. واختفى من منزل أسرته وتوجه إلى سرت (وسط) حيث انضم إلى "داعش" بعد تجنيده من قبل خلايا التنظيم في العاصمة. ويعتقد بأن الفتى خضع لعملية غسل دماغ خلال ارتياده مسجدًا لتلقي دروس في الدين قرب منزل ذويه.
وأفادت مصادر أمنية لـ "الحياة" بأنه بعد تلقي بلاغ عن اختفاء عبد المنعم، أظهرت مراقبة هاتفه الجوال أنه في مدينة الخمس (شرق العاصمة). وأضافت المصادر أن الهاتف أغلق لاحقًا. وبعد مدة، اتصل عبد المنعم بشقيقه في طرابلس وقال له: "انا في سرت وأجاهد مع داعش"، وانقطع الاتصال به. وقال رفاق عبد المنعم، إنه كان مهذبًا وخجولًا.
يُشار إلى أن القدرة التصديرية لميناء السدرة تتجاوز 300 ألف برميل يوميًا، إلا أن التصدير تراجع إلى نحو 65% نظرًا لحالة الفوضى التي تعانيها البلاد.
أرسل تعليقك