شن زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي، هجومًا عنيفًا على التجمُّع اليمني للإصلاح متهمًا إياه بالتواطؤ مع "القاعدة".
وأعلن في خطاب ألقاه مساء الخميس، أن جماعته تصرعلى تشكيل المجلسين الوطني والرئاسي، كما هاجم السعودية والرئيس عبد ربه منصور هادي متهمًا إياه بـ "الخيانة الوطنية" و"الارتهان لأميركا والسعودية".
وذكر الحوثي، أن تجمُّع الإصلاح يتحالف مع "القاعدة" في مأرب وشبوة، وقلَّل من مخاوف حول إمكان تراجع الدعم السعودي للاقتصاد اليمني، مشيرًا إلى وجود "بدائل للعلاقات السياسية في العالم الإسلامي"، وملمحًا إلى إيران.
وأكد هادي، خلال لقائه مبعوث الأمم المتحدة جمال بنعمر في عدن، جنوب اليمن، الخميس، تمسّكه بالحوار في سياق الشرعية الدستورية ومخرجات الحوار الوطني.
وهدد قادة حوثيون بحل الأحزاب في غضون أسبوع، إذا أصرت على الاعتراف بشرعية هادي وعلى رفض "الإعلان الدستوري" الذي أصدرته الجماعة.
وبدأت مدينة عدن تتحول إلى عاصمة بديلة لصنعاء منذ وصول هادي إليها، السبت الماضي، وتراجعه عن استقالته.
وأعلن السفير السعودي محمد بن سعيد آل جابر، أن السفارة تباشر رسميًا أعمالها في عدن، ويتوقع أن يلتحق به عدد من سفراء دول الخليج والدول الغربية.
وكان مجلس الأمن رحّب في بيان أصدره ليل الأربعاء بتحرك الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي بحرية بعد تخلصه من الإقامة الجبرية التي فرضها عليه الحوثيون في صنعاء، داعيًا جماعتهم إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن رئيس الحكومة خالد بحاح والوزراء، وكُل مَنْ وُضِعوا في الإقامة الجبرية أو اعتُقِلوا في شكل تعسفي.
وحضّ البيان الأطراف المعنيين على تسريع الحوار بعد نقله إلى مكان يحدده مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر.
كما رحب المجلس باستعداد هادي لـ "الانخراط بحسن نية في المفاوضات السياسية التي تُجرى في رعاية الأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة".
وتواصلت التظاهرات الحاشدة في مدن يمنية رفضًا لانقلاب الحوثيين، وتأييدًا لشرعية هادي، غداة سيطرة الحوثيين على معسكر للدفاع الجوي في مدينة الحديدة (غرب) بعد ساعات من اشتباكات أوقعت قتلى وجرحى.
ويعد المعسكر واحدًا من أكثر المعسكرات تسليحًا ويحتوي على مخازن السلاح التابعة للمنطقة العسكرية الخامسة.
وردد آلاف من المتظاهرين في مدينة البيضاء شعارات مناهضة للحوثيين، ونُظِّمت تظاهرة حاشدة في مدينة ذمار رفضًا لانقلاب الجماعة وتأييدًا للرئيس هادي.
واستقبل هادي في عدن عددًا من قادة الأحزاب الذين كسروا حصارًا فرضه الحوثيون عليهم في صنعاء.
وقالت مصادر حزبية لـ "الحياة": "أنهم اتفقوا مع الرئيس على استمرار الحوار ونقله إلى تعز أو عدن".
كما التقى هادي قيادة السلطة المحلية لمحافظة مأرب التي استعصى على الحوثيين دخولها.
وذكرت مصادر قريبة من الرئيس أنه أكد خلال لقائه أمس بنعمر "ضرورة مواصلة الحوار في إطار الشرعية الدستورية ومخرجات الحوار الوطني التي أجمعت عليها مختلف القوى والشعب اليمني".
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مبعوث الأمم المتحدة قوله خلال مؤتمر صحافي في عدن، أنه أعرب لهادي عن أمله بـ "أن تكون عودته لمزاولة مهامه عاملًا مساعدًا في إخراج اليمن من الأزمة".
وزاد أنه ناقش مع الرئيس "الأوضاع الشاذة في اليمن وسبل الخروج منها بطرق سلمية"، مشددًا على أن هادي "متمسك بالحوار لحل الخلافات ودان اللجوء إلى العنف لتحقيق أغراض سياسية".
وذكرت مصادر سياسية يمنية، أن مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن جمال بنعمر، بدأ، الخميس زيارة إلى عدن من أجل لقاء الرئيس عبد ربه منصور هادي وبحث تطورات الأوضاع معه، وهو ذات الغرض الذي زار لأجله عدن محافظ مأرب النفطية في شرق البلاد.
وقالت مصادر يمنية، إن هدف زيارة بنعمر إلى عدن، هو إجراء مشاورات مع الرئيس هادي بشأن مستقبل الحوار السياسي ومقر انعقاده مستقبلًا، بعد أن طلب هادي نقل الحوار إلى مدينة أخرى آمنة غير العاصمة صنعاء التي يحتلها الحوثيون.
وذكرت مصادر لـ"الشرق الأوسط": "أن بنعمر وهادي بحثا أبرز المستجدات على الساحة اليمنية وكيفية إدارة شؤون الدولة (مؤقتًا) من عدن، وخيار نقل الحوار إلى مدينة أخرى غير صنعاء".
وأكدت المصادر أن "المدينة التي سينقل إليها الحوار هي تعز والتي جري التوافق بشأن نقل الحوار إليها، لكن المصادر أعربت عن اعتقادها أن الحوثيين "ربما لن يوافقوا على ذلك في الوقت الراهن أو أنهم سيوافقون ثم سيضعون عراقيل أمام استئناف الحوار ونجاحه ووصوله إلى نتائج".
وفي سياق ردود التصعيد، هدد قادة حوثيون أعضاءًا في "اللجنة الثورية" التابعة للجماعة بحل الأحزاب في غضون أسبوع، إذا لم يتم التوافق على حل للأزمة يستبعد هادي الذي اعتبرته الجماعة "مطلوبًا للعدالة" وأحالته إلى النيابة العامة.
وكان الحزب الاشتراكي وحزب "التجمع اليمني للإصلاح" أعلنا تعليق مشاركتهما في الحوار، احتجاجًا على انتهاكات الحوثيين الذين أوقفوا القيادي الإصلاحي محمد قحطان ومنعوه من السفر إلى عدن، كما منعوا الأمين العام للتنظيم الناصري عبدالله نعمان من السفر عبر مطار صنعاء للقاء هادي.
وتسود مخاوف من إصرار الحوثيين على موقفهم المتصلب إزاء شرعية الأخير، ورفض الحلول التوافقية، واحتمال لجوئهم إلى القوة للسيطرة على مأرب وتعز.
ويجري هادي لقاءات مكثفة في عدن مع قيادات في السلطات المحلية في المحافظات الجنوبية والشرقية وبقية المحافظات التي ترفض الانصياع لسلطة الحوثيين.
والتقى هادي، الخميس، عدد من قيادات الأحزاب السياسية الذين قاموا بزيارة عدن لمقابلته.
وقال أمين عام حزب العدالة والبناء عبد العزيز جباري، إن لقاء ممثلي الأحزاب السياسية بهادي استمر أكثر من ساعتين، ونقل جباري بعضًا مما طرحه الرئيس في اللقاء وهو تأكيده على أن "الشرعية الدستورية قائمة وأن ما حدث في صنعاء هو انقلاب كامل الأركان ويجب إعادة الأمور إلى مكانها الصحيح وأن زمن استخدام السلاح انتهى، ونحن في زمن القرن الواحد والعشرين زمن المنطق والعقل". وأضاف هادي: "نقول للإخوة الحوثيين يدنا ممدودة لكم، اطرحوا السلاح واخرجوا من مؤسسات الدولة وتحاوروا معنا بالمنطق والحجة ونحن مستعدون أن نصل وإياكم إلى حلول ترضي كل اليمنيين".
وأضاف النائب جباري أنه عندما سألوا الرئيس عبد ربه منصور هادي عن استقالته ثم سحبها، رد بالقول: "بعد الهجوم على دار الرئاسة ومنزلي تقدم الحوثيون بطلب إصدار نحو 130 قرارًا (جمهوريا) بتعيينات لنائب رئيس جمهورية ونائب رئيس حكومة ونواب وزراء ورؤساء الجهاز المركزي للرقابة والأمن السياسي والأمن القومي وغيرها من المواقع".
وأردف "عندما قدم الطلب صالح الصماد (رئيس المجلس السياسي لحركة أنصار الله (الحوثية) قال هذا الطلب غير قابل للنقاش، فقال الدكتور عبد الكريم الإرياني هذا يعتبر البلاغ رقم واحد، أجابه مهدي المشاط (مدير مكتب عبد الملك الحوثي) البلاغ موجود وأبلغني رسالة من عبد الملك الحوثي أنه إذا لم تذع هذه القرارات الساعة التاسعة مساء، فإنه غير مسؤول عما سيحدث.. قلت له ما يهمك الساعة التاسعة سوف يصير خيرًا".
وتابع "ثم طلبت المستشارين ورئيس مجلس النواب وقدمت استقالتي المسببة إلى مجلس النواب، حسب الدستور، وقلت لهم أرجوكم لا أحد يناقشني في موضوع الاستقالة وأرسلتها لوكالة الأنباء سبأ ولكنها لم تذع بسبب سيطرة الحوثيين على الوكالة".
وتابع النائب جباري: "سألت الرئيس كيف خرج من صنعاء ووصل إلى عدن رغم وجود حراسات حول البيت وهل صحيح أن الرئيس السابق ساعده أو أي جهة أخرى لأن هناك تكهنات بأن جمال بنعمر هو من عمل على إخراجك وغيرها من الروايات"..
فقال الرئيس هادي: "لا دخل لأحد بالموضوع.. أنا خرجت من الحوش (الفناء الغربي بسيارة فيها ثلاثة أشخاص فقط ومررنا بطرق غير معبدة من سيارة إلى سيارة أخرى ومن مهرب إلى مهرب حتى وصلنا إلى عدن، واعتبر خروجي ووصولي إلى عدن نصرًا لأبناء اليمن الطيب الكريم ونصرًا للسلم والأمن وليس للحرب والخراب".
وتطرق هادي في لقائه وفد الأحزاب السياسية اليمنية إلى الدول الخليجي، مؤكدًا أن "ما يحدث في اليمن ليس ببعيد عن الصراع الإقليمي وبأن الأشقاء الخليجيين أصبحوا يدركون أن فشل المبادرة الخليجية فشل كامل للدور الخليجي في اليمن وانتصار لغيرهم".
وطالبت الهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال (الهيئة)، إحدى الفصائل السياسية الجنوبية، المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر، بالشروع في "مفاتحة مجلس الأمن للأمم المتحدة لاتخاذ الخطوات والإجراءات المناسبة لوضع نهاية لاحتلال الجنوب العربي من قبل اليمن ليستعيد شعبنا أرضه..
وتضمنت رسالة موجهة لبنعمر، حصلت "الشرق الأوسط" على نسخة منها، ستة مطالب هي: "نطالبكم بمبادرة سياسية خاصة لمناقشة الوضع في الجنوب العربي والخروج بقرارات حاسمة تصون الحق الشرعي لشعب الجنوب العربي في إقامة دولته الجنوبية المستقلة، نرجو منكم ألا تتجاهلوا السياق الوطني والسياسي لقضية شعبنا، لأنها قضية شعب ودولة، وألا تسمحوا بربطها بسياسات دولة الاحتلال".
نطالبكم برعاية تفاوض ندي بين الشعب الجنوبي والشعب اليمني، وبإشراف إقليمي ودولي. نأمل منكم المساعدة في عدم نقل صراع قوى النفوذ والمصالح اليمنية من صنعاء إلى عدن".
"نطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب شعب الجنوب العربي ضد أي غزو جديد يؤكد الاحتلال اليمني الذي يقع تحته الشعب الجنوبي منذ حرب 1994 الظالمة.
"نؤكد لكم يا صاحب المعالي أن شعب الجنوب العربي سيظل مستمرًا في نضاله السلمي حتى تحقيق أهدافه المشروعة والمتمثلة بالتحرير والاستقلال وبناء الدولة الجنوبية كاملة السيادة".
أرسل تعليقك