بغداد - نجلاء الطائي
تعمل قوات "البشمركة" على تدريب مقاتليها استعدادًا للحرب ضد "داعش"، ويقع موقع التدريب بالقرب من سرية الحراسة للحفاظ على سلامة المقاتلين، وفي الماضي توقفت دراسة المقاتلين نتيجة الصراع والفقر لكنهم حاليًا يحصلون على تدريبات ليلية حتى يتمكنوا من إنقاذ حياتهم.
وانضم شكر ميرو (33 عامًا) إلى مقاتلي "البشمركة" في جبهة مخمور وتقع على بعد 36 ميلًا من "أربيل"، وأضاف ميرو بعد الدرس الكردي المسائي: "يزعجني حقًا كوني لا أستطيع قراءة علامات الطريق، عندما نذهب إلى الخط الأمامي أو لاستعادة إحدى القرى يكون هناك ملصقات تحذرنا من لمس الأشياء الضارة لكني لا أستطيع قراءتها".
وأوضح ممثل وزارة شؤون "البشمركة" الميجور كمال راشد، سقوط عشرة رجال من قوات "البشمركة" في أيدي تنظيم "داعش" لأنهم لم يستطيعوا قراءة علامات الطريق وذهبوا في الطريق الخطأ، ومنذ بداية الحرب قتل حوالي 1300 من "البشمركة" فيما أصيب سبعة آلاف مقاتل.
وأضاف راشد، أن هناك حاجة لمزيد من التعليم لجنود "البشمركة" بحيث يستفيدون من برنامج تدريب التحالف الذي يهدف إلى تعليمهم المهارات الأساسية في ساحة المعركة.
وأردف: "يتمثل هدف المدرسة الليلية في بناء قوة عسكرية متعلمة في كردستان، وتتناسب مواعيد المدرسة الليلية مع طبيعة عمل جنود البشمركة الذين يظلون على الخطوط الأمامية لمدة 15 يومًا ويحصلون على عطلة لمدة 15 يومًا، ويحصل الجندي على راتب 345 إسترلينيًا شهريًا، وبعضهم يعمل في وظائف أخرى بدوام جزئي لمواكبة متطلبات الحياة".
وتعاني قوات "البشمركة" الذين يزيد عددهم عن 100 ألف جندي من تأخير الرواتب نتيجة النزاع بين الحكومة الإقليمية في أربيل والحكومة في بغداد، ويعد تأخير رواتب القطاع العام من أسباب سيادة السخط في المنطقة.
وتعمل العديد من قوات "البشمركة" تحت سيطرة الأحزاب الكردية الحاكمة بدلًا من وزارة "البشمركة" ما يهدد بمزيد من التفكك في المنطقة التي شهدت حربًا ضروس في فترة التسعينات، وتعاني حاليًا من أزمة مالية وتهديدات أمنية وحالة من السخط الداخلي.
وبيّن السيد ميرو أنه كان الأخ الأكبر لستة أطفال وكان والده يعمل راعيًا، مضيفًا: "لم أستطع الذهاب إلى المدرسة الابتدائية بسبب المشاكل المالية، وأراد والدي أن أذهب إلى المدرسة لكنه كان كبيرًا في السن ولديه مشاكل في عينيه، ولذلك ذهب إلى رعاية الأغنام بدلًا منه، وكنت أعتني بجميع أخوتي، كنت لهم بمثابة الأب ولم أذهب إلى المدرسة من أجلهم حتى يتمكنوا من الدراسة".
وأشار إلى أن سببًا آخر جعله يبدأ في الاهتمام بالدراسة بخلاف الخطر الذي يواجهه في القتال، وهو أن لديه طفلان عمرهما (6 أعوام) والآخر (8 أعوام)، مردفًا: " أخبرتني زوجتي أنه من الأفضل للأطفال أن أكون متعلمًا، وفي الوقت نفسه يساعدني ابني في أعمال المدرسة".
وانضم إلى المدرسة الليلية أيضًا مشير فاتح (46 عامًا) والذي ترك الدراسة منذ فترة الثمانينات بسبب سياسات الرئيس الراحل صدام حسين القمعية ضد الأكراد، مضيفًا: "كنت تحت التهديد في المدرسة إما أن أنضم إلى حزب البعث أو أن أصبح مقاتلًا في البشمركة في الجبال، ولم أكن أريد الانضمام إلى الجيش العراقي".
والتحق فاتح بـ "البشمركة" في عام 1991، وفي عام 2013 قرر العودة إلى المدرسة للتعلم وتوقفت الدراسة مرة أخرى بسبب الحرب ضد "داعش".
ويقاتل فاتح حاليًا على شمال خط المواجهة في الموصل كما يدرس التاريخ والجغرافيا واللغة العربية في المرحلة الثانوية، وتعلّم في المدرسة ضرورة احترام الحياة البشرية وأن لا يكون مثل تنظيم "داعش" المتطرف.
ويعمل عمر عزيز (31 عامًا) في وزارة مستودع الأسلحة والذخيرة لـ "البشمركة"، حيث يقوم بتسليم الأسلحة والذخيرة على طول خط المواجهة بمساحة 600 ميل، وتعني الصعوبات المالية أنه لا يمكنه الانتهاء من المدرسة الثانوية، وتساعده المدرسة الليلية في عمله.
وأردف عزيز: "نحتاج إلى فهم التكنولوجيا الجديدة مثل أنظمة جي بي إس التي تسمح لنا بالذهاب مباشرة إلى خطوط المواجهة دون أي أسئلة مع القدرة على الاعتماد على الذخيرة وقراءة الأرقام ونماذج الأسلحة".
ولفت عزيز إلى تعاون المعلمين في المدرسة الليلية، موضحًا أنهم يأخذون بعين الاعتبار الصعوبات التي يواجهها الطلاب البالغين.
وأفاد مدير إحدى المدارس والذي كان والده يدير مدرسة في الجبال إلى أن مدارس "البشمركة" ليست ظاهرة جديدة، حيث كان المقاتلون يتلقون تعليمهم خلال حربهم ضد الحكومة العراقية في الجبال والكهوف، وكانت الدروس تتوقف أحيانا للاختباء من الهجوم.
وأضاف ميرو وهو يظهر كتبه التعليمية: "هوايتي الآن هي التعلم، بعض الناس ترغب في الزواج مرة ثانية ولكن هدفي هو التعلم".
أرسل تعليقك